الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية مطلب الأحرار

محمد الشريف قاسي

2014 / 12 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الديموقراطية هي وسيلة الحكم الراشد ، في تنظيم العلاقة بين الحاكم و المحكوم ، و تحديد الحقوق و الواجبات لكل منهما، فيها من السعة و المرونة ما يجعلها تناسب كل نظام و زمان
و مكان، لأنها إجتهاد بشري بعد سنين و قرون من الصراع
و الثورات توصل إليها العقل بعد هذه التجارب و التطبيقات في محاولة إسعاد المواطن و خدمة الوطن و الدفاع عنه من كل فيئات المجتمع. لأنهم يدافعون عن كرامتهم و حريتهم.
و لذلك فهي نظام سياسي و إجتماعي يكون الشعب فيه صاحب السيادة و القيادة عن طريق ممثلين حقيقيين (لا مزيفين) عنه في تسيير شؤون الوطن و المواطن. لأن أزمة التسيير هي التي قادت الشعوب و النخبة إلى هذا النوع من الحكم الراشد. عكس الأنظمة الديكتاتورية التي تأله و تقدس الحاكم سواءا كان فردا أو جماعة أو قبيلة، على حساب الشعب و الوطن مهما كان. و الديموقراطية لا تفرض بالقوة
و القهر و الإكراه بل تنبع من الأعماق، أي من القلب و العقل، و ذلك بتغيير الذهنيات التي تقود إلى تغيير السلوك، فالسلوك الديموقراطي أو الديكتاتوري يختلف بإختلاف التربية ( أي المعتقد).فمن يعتقد أنه على صواب أو أنه أقوى و أعلم من غيره( عقدة الفوقية) فلبد أن يكون سلوكه وفق هذا المعتقد ، فلا يمكن أن يسمع لغيره لأنه يرى غيره دونا( الدونية) منه علماو قوتا و صوابا، و لا يمكن له أن يرى ضرورة لإشراك غيره معه كما لا يمكنه أن يعترف بالخطاء ... حتى و إن حصل له مكروه ما، فسيكون تبريره حتما الغير مهما كان هذا الغير، قد يكون المكتوب و القدر، قد يكون الله، قد يكون الشيطان، قد يكون الجن و السحر و العين، قد يكون الحساد، قد تكون الظروف، فإن كان حاكما قد يرمي الكرة للشعب (الغاشي) أو المؤامرات الخارجية أو للمعارضة الداخلية
و الخونة و المندسين. و إن كان في المعارضة حتما يكون فشله سببه له النظام و المخابرات. و إن كان من عامة الشعب كل ما يصيبه ألصقه بالنظام و الحكم الفاسد أو بالعلماء
و المسؤولين... المهم أنه بريء (براءة إخوة يوسف من أخيهم). قد يكون ما يكون، المهم أنه هو بريء و لا لوم عليه وهكذا تتكون الديكتاتورية في عقول الناس، عندما لا يعترفون بأخطائهم و لا يعيدون حساباتهم و يرمون كل المصائب على غيرهم (ضربتني حجرة) (ضربني الباب) ( أ ربحنا أم خسروا) هذه العقلية اللاعقلانية جعلت الشعوب أنانية
و عاطفية لا تحركها إلا المؤثرات العاطفية، كإنتصار فريق كرة قدم أو إنهزامه، فالإنسان الذي تحركه شهوة العاطفة من حب و كراهية يصبح أقرب إلى الحيوانية و البهائمية، أي ما أسميناها ( حيونة الإنسان) فهو إن أحبك جعلك إلاها و إن كرهك جعلك شيطانا مريدا، فهو لا يعرف من الألوان إلا الأبيض و الأسود، فهو لا يرى إلا بعين واحدة رغم أن الله تعالى أعطاه عينين إثناتين. لذلك فعالمنا العربي
و الإسلامي المتخلف، الكل فيه يتهم الكل و يبريء نفسه ، فالحاكم و النظام يتهم الشعب بالمسؤولية عن الأوضاع المزرية و المتعفنة و الشعب يتهم النظام و الحكام،
و المعارضة تتهم الكل، و كلهم يسبون الظلام و ينقدون الأوضاع و يتفننون في ذكر المشاكل، لكن الجميع لا يمارس النقد الذاتي و يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه و أنه هو واحد و طرف من أطراف الأزمة ، و أن الحل يبدأ من عنده
( النقد سهل لكن الفن صعب) كما يقول المثل الفرنسي،
و( الجمل لا ينظر إلا لحدبة غيره ) كما يقول المثل العربي،
و لذلك فالتغيير و الإصلاح يبدأ من النفس و المحيط ، فالكل مسؤول حسب قدرته و في إيطار إمكانياته و قدراته في إصلاح نفسه و أهله و محيطه ... إن القضية هي قضية إيمان بالتغيير و الإصلاح ، فلو أن كل قادر منا غرس شجرة في السنة أمام محل سكناه لأصبح محيطنا كله أخضر (لو كانت بيد أحدكم فسيلة و إستطاع أن يغرسها قبل أن تقوم الساعة فليغرسها، فله بذلك أجر)، و لو أن كل قادر منا أماط الأذى من الطريق لأصبحت طرقاتنا و شوارعنا مثل شوارع أوربا في النظافة و النظام. إن الدين الذي أمرنا بإقامة الصف في الصلاة و بالغسل و الوضوء و إماطة الأذى و إعطاء الطريق حقه لجدير بنا أن يجعلنا أكثر شعوب العالم نظافة و نظاما،
و لكن أين العقيدة و الفهم السليم لهذا الدين العظيم ، فالطقوس التعبدية و الشعائر الدينية وحدها لا تكفي في تغيير ذهنية شعب و التحول به من الهمجية و اللامبالاة و البدوية إلى التحضر و اللإنتظام و التقدم للأمام . (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون ).َ
إن دين يأمر بتزكية النفوس و تطهير القلوب من الحقد
و الكراهية للأخر، و بالبذل و التضحية من أجل إسعاد الأخرين لجدير بالإهتمام و الدراسة، لو وجد التربة الصالحة في شعب عنده قابلية للتغيير و النهظة. لكن شعب يتمسك بالشكليات و المظاهر الخادعة و المنافقة و لا يغوص في الأعماق و فهم المقاصد، لا يمكنه أن يتقدم خطوة واحدة للأمام، لذلك قال ذاك الإصلاحي العربي الذي سافر إلى أوربا
( وجدت الإسلام بلا مسلمين) ، شعب لا تحركه إلا العواطف سواء عاطفة الحب أو عاطفة الكراهية و الحقد ، لا حدود عنده للحب أو الكراهية ، فإن أحب رضي بالعبودية و الخنوع لمحبوبه، وأعطاه كل القداسة و التبجيل ، فمنهم من يعبد المراءة و منهم يعبد المال و الأثرياء و منهم من يعبد الحكام و المسؤولين ( عليك السمع و الطاعة لولاة الأمور حتى و لو ضرب ظهرك و سرق مالك و فعل في أهلك) و منهم من يعبد العلماء و المشايخ ( شيخ الإسلام و مفتي الديار و...)،
و منهم من يعبد نجوم الكرة و الفن، في مجتمع يعيش بقلبه وعواطفه الكل له صنم يعبد ، صنم يصنعه ثم يعبده و إن جاع أو غضب أكله.و إن حركته عاطفة الحقد و الكراهية للأخر تحول إلى واد ثائر يدمر كل ما وجد أمامه، أو حيوان مفترس جائع يتلذذ بالقتل و سيلان الدماء، بلا شفقة ولا رحمة، لا يعرف للعرف أو القانون أو المباديء أو الدين أو الإنسانية سبيل، الكل عنده مباح من أجل أن يشفى غليله، فهو في حالة طواريء و ثوران و هيجان لا يرتاح حتى يدمر و يكسر
و يسفك الماء ، و هذا ما تراه في ملاعب كرة القدم و ما قامت به الجماعات التكفيرية التفجيرية و ما قامت به الحكومات الديكتاتورية ضذ شعوبها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر