الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على من ينطبق الحد - ولد امخيطير أم النظام الموريتاني ؟

عبد المجيد بن حادين

2014 / 12 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كما نعلم جميعا فقد حكم القضاء الموريتاني على الشاب محمد شيخ ولد امخيطير بالإعدام رميا بالرصاص تطبيقا لحد الردة بعد كتابته لمقال ربط فيه بين الطبقية و الإسلام مستدلا بأحداث تاريخية استقاها جميعها من كتب السيرة و الحديث و التراث الإسلاميين، الحكم خلف حالة فرح واسعة في صفوف الشارع الموريطاني، الذي استمر تحريض التيار الإسلامي له ضد ولد امخيطير منذ يناير 2014 و الى ما بعد النطق بالحكم، الشارع الذي في غالبيته لم يقرأ المقال و حتى ان قرأه اعتقد لعدم اطلاعه و اعتماده على الشيوخ، أن الكاتب اختلق القصص التي ذكرها من مخيلته و لم يستقيها من أصح الكتب بعد كتاب الله (صحيح البخاري). الكتاب نفسه الذي اعتمد عليه المشرع الموريتاني في صياغته للمادة 306 من القانون الجنائي، التي تقضي بإعدام المسلم المجاهر بالردة بعد استتابته، و إعدام المرتد الذي يظهر الإسلام رغم ردته دون استتابة، و اعدام تارك الصلاة سواءا اعترف بوجوبها أم لم يعترف.
ولد امخيطير هنا يدخل في خانة المرتد المظهر للإسلام، الذي يقتل دون استتابة، تطبيقا لحد الردة. لن أدخل في نقاش هل ارتد ولد امخيطير أم لم يرتد ؟ و لن أصرخ بأعلى صوتي مستنكرا تدخل القضاء في معتقدات الانسان، و داعشية القانون الموريتاني المانع لحرية التعبير. بل سأخاطبهم بلغتهم و سأتعمق قليلا (كغير مختص) في هذا الحد اللعين الذي يسلطه الإسلاميون على معارضهيم كلما قلت حيلتهم و انعدمت حججهم.
بالعودة للقرآن، نجد أنه لا وجود لأي حد ولا عقوبة بهذا الإسم، رغم تطرقه لعقوبات أخرى من قبيل السرقة و الزنى، كل ما نجده هو آيات كثيرة و كثيرة جدا تتحدث عن حرية المعتقد و مخاطبة الدين للعقل ﴿-;---;--لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ﴾-;---;-- البقرة 256 ، ﴿-;---;-- وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾-;---;--البقرة 29 . ﴿-;---;-- فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، ... إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ْ﴾-;---;-- الغاشية 21-26، بل إن كلمة الردة بذاتها وردت في الآية الرابعة و الخمسين من سورة النساء ﴿-;---;-- يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾-;---;-- و الكثير من الآيات المشابهة التي لا يتسع المجال لذكرها، كلها تتحدث عن ضرورة الاقناع و المحاججة و ليس الإكراه، و تجعل للكفر و الردة عقابا أخرويا، بل إن آية الردة في سورة النساء، تحاول اغاضة المرتدين، بتذكيرهم أن الله ليس بحاجة لهم، و انه سيستبدلهم بقوم يحبونه و يحبهم. فهل يعقل أن يناقض القرآن نفسه فيدعوا الى قتل المرتد؟ طبعا لم يفعل هذا، و لكي نجد أثرا لهذه العقوبة التي لا أثر لها في القرآن الذي يغص بالآيات المناقضة لها، علينا أن نعتبر أن الله أغفلها رغم خطورتها، و أنه ندم على تسامحه فطلب من الرسول أن يشرعها عبر حديث يروى عنه دون أي اثبات و بالتالي علينا العودة الى كتب الحديث، أو الصحاح كما يسميهم الإسلاميون (أصح الكتب بعد كتاب الله). حيث نجد حديثا رواه البخاري بعد قرنين من وفاة الرسول عن شخص يدعى أبو النعمان عن شخص يدعى حماد عن و أيوب عن عكرمة نصه (( من بدل دينه فاقتلوه ))، سنسلم جدلا بصحة الحديث و وروده على لسان الرسول، و صحة الكتاب رغم احتوائه لعشرات الأساطير التي لا تطابق لها مع جوهر القرآن ولا مع العقل، ثم نبحث عن حديث آخر يؤكد لنا تشريع الرسول لهذا الحد، و ربما يبين لنا سياقه.
يروي البخاري و مسلم عن ابن مسعود الحديث التالي ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )) حيث كان بإمكان الرسول –إن صح الحديث- الاكتفاء بعبارة (التارك لدينه) مادام حكم القتل مرتبطا بترك الدين، لكنه أضاف عليها، (المفارق للجماعة) و الجماعة حينها كانت تعني الدولة الإسلامية في المدينة، و التي كانت بالضرورة في حالة حرب مع كفار مكة و حلفائهم. الحرب حينها كانت تستدعي النفير العام، لقلة الأعداد، فالمسلم سيكون بالضرورة ضمن جيش المسلمين مقاتلا أو خلف الجيش محرضا و مساعدا إن عجز عن القتال، و مفارقته للجماعة تعني انتقاله الى جانب الآخر، مقاتلا بين صفوف العدو. أي أن الحديث هنا يحكم بقتل الخائن، كالمهاجر الذي يعود الى صفوف قريش مثلا و هو بذلك مفارق لجماعته، و ليس المرتد الذي قرر تبديل دينه دون أن يقاتل دولته، و قد سار في هذا التفسير العديد من رجال الدين منذ عصور لكن صوتهم لم يسمع وسط جعجعة المتطرفين.
نعود بعد أن وضحنا هذا الأمر الى سياقنا، و هو قضية الشاب الموريتاني محمد ولد امخيطير المحكوم بالإعدام حدا، لنعرج على الآية ﴿-;---;-- قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ-;---;-- إِلَيَّ ﴾-;---;-- التي تنسف تهمة الإساءة للرسول من أساسها، لنتساءل مسملِّين جدلا بتركه للدين. هل كان ولد امخيطير بعد ردته المزعومة هو من وقع اتفاقية نفايات العدو الصهيوني في جوف الأرض الموريتانية ؟ من المرتد اذا ؟ و من تنطبق عليه عقوبة حدكم هذا الذي كسرتم رؤوسنا دفاعا عنه ؟ شاب عبر عن رأيه بما يخالف رأيكم، لإصلاح شأن أمتكم؟ أم نظام خان شعبه، فارق جماعته و أمته و تحالف مع العدو، و دفن نفاياته الخطيرة في جوف أرضه معرضا شعبه للخطر، و مساهما في قتل اخوانه في فلسطين ؟ هنا لا نتبنى ثقافة الحدود و العقوبات العائدة الى 1400 سنة، ولا تفريطا في الإيمان بحرية التعبير و المعتقد، بل فقط نحاول مخاطبة الاسلاميين بلغتهم، و ان كانت عقوبة الخيانة معلومة و متشابهة في كل الشرائع الدينية و غير الدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran