الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو الغرض من وجود الاسلام الداعشي؟

عادل احمد

2014 / 12 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قتل 132 طفلا و9 من الموظفين في احدى المدارس في باكستان، قتلت ام لثلاث اطفال في احدى المقاهي في مدينة سدني الاسترالية وهي تحاول انقاذ الرهائن، وفي نيجيريا قام الاسلاميين من جماعة "بوكو حرام" بقتل 35 طفلا واختطفوا 185 طالبة من احدى المدارس الثانوية، وداعش قتلت الاف ودفنتهم في مقابر جماعية.. واغتصبوا مئات النساء واختطفوا الاطفال في كل من العراق وسورية و...الخ. هذه هي عناوين الاخبار في جميع الصحف والمواقع الالكترونية والقنوات الفضائية في جميع انحاء العالم. احدى الطالبات في جامعة تورنتو سألت بهذا الصدد "ماهو هذا العالم الذي نحن نعيش فيه؟"
ان هذا سؤال ومكان استغراب في ان واحد. الم يكن من المستغرب في القرن الواحد والعشرين وفي عالم الحضارة والتكنولوجيا والعلم! لا تزال هذه العناوين تتصدر جميع الاخبار؟! الم يكن من المستغرب بعد مرور 225 سنة على الثورة البرجوازية الفرنسية والتي حملت شعار "الحرية والاخاء والمساواة"، لا يزال عدم وجود مكان لمعاني كلمات هذا الشعار في حياة الناس؟ أليس من المستغرب بأن العلم والحضارة تتجول في اعماق الكون والنجوم، ولا يزال البشر يقتل بسبب معتقداته وافكاره او بسبب نقده للنظام الاقتصادي والسياسي الرأسمالي؟
ان العالم الرأسمالي العالمي يعيش اليوم في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة. والازمة الاقتصادية دائما تهدد وتقرب هذا النظام من الموت والزوال، لان الاساس الاقتصادي للنظام الرأسمالي المتمثل بسيطرة الملكية الخاصة على وسائل الانتاج متناقض مع نمو القوة المنتجة. وان هذا التناقض في طغيان الراسمال على العمل يشكل اساس كل المشاكل والمعاناة في عالمنا اليوم. وعندما تمر علاقة الرأسمال مع العمل بأزمة، يجر المجتمع الرأسمالي برمته الى الازمة. وان انتعاش الاسلام السياسي وخاصة النموذج الداعشي في الوقت الحاضر هو حاجة البرجوازية لهذا النموذج البربري، لاشعال العالم بصراع الحضارات والخوف بفناء البشرية. ان خلق نموذج الاسلام الداعشي هي الاجابة الرأسمالية على ازمتها الاقتصادية. ان التصور بأن الاسلام الداعشي بحد ذاته يهدد المجتمع البشري، كذب ورياء كبير خلقته البرجوازية لابعاد وعي ونظر المجتمع عن السبب الاصلي لتهديد المجتمع البشري، وهو النظام الرأسمالي نفسه والذي خلق مئات الحركات الداعشية تحت مسميات مختلفة عندما يكون هناك تهديد لنظامه.
ان رجوع الاسلام الداعشي الى الواجهة بهذه الوحشية والبربرية ما هي الا احدى الحلول لمواجهة الاعتراضات العمالية والجماهيرية المتنامية ضد النظام الرأسمالي. مثله مثل انتعاش النازية والفاشية طوال الازمة الاقتصادية والتي ضربت العالم الراسمالي في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن الماضي في مواجهة الاعتراضات العمالية وخطر الثورة البلشفية. اذن الاسلام الداعشي لا يتناقض مع مصالح الرأسمالية العالمية, بل يصب في مصلحتها ويخدمها سياسيا حتى تمر الراسمالية في ازمتها بدون مخاوف قاتلة. مما لاشك فيه بأن مصدر الاسلام الداعشي والطالباني هي السعودية وايران وان هذه الدول هي مصدر الارهاب الاسلامي في العالم وخاصة باكستان وافعانستان والعراق وسورية وليبيا واليمن والمغرب العربي.. وان هاتين الدولتين مدعومتين من قبل امريكا والغرب من جهة وروسيا والصين من الجهة الاخرى. وهاتين الكتلتين في صراع الدائم لمواجهة الازمة الاقتصادية العالمية للرأسمالية الحالية بوجهتي نظر مختلفتين.
اذن القضاء على داعش وامثالها لا يأتي عن طريق الضربات الجوية من الغرب وامريكا. بل تأتي بتجفيف مصدره في السعودية وايران. وتجفيف هذه المصادر متناقض مع مصالح الرأسمال العالمي وخاصة في الظروف الحالية من الازمة. وان احد الحلول في وجهة نظر البرجوازية الغربية لحل ازمتها هي ابراز الدور الخليجي وانشطته النفطية وفعالياته السياسية في الشرق الاوسط، لحل وفصل حركة الرأسمال الغربي والسوق وانتعاش حركة البضائع من والى منطقة الشرق الاوسط، وتثبيت اقدام الرأسمال الغربي وخاصة امريكا بقوة في تفاصيل حياة المواطنين في هذه المنطقة. اذن ليس من مصلحة الدول الغربية زوال الاسلام الداعشي بل استمراره مفيد جدا في الوقت الراهن. وان كارل ماركس كان محقا حين قال بأن الاديان هي افيون الشعوب! وكان كورش مدرسي على حق ايضا عندما قال بان الاسلام السياسي ليس افيون وحسب بل وقاتل الشعوب ايضا!
ان البرجوازية كنظام سياسي بكل اجنحتها البرلمانية والليبرالية او العسكرية او الديكتاتورية متناقضة مع مصالح البشرية العصرية والمتحضرة الحالية. واثبت التأريخ البشري بأن النظام الرأسمالي عندما يمر بأزمة لا يتأخر طرفة عين في خلق ابشع واقذر الحركات السياسية او الجماعة القاتلة بوجه الثوريين والمناضلين من اجل خلق عالم افضل من عالمهم. ان التحرريون والثوريين الذين يناضلون من اجل انهاء ماسي ومعاناة الجماهير المحرومة الذين يواجهون في حياتهم العامة اقذر حركات عرفتها البشرية، أن البرجوازية دائما تعرقل بناء عالم السعادة والرفاه وعالم المساواة للجماهير. وليس من الصعب على المرء ان يتعرف على مصادر الحركات السياسية الرجعية في يومنا هذا بسبب توافر المستلزمات والقنوات المعلوماتية المختلفة ومهمتها اذا قمت بتبسيط جوهر تناقض النظام الحالي وقنونة حركته اي صراع العمل مع الرأسمال والمصالح الطبقية في كل خطوة يخطوها المجتمع والطبقات. ان حقا مهمة الرأسمالية في التأريخ هي تبسيط الصراع بين طبقات عديدة ومعقدة الى صراع بين طبقتين مختلفتين ومتصارعتين ومتناقضتين هما الطبقة البرجوازية والطبقة العاملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و


.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف




.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa