الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تمرد يتعدى الخطوط الحمر
حامد حمودي عباس
2014 / 12 / 29حقوق الانسان
حينما يصيب الجفاف وديان العقل وشعابه ، وتشل حركة التفكير عند نقاط الاحساس بالأشياء فيه ، وحينما تبدو الحياة عند أدنى مستويات علاقتها بالجمال .. تتوقف حركة كل شيء مفيد ، ويبقى جميع ما ينشط به ذلك العقل الناشف ، هو مجرد محاولات للبقاء ضمن دائرة الفعل ، مهما كان نوعه ، ليقال عنه بانه عقل حي .. هكذا هو حال الجزء الفاعل من جسدي ، أنا على الاقل ، إذ لا يترك لي محيطي القريب والبعيد ، مجالاً أن امتد بحواسي خارج اقفال عصية الفتح ، وضعها لي وطني ومجتمعي ، وسنتها من حولي قوانين هي اقرب الى كونها أعراف جامدة المعاني ، توقفت عند امتلاك مهمة القتل والتعزير واخذ الدية .
ماذا يبقى للمرء من تفسير يجسد كينونته باعتباره أثمن ما في الوجود ، وباعتراف كافة سنن الارض وما تنزل من السماوات ، لو ضاعت منه حقوق المواطنة .. ماذا يبقى منه لو شعر بدونيته بفعل نواميس ليس فيها من حق ولا منطق ؟؟ .. ماذا يبقى له من معنى لو اصبح عاجز تماماً عن الاستجابة لأبسط عواطفه الجسدية والفكرية حتى الدنيا منها ، ولو فاق الحيوان عليه بالتعبير عن تلك العواطف ، وعلى سجية اضحت أمنية لا يطالها هو ، ولا افراد اسرته ، وبشكل يدعو الى الاشمئزاز والقرف ؟ ..
لقد أوحى الله الى جميع انبيائه ورسله ، بأن للحياة وجوه يشع منها الجمال ، بل كان وعلى طول الخط ، يفخر بكونه جميل ، وهو بالتالي صاحب شأن بخلق كل ما هو حسن في الطبيعة من حولنا دون استثناء .. فبأي وجه حق اذن ، أمنع وغيري ، من ارتشاف رحيق ما يبدو لي حق من حقوقي كفلته لي سنة خلق الكون ، والتي لم تتوقف عند حدود القبح في أي من مواضعه ، ودعت للتمتع ، وبحرية ، بحقوق التصرف بمناهل الجمال ، زهرة كانت ، أو سمكة تسبح في بركة صغيرة من الماء ، أو من خلال التطلع الى وجه امرأة يوحي بملامح العشق التي ورثها الانسان منذ بدء الخليقة ؟ .
العالقون في وحل الحرمان ، وبكل اصنافه ، وأنا منهم ، لا يستطيعون على ما يبدو ، مقارعة هذا الطغيان السافر من الممنوعات ، والملصقة محاذيره عند كل باب وكل ناصية ، حتى بدا الاقدام على أي فعل بشري مهما كان نظيفاً من بواعث الشر ، متوقف على قبول الذوق العام من عدمه ، الذوق الذي لم يستشر أحد بوضع تفاصيله .
في حال كهذا .. ومن خلال محاولة تمرد يتعدى الخطوط الحمر ، أجدني احياناً ممتلك لنفسي بعيداً عن طغيان الممنوع والحرام ، انه مجرد تمرد يلفه الصمت ، وتحكمه نواميس الخوف من العواقب ، فيأتي على شكل يشبه وخز بالونة افسد محيطها الداخلي هواء مضت على وجوده آلاف السنين ، لتنطلق منها زفرات ساخنة تخفف عنها الآلام السرمدية ولو الى حين ..
ثمة وجه لامرأة طلت شفاهها بشهد رضاب لا يدعو الناظر الى تقبل الاستسلام ، وقد تكون عابرة ، غير أنني ، وبحيطة الظبية من اقتراب الذئب ، أقترف الفاحشة ، فاقبل تلك الشفاه ولو عن بعد .. اجول في رحابها بخواطري المعتلة ، فتشعر روحي بالراحة .. خيال يأخذني الى مقهى قديم في احدى المدن التركية العابقة بروائح التاريخ القديم ، وطاولة قد اتفنن في كيفية اكسائها بنبيذ مختلف الوانه ، احرص على ان يكون من بقايا قرون وليست سنين ، ازيح بواسطته هموم عمر باكمله .. وحدة لذيذة تمكنني ان اجتر افكاري بانسيابية لم يتعود عليها ابناء الشرق ، اتنفس بعمق ، امضغ طعامي كما اشاء ، ومن اي نوع اشاء .. وقد افعلها فيكون طعامي خالياً من شرط الذبح الحلال وعلى سبيل التجربة لا غير .
هذا بابانويل يعترض طريقي في شارع لم اعرف هويته ، وفي أي بلاد يكون ، يمازحني ، يدعوني الى عرض ما لدي من أمنيات بحلول العام الجديد .. اتجهم .. ابتسم ، ثم تهطل الدموع غزيرة من عيوني فيبكي بابانويل معي .. يأخذني الى زاوية ليست بعيدة .. يتطلع الي متوسلاً أن انطق امامه بما اتمناه ، فهذا ما تتطلبه مناسك ولادة سنة جديدة في كل انحاء العالم ..
همست في أذنه وبحذر ..
ما اتمناه .. هو الحرية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - إن الله جميل مع غياب ثلاث طائرات في سنة بمعرفته
ليندا كبرييل
(
2014 / 12 / 30 - 04:14
)
عزيزي الأديب القدير أبو رافد ونورس المحترم
كيف حالك عزيزي حامد؟
مقطوعة فنية طالعتني من أول الصباح فشكراً لحضورك العزيز
لم ألتقِ ببابا نويل، إنه حزين هذا العام، الموت في كل بلد عربي وأجنبي، فكيف يفرح؟
هل الله جميل وسعيد وهو يرى كل هذا القتل الذي يتمّ بتدبيره الذي قرره على عباده؟
هل الله سعيد وهو يرى اختفاء ثلاث طائرات اثنتان منها لم يعرف مصيرهما إلى الآن؟
لا أريد أن أفهم هذه المعادلة الإلهية بهذه الصورة
يصعب علي أن أقرن فكرة الله القادر على شيء والمحدد مصائرنا والعارف بما ينتظرنا بكل هذه البشاعات
عزيزي الأستاذ حامد
يسرني أن ألتقي بشخصك الكريم في اليوم قبل الأخير من العام الجاري، لأتقدم إليك بال... يللا ~ بالتهنئة .. راجية لك ولعائلتك ال.. يللا ~ أمري لله .. راجية لك ولعائلتك السعادة والهناء .. والسلام لأرض العراق العزيز وللعالم
والله يا أستاذ حامد أشعر أن لساني ينطق بكليشة لا معنى لها
لكن لا يجوز أدبيا أن تمر المناسبة دون أن نقول الجملة التي فقدت كل معنى مع الموت والدمار والانسحاق:
كل عام وأنتم بخير
لا تغِبْ عنا طويلاً فحضورك ثري
2 - مرحبا ليندا
حامد حمودي عباس
(
2014 / 12 / 30 - 15:18
)
لابد لنا وان نبقي لانفسنا حق التمني حتى ولو على حساب الحقيقة .. وعدا ذلك فاننا نكمل رسم لوحة الموت التي تطاردنا صباح مساء .. تحياتي لك سيدتي ليندا ، . يمر خيالك بي دائما حينما تطالعني اخبار سوريا ،
وان كنا جميعا تعصف بنا الكوارث .. على كل حال ، فانني ارى باننا علينا ان نوقد شمعة مع كعكة اعياد الميلاد رغم كل شيء ، هكذا فعلت انا حيث حرصن بناتي على حضور ما تعودنا عليه في كل عام رغم المحن .. امنياتي لك بالمزيد من مشاعر الحب وامتلاك الوقت للاقتراب من معاني الجمال ، مع خالص مودتي
3 - خيال الفنان هو منقذه
فاتن واصل
(
2014 / 12 / 30 - 18:03
)
لو لم تكن فنانا لكان الواقع قاتلك، خيالك الرائع صور لك التمرد والمتعة والاحساس بالجمال وحصلت من خلاله على حريتك وحرك طاقتك الابداعية اللانهائية، وهي نبع كما عودتنا لا ينضب أبدا.. لا يهزم الفنان إلا عزوفه عن التعبير عن نفسه والانزواء بعيدا، حتى لو كان واقعه مرّ.
أستاذ حامد مقالك موجع لكنه معزوفة رقيقة اللحن عذبة الجمال.. لا أتمنى لك إلا كل الخير ، لكن لو كان الواقع القاسي هو ما دفعك لتنسج مثل هذه الغلالة الرقيقة .. فماذا أقول !! أتمنى لك ولأسرتك عاما سعيدا ملئه الأفراح رغم أنف المتخلفين.
.. رسالة #الجولاني لـ #بشار_الأسد ورؤيته لمستقبل #سوريا ووضع ال
.. مندوب العراق في الأمم المتحدة: أحكمنا السيطرة على حدودنا مع
.. مسلحون يقتحمون سجن السويداء المركزي جنوب شرق سوريا ويطلقون س
.. لحظة خروج معتقلين من سجن السويداء المركزي بعد سيطرة فصائل مس
.. #شاهد -نتنياهو مطلوب للعدالة-.. لوحة جدارية في مدينة برمنغها