الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وما التاريخ إلا رغبة في السلطة

بلال يوسف الملاح

2014 / 12 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما الذي يفسر قيام شخص بقتل شخص آخر؟ وما الذي يفسر قيام جماعة بقتل وتهجير وممارسة كل إشكال العنف ضد جماعة أخرى؟ وما الذي يفسر قيام أمة بقتل أمة أخرى؟ أنه نفس الشيء الذي يفسر اكتشاف الإنسان للنار، واختراع الإنسان للسيارة، وترويضه للحيوانات، وتقطيعه للشجر، وتعديه على الشارع، ورميه للقمامة في الطريق، الأمر مرتبط بمفهومين القيمة والسلطة.
1. القيمة: أن مجموع ما يعتقده الإنسان يجعل من قيمة الآخر "صفر" والصفر لا قيمة له في كل المجتمعات، يتم تلبياس الآخر ثياب "الهدر"، وكما هو معروف في الثقافة العربية أن "المهدور دمه"، هو الشخص الذي أصبح دمه مباح، أصبح قتله ممكن، أضحت قيمته في المجتمع لا تساوي شيء، أن الباس الآخر هذا الثوب تجعل من يمارسون هذا القتل أقل تأثراً من الناحية النفسية، أن ممارسة القتل بدون توفر هذا الغطاء، غطاء "الهدر" يجعل من منفذي القتل "مرضى نفسيين"، بحاجة إلى زيارة العيادات النفسية بعد ممارستهم لهذا السلوك، ولكن توفير الغطاء الذي يتمثل في هذه العبارة، "أن الشخص الذي تقوم بقتله، إنما هو شخص مهدور دمه، بسبب عدم اعتناقه لأفكارك، أنه لا يستحق الحياة بحكم فكرك، لذلك وجب عليك قتله، لأنه سوف يقوم بقتلك إذا سنحت له الفرص، أنت تهدر دمه وهو يهدر دمك، وبالتالي من يكون أسرع في حمل السيف وتقطيع آخاه فقد نجا".
لقد تم تكثيف ما يعتقده الإنسان ليصبح مادة صلبة للكره، أن الشخص الذي تقوم بقتله لا يمكنك أن تشفق عليه، والسبب أن قيمة هذا المقتول قد هدرت.
2. السلطة (السيطرة): الإنسان لديه رغبه جامحة، قوية، عنيفة، عميقة، دفينة، مكبوتة، في السيطرة وامتلاك السلطة، ولولا دوائر السلطة البسيطة التي وهبها الله تعالى للإنسان في الحياة اليومية من أجل إبقاء التوازن الاجتماعي في الأرض، لحدث ما لا يحمد عقباه، أن الدائرة الأولى حب الإنسان في السيطرة على نفسه، من خلال اقتناعه بأفكار يعتقد أنها صحيحة، قادرة على تخليص المجموع من كل ما هو فيه إذا قام باقتناعها، وبالتالي يسيطر على كل غرائزه ويعمل على تقنيين نفسه من خلال هذه الإفكار، والدائرة الثانية الأسرة وخاصة الذكر الذي يرى من خلال سيطرته على زوجته وأبنائه كجزء من تحقيق هذه الرغبة الدفينة السلطة والسيطرة، والزوجة كذلك من خلال ما تقوم به من تمرير لأفكار معينه يقوم الزوج بتنفيذها اعتقاداً منها أنها تقوم بسيطرة رمزية على الزوج، وكذلك الطفل الذكر والطفل الأنثى وهكذا، وعندما تخرج من دائرة الأسرة إلى المجتمع وتستطيع أن تقوم بالتأمل في دوائر السيطرة والتحكم والسلطة، المدير والموظف وغيرها.
رغبة الإنسان في السلطة لم ولن تنتهي أبداً، وهي التي تفسر كل تصرفات الإنسان، أن ذهاب الإنسان إلى البقالة وشرائه حبة بندورة هي رغبته في السيطرة على الجوع، وما كتب في التاريخ دليل على ذلك كلنا يعرف "ملحمة جلجامش" ما الذي دعا جلجامش إلى خوضه كل تلك الحروب مع الآلهة، أنها رغبته في السيطرة على حياته، ليتمكن من الخلود وممارسة السلطة لأطول زمن ممكن.
وفي الختام يقول المركيز دي ساد "حتى نعرف معنى الفضيلة علينا أولا أن نختبر بأنفسنا الرذيلة" ولكي نعرف معنى الحياة يجب أن نجرب الموت، ولكي نعرف المعنى الحقيقي للسلام يجب أن نجرب الحرب، هكذا هو الإنسان، لا يعرف نعمة إلا عندما يفقدها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان أحياء إضافية شرق رفح إخلاءها ر


.. في سابقة إسرائيلية.. رسالة تحذير من رئيس الأركان لنتنياهو| #




.. مجلس الأمة الكويتي.. لماذا حلّه أمير البلاد وماذا تعني هذه ا


.. قيس سعيد يا?مر بمحاسبة من غطى العلم التونسي بخرقة من القماش




.. وصف بالأقوى منذ عقدين.. الشفق القطبي يزين سماء عدة دول أوروب