الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغريدة الاربعاء: طنجة

ابراهيم الخياط

2014 / 12 / 31
المجتمع المدني


في الطوفان، يروى أن سفينة "نوح" ضلت اتجاهها نحو اليابسة، ولكن عندما حطت حمامة على السفينة وفي رجليها وحل ـ ساعتها ـ صاح آباؤنا الراكبون، وصيحاتهم هي عبارة عن كلمتين يُفهم منهما: "طين" و"جاء".. فكانت "طنجة" التي منها ابتدأ "ابن بطوطة" رحلته الشهيرة..
هي مدينة عادية في النهار ولكنها تصحو وتشتعل في الليل، ويحج اليها المغاربة حتى نعتوها "عروس الشمال"، فيها كورنيش هائل، وساحات باذخة، وأسوار عالية، وأسواق نادرة، منها "السوق الداخلي" الذي خصّه "محمد شكري" صاحب "الخبز الحافي" بنص روائي.
ورغم أن الفقر مبذول في شوارعها بهيأة متسولين لكنها تعدّ مدينة أوربية، ولا تغالي اذا ما قلتَ أنها أجمل من نصف العواصم العربية وزيادة، وسحرها ليس في طلتها على قارتين وعلى بحر ومحيط، أو في اختيارها ميدانا لمغامرات المستر (007)، بل لأن فيها مغارة "هرقل" وهي كهف يعود لـ 3000 ق.م، وفيها مسرح "سرفانتس" الذي يعدّ تحفة معمارية اسبانية، وقد بني عام 1913 ويسع لألفي متفرج تقريبا، وفيها مقهى "الحافة"، وهذا المقهى أفتتح عام 1921 وبقي بسيطا في شكله. من رواده "محمد شكري" ذاته وكان من مجالسيه "جان جينيه" و"تينسي وليامز"، فيما كان يتردد على المقهى الممثل "شين كونري" والرسام "ماتيس" والكاتب "خوان كويتسولو"، ويقال أن "تشرشل" قد زار المقهى وألقى نظرة امبريالية على مضيق "جبل طارق".
ونرى أن معالم المدينة ترتبط باسم "محمد شكري" القاص والروائي الآتي من قريته "بني شكير" التي ينتسب اليها اسما، فهو "محمد شكيري" وذاع صيته بـ "محمد شكري" فاستأنس للتصحيف، ولكن الغريب أن لاتشاهد في طول "طنجة" وعرضها ما يدل عليه سوى (ميني مطعم) يحمل اسم عمله العالمي "الخبز الحافي"، وربما كان الخبز هو المحفز للمطعمجي، ولو أن الاغرب والاعجب هو خلو ساحات "المغرب" بأجمعها من أي تمثال أو نصب لرمز أو مأثرة أو حتى زعيم.
لقد سحرتني هذه الأخاذة التي طفت فيها بقية نهار ومستهل ليل، ولم اتخذها مستقرا لرحلتي المغربية اذ قتلت اسبوعين في "الرباط"، ورغم اني انتشيت بلقاء الشاعر الأثير "جواد وادي"، ولكن نصف يوم في "طنجة" كان أوقع على العين والقلب والقلم.
هنا، كان "بهلول" يتلصص على ما أكتب، فبادرني:
ـ اذا انته صدك رايح للمغرب، شنو اسم سوقهم اللي يشبه "شارع النهر" عدنه أيام زمان؟
فأجبته، أن اسمه "السويقة" ويقع عند سور "باب الاحد" في "الرباط". فلم يرق له جوابي ليبادرني ثانية:
ـ زين، شنهيه الاكلة الوطنية مالتهم؟
فأدرت وجهي عنه، مبهوتا لا عُرف لديّ ولا نـُكر، اذ اني تناولت هذه الاكلة الشهيرة التي تغطي كل موائد أيام الجمع هناك، ولكن كيف أخبر بهلولا بإسمها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا


.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3




.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona


.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس




.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف