الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليست هناك مرحلة من حياتك قررت فيها أن تكون مسلم ..

كمال بالمقدم

2015 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كل أمرك تقـــــليد رضيت به *** حتى مقالك ربي واحدٌ أحد [أبو العلاء المعري]

أنا معجب بهذا البيت حد الثمالة و أعتبره شديد العمق و هو ليس كما يخيل لبعض بأنه بيت لاديني أو إلحادي ... فمن وجهة نظري فمن الممكن أن يصدر من المؤمن أيضا ... إذا نظرنا للبيت و حاولنا تجنب فكرة تناوله من حيث [ نية ] أو [ معتقد ] القائل فسنجد أنه بيت لا يحكي شيء سوى الواقع ... في الحقيقة لا يمكن إنكارتأثير البيئة المحيطة بنا فهي من حدد جزء كبير من شخصياتنا كأفراد و لا يقتصر هذا على الدين .. لأنكـ لو نظرت للبيت من جديد فستجد جملة [ في كل أمركـ ] ... إذا أعتبرنا هنا أن [ التقليد ] كلمة قاسية قليلا ... فماذا عن مصطلح [ التأثير ] ...! أليس مصطلح واقعي جداً ...!؟

لكن السؤال هنا هو :

هل تأثير البيئة و الثقافة السائدة هو نفسه في مختلف المجتمعات البشرية ؟


بما أننا في مجتمعات منغلقة جدا فلو فكرت في نفسك فإنك قد تجد أن هناك القليل فقط من الناس الذين قابلتهم في حياتك قد خرجوا عن نسق و طبيعة المجتمع ... و هذا من وجهة نظري هو من خصائص المجتمعات قليلة الثقافة و الحرية .. و هي ما أستطيع أن اسميها [ مجتمعات مسبقة التخطيط ] بمعنى أنها مجتمعات تفرض على أفرادها بشكل مباشر أو غير مباشر أن يعيشوا حياتهم بطريقة معينة ...

ما لاحظته في هذه المجتمعات هو قلة أو انعدام الإختلاف ... تجد النظرة للحياة من قبل أفراد ذلك المجتمع واحدة ... طموحات الأفراد واحدة ... حتى المتطلبات و الممنوعات متشابهة ... بالمختصر مجتمع يفتقد للإختلاف .. بالمقابل في المجتمعات المنفتحة و الحرة فنحن نلاحظ إختلاف طموحات و إهتمامات الأفراد و إختلاف نظرتهم للحياة و تعاملهم معها .. إختلاف الأراء بين أفراد المجتمع حول الكثير من المسائل المهمة في الحياة .

هل نستطيع هنا أن نعبر عن مسألة تأثير البيئة المحيطة بالعلاقة الطردية الآتية : كلما زاد إنغلاق المجتمع كلما زاد تأثير البيئة المحيطة .... و العكس صحيح .؟!

و الآن إذا نظرنا للشطر الآخر من البيت و حاولنا تناول مسألة الديـــن فنحن نجد أن الدين مثله مثل بقية الأمور ... يتأثر بطبيعة المجــتمع ...فحالات التقليد و وراثة الدين بدون دراسة هي شائعة و منتشرة في المجتمعات المغلقة و المتشددة و التي يمنع فيها حتى مناقشة فكرة الدين .! بينما في المجتمعات المنفتحة و الحرة فإن الإختلاف الديني هو شائع بشكل كبير لدرجة أنك قد تجد عائلة مكونة من 3 أشخاص لكل فرد منهم دين مختلف ...

لو حاولنا الآن أن نترك مصطلح [ التأثير ] و ننتقل لـ [ التقليد ] .. فما مدى واقعية الفكرة ؟

التربية منذ الصغر ... التعليم الديني المكثف في المدارس ... الصلاة 5 مرات في اليوم ... كل هذه الجرعات الدينية منذ الصغر ... ألن تحول الدين إلى أمر مسلم به في مرحلة مبكرة جدا من حياتنا؟ و هذا ما أستطيع أن اسميه حقا بالـ [ التقليد ] ... زرع الدين منذ الصغر و جعله أمر مسلم به بالنسبة للطفل .. هل هو حقا اعتناق حقيقي عن قناعة للدين؟ لا أظن أنه بإمكاننا إعتبار ذلك إعتناق للدين بالمفهوم الصحيح للجملة ... لأن زراعة الأفكار في عقل الطفل يجعلها تمر بدون تفكير و تمحيص لتتحول فيما بعد مع الوقت إلى حقيقة ... و الأمر ليس بسهولة لو حاولت أن تقنع بالغ عاقل بنفس الفكرة ... لأنه سيعرض الفكرة ألف مره على عقله قبل أن يفكر أن يؤمن بها أو يعتنقها عن قناعة ...

إن عدت وفكرت في نفسكـ ... فستجد أنه ليست هناك مرحلة من حياتك قررت فيها أن تكون [ مسلم ] بل كلنا ولدنا و نشأنا و معنا هذا الدين ... بمعنى أننا لم نختره عن قناعة ... بل في الحقيقة هو من اختارنا ...

أعرف أن البعض قد يعتبر هذا كلام معادي للدين ... لكن أنا حقا لا يهمني هذا الأمر و أنا أتكلم عن واقع فعلا اراه من وجه نظري يسير بهذا الشكل بعيدا عن جميع الإعتبارات الأخرى ... مع العلم أن الفكرة هنا ليست مقتصرة على الدين .. بل أي فكرة أخرى يتم زرعها في عقل الطفل من قبل
الأهل و المجتمع بشكل عام و يرى من حوله يتعاملون و كأنها حقيقة مثبتة .. فهو سيتعامل معها أيضا كحقيقة مثبتة ...

إذا نظرنا للأمر بهذه الطريقة و حسب فلسلفة أبو العلاء فسنجد أن الكثير من الأمور في حياتنا قد اخترناها عن طريق [ التقليد ] و حتى الدين لا يستثنى من هذا عند ذلك المفكر و الأديب العظيم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah