الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحق في التنمية المستدامة

لبنى الحسن

2005 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن كانت مشكلة تصفية الاستعمار الشغل الشاغل لدول الخليج العربي للاستقلال السياسي، يتناول الإطار القانوني لبيئة العمل الخليجية من خلال دراسة التشريعات القانونية للدول الست للوقوف على إيجابياتها وسلبياتها، ووضع تصور قانوني أمثل للبيئة الخليجية بما يكفل تعزيز التنمية المستدامة للمواطن الخليجي وما يواجهه من وجه جديد للاستعمار تحت مسمى العولمة الذي عقدت له المؤتمرات في كل من سياتل، ودافوس، وجنوا، ودربان، وروما. هل سيموت الشعور القومي العربي أم العولمة ستبرز تيار عربي أكثر راديكالية لمواجهة العولمة؟ وتضع الدول الأقل تطوراً في دائرة التبعية الكولونيالية، وتدخل الشركات فوق القومية والمتعددة الجنسية لن يقف عند حدود العبث والنهب الاقتصادي، بل يجعل من هذه الشركات السلطة الفعلية في هذه الدول، تقرر مصائر شعوبها وحتى مستقبل ثقافتها، ويجري الحديث بأن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تساعد دول العالم الثالث للحاق بركب العولمة، عبر تقديم مساعدات كبيرة. إن شروط تقديم هذه المساعدات تعطل إمكانية استفادة هذه الدول من المساعدات، بل على العكس من ذلك تكبلها وتضرب كل برامجها التنموية القومية، وتجعلها كما أسلفت تدور في فلك التبعية السياسية والكولونيالية الاقتصادية للمركز الرأسمالي المتوحش، الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية، بما يملكه من إمكانات وقدرات عسكرية واقتصادية أسطورية، والحديث عن بروز تيار عربي أكثر راديكالية في وجه العولمة افتراض لا يأخذ بعين الاعتبار بأن فرض المفهوم الأمريكي للعولمة يمس كل فئات ومكونات الشعوب العربية، وبالتالي سيلقى مواجهة شاملة من كل مكونات المجتمع وتياراته، على اختلاف المواقع الفكرية والطبيقية. المفهوم الأمريكي لا يقوم على محتوى اقتصادي سياسي فقط، بل ينطوي على استلاب حضاري وثقافي، وهذا وحده يكفي لتفجير صراع ضده يتوحد فيه الجميع على اختلاف مذاهبهم الفكرية ومشاربهم الثقافية. ان الجمع بين قانون الخلق وملكية اللّه تعالى للكون، وقانون الاستخلاف، وقانون التسخير، يؤدي بنا الى حقيقة لا مراء فيها، وهي ان عمارة الارض عمارة شاملة لقوله: (وما خلقت الجن والانس الاليعبدون) »الذاريات: ‮٦٥‬«. لذلك فان هدف الخلق هو العبادة. والعمارة في الفكرالاقتصادي، تكليف شرعي، فهي عبادة لانها تؤدى كما تؤدى الفروض، الا ان لها صفة اجمالية تنحل الى احكام تكليفية تحفز كل مسلم. وهدف التسخير تهيئة الموارد باتجاه استخدامها لغرض العمارة، والغرض من الاستخلاف اقامة العدل وعمارة الارض هي الهدف المركزي للنشاط الاقتصادي، ولضمان المهمة واستمراريتها، بوصفها مسلسلة من الاهداف المرحلية، فانه يتطلب طاقات بشرية وموارد اقتصادية تبذل باتجاه تحقيق هذاالهدف الذي يكون حشدا من التكاليف الشرعية. ولما كانت الطاقات والموارد بحاجة الى تطوير مستمر، فان مهمة الانتاج والتوزيع والاستهلاك الاساسي تسير باتجاه هدف الانماء العام للطاقات، بما يضمن اشباع الحاجات لارتباطها بالهدف المركزي ذاك ومن الارتباط بين الحاجة والهدف صار للحاجة دور تستحق بمقابله بقاء طبيعتهاووسائل اشباعها وتوسيعها وتحسينها، (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة) »البقرة: ‮٠٣‬«، فالعلة بناء على ما تقدم هي مقدار مساهمة الحاجة في تحقيق هدف الانماء العام للطاقات من خلا ل العمل البشري و هو التكليف الشرعي للانسان بوصفه المقدمة العقلية لتحصيل اسباب ديمومة العيش، فلا يدخل من حيث كونه مفردة منحلة الى الفرد ضمن الحكم التكليفي كاقامة الصلاة اذ هي نتيجة لتحقق العمل وترتب نتائجه. ان الشريعة الغراء حددت طبيعة العمل الذي يرضى عنه الباري وهو الجهد الذي يسهم في تحصيل المنفعة الشاملة للمستخلف، باتجاه عمارة الحياة والكون، بوصف هذاالتكليف عملية شرعية كلية. ومن خلا ل نصوص السنة النبوية المطهرة كما ورد في أحاديث الرسول(ص)، قوله(ص): »الدنيا خضرة حلوة من اكتسب فيها مالا من حلة وانفقه في حقه اثابه اللّه عليه واورده الجنة، ومن اكتسب فيها مالا من غير حلة وانفقه في غير حقه احله اللّه دارالهوان« وسئل(ص) عن اطيب الكسب، فقال: »عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور«. بعد خمسة عشر قرنا من البعثة النبوية التى عنت بكافة حقوق الانسان، تم اعلان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ‮١٤‬/‮٨٢١‬ المؤرخ في ‮٤‬ ديسمبر ‮٦٨٩١‬ عبر اعلان الحق في التنمية في المادة الأولى التي تنص على: (‮١‬- الحق في التنميةحق من حقوق الانسان غير القابلة للتصرف وبموجبه يحق لكل انسان ولجميع الشعوب المشاركة والاسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها اعمال جميع حقوق الانسان والحريات الاساسية اعمالا تاما). رغم ذلك فان الحق في التنمية المستدامة مكبلا بأغلال أخرى من الفقر تتمثل في فقر القدرات والفقر في الفرص، والتي تنجم عن نواقص، متمثلة في ظل غياب قانون الأسرة المستمد من الفقه الاسلامي الذي يحمي المرأة والأسرة فلن تجد في المجتمع احدا إلا ويناديها الصبر مفتاح الفرج، ونقص جودة التعليم الذي لن يضع المنطقة على طريق التنمية المستدامة. أن جودة التعليم تتوفر بشكل متزايد فقط للقادرين على تحمل نفقاتها من خلال المؤسسات التعليمية الخاصة ولذلك، يفقد التعليم دوره كأداة فاعلة في تحقيق الصعود الاجتماعي. وهناك دلائل على تردي نوعية التعليم، وهو ما يعني تدني التحصيل المعرفي والقدرات التحليلية والابتكارية. وأسهم الخلل الحادث بين سوق العمل ومستوى التنمية من جهة وخريجي النظام التعليمي من جهة أخرى في ضعف إنتاجية العمالة واختلال هيكل الأجور وتفشي البطالة وتدهور الأجور الحقيقية للغالبية العظمى مما يعني ضعف العائد الاقتصادي والاجتماعي للتعليم. ويتوجب من هذا الاعلان الأساس القانوني للحق في التنمية : ان تعزيز العمل بالقوانين واللوائح في سلامة تنفيذ التنمية المستدامة بعد الحصول على الدعم السياسي والمالي والعلمي والتكنولوجي والقانوني من خلال الآتي: إعداد صياغة مواثيق إسلامية خاصة بحقوق الانسان تتخذ شكل عهود Covenants يتناول كل منها بالتفصيل موضوعاً أو عدة مواضيع تستند على ما جاء في الإعلان. كما انه لا بد من وجود لجنة مختصة بصياغة عهود دولية لحقوق الانسان في الإسلام. ضرورة إدراج الائتمانات المحدودة التي تتيح الحصول على رؤوس أموال لمزاولة العمل الحر المنتج في استراتيجية القضاء على الفقر. ضرورة النهوض بالإبداع والابتكار بحيث يتعين ترتيبها في قائمة الأولويات الواجب التكفل بها في عصر يقصي الضعفاء صناعيا وتكنولوجيا، فلكي تتمكن الطاقات الصناعية العربية من البقاء في أسواق شديدة التنافسية، ومن الإجراءات اللازمة لتقوية أنظمتها الإبداعية والابتكارية يمكن تصنيف هذه الإجراءات ضمن ثلاثة أنواع :- إجراءات ذات الطابع التشريعي والتنظيمي (قوانين وهيئات). - إجراءات ذات الطابع الجبائي والمالي (آليات تحفيزية) - إجراءات ذات الطابع البشري (تكوين ورسكلة الباحثين). الإعداد لبرامج للنهوض بالإبداع والابتكار التكنولوجي متضمنة لإجراءات تشريعية وتنظيمية ومالية (أسواق للابتكار - حوافز) ويؤدي إلى تطوير قدرات البشر وتوسيع خياراتهم وفرصهم وحرياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبالذات لأكثر أفراد المجتمع حرماناً، وانسجام توجهاتها الثقافية وتنسيق جهودها الميدانية في شتى مجالات العمل العام مع مراعاة الخصوصيات الثقافية الوطنية والمحلية للشعوب الاسلامية ودعم المؤسسات العاملة في مجالات الثقافة والتعليم والبحث العلمي بما يضمن لها تنفيذ المشاريع في تلك المجالات، خاصة مجال الثقافة والحضارة الاسلاميتين. - حماية الثقافة والتراث الاسلاميين من الانعكاسات السلبية لظاهرة العولمة وذلك بالتنسيق مع الدول الأعضاء، والاشادة بنتائج ومقررات الندوات والمؤتمرات الدولية المتخصصة التي عقدتها الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) لمعالجة هذا الموضوع، والى مواصلة جهودهما الموفقة في هذا المجال. - إلغاء السياسات المثبطة لخلق الوظائف في خطوة نحو التشغيل الكامل. فمن ضمن الإجراءات الضرورية، مراقبة سوق العمل والمساعدة في اتخاذ إجراءات لصالح إطلاق القدرات البشرية الكامنة من خلال التعليم والتدريب وأنظمة حية وإعادة هيكلة المؤسسات. على الرغم من ان البعض ينكر وجود الحق في التنمية بحجة ازدياد من هم في خط الفقر فقرا ومن هم في خط الغنى اكثر غنى بل ثراء فاحشا واتساع الهوة بين الطبقة الغنية والفقيرة واستمرار عيش العديد على هامش الوجود ومعاناتهم من ويلات الفقر، ولكن الواقع ان اعمال الحق في التنمية يعني ضمنا الاعمال التام لجميع حقوق الانسان وهذه الأهمية القصوى للحق تستدعي وجود قاعدة قانونية محددة ذات قوة الزامية تتضمن النص على انشاء هيئات يناط بها الرقابة على الامتثال بالالتزامات التي يرتبها الحق في التنمية والبت في المنازعات التي نشأت من جراء تجرع جرعة زائدة من الحرية والديمقراطية والشفافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح