الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لدى العراقيين رأي عام حقيقي؟

صادق الازرقي

2015 / 1 / 4
المجتمع المدني


عندما حدثت الازمة الاوكرانية منذ اوائل العام الماضي وما تبع ذلك من سيطرة القوات الروسية على شبه جزيرة القرم، سارعت مراكز الابحاث في روسيا والعالم الى اجراء استبيانات الرأي المتعلقة بتلك الازمة؛ و أشار استطلاع للرأي أجراه «مركز أبحاث الرأي العام الروسي» وهو مركز مستقل الى أن الغالبية الساحقة من الروس يؤيدون انضمام القرم إلى الاتحاد الروسي ثم توالت الاستبيانات مع توالي الازمة حتى بلغت اوجها نهاية العام الماضي، اذ افادت استطلاعات الرأي أن عدداً قياسياً من الروس بلغت نسبتهم 81 % صوتوا لصالح الرئيس الروسي بوتين، بصفته أبرز شخصية في النخبة الروسية عام 2014 ، وفي الولايات المتحدة الاميركية فان استبيانات واستطلاعات الرأي العام تسير من دون انقطاع، لما لذلك من تأثير حاسم في رسم السياسات واتخاذ الافعال المنسجمة معها، وكذا الحال في الدول الديمقراطية الاخرى.
فهل لدينا في العراق رأي عام حقيقي؟
قبل ان ندلي برأينا في هذا الشأن، نود ان نشير الى ان علماء السياسة والاجتماع، حددوا ثمانية انواع من الرأي العام ليست بنا حاجة الى ذكرها جميعا، اذ انها لا تنطبق على الوضع في العراق، وسنتطرق الى نوعين من الرأي العام، وهما «الرأي العام التحصيلي» الذي عرفوه بانه رغبة الإنسان لتغيير بنية المجتمع من سيء إلى افضل، أو من حالة فساد إلى حالة إصلاح ، و «الرأي العام الخامل» الذي قالوا ان «الشعب يقف فيه موقف اللامبالاة أمام الحكومة لضعف أو لخوف»، اما الانواع الاخرى من الرأي العام فسنغض النظر عنها لانها بعيدة عن التحقق على صعيد واقعنا العراقي، ومنها الرأي العام الفعال، كأن «يقوم الشعب ضد الحكومة بثورة شعبية تسقطها» وهذا الامر غير مطروح لدينا الآن.
لقد مر العراق ـ ولنقل مجازاً الرأي العام العراقي ـ باختبارات و تجارب عدة، اثبت فيها تشتته وعدم فاعليته، ففي زمن الحكومة التي سبقت حكومة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، جرت بوادر تشكل رأي عام حقيقي منذ اولى التظاهرات التي انطلقت في شباط عام 2011 بأمل تجاوز الطائفية التي حاول السياسيون تكريسها، ولكن الاحتجاجات سرعان ما خمدت بعد بضع جمع للتظاهر ولم ينتج عنها بلورة رأي عام حقيقي، او مساند، برغم ان المطالب التي انطلقت بها والشعارات التي رفعتها تنسجم كليا مع حالة التذمر الشعبي السائدة، ومنها ادانة الفساد والمطالبة بتوزيع عادل للثروة ومعالجة البطالة، وغيرها من المطالب المشروعة؛ غير انها لم تكوّن رأياً عاماً واقعياً، فتحولت مشاركة الالاف في الانطلاقات الاولى الى مئات ثم عشرات، ومن ثم خبت كلياً، كما ان (الرأي العام) في الشارع كان منقسماً ازاءها بين مؤيد و معارض كلياً لها، بعد ان اثرت عليه الدعاية فصورت له ان المتظاهرين مزيج من البعثيين والارهابيين، وهذا خلاف الحقيقة ولكنه مزق الرأي العام العراقي، حتى ان التظاهرات المطلبية ومنها تظاهرات المتقاعدين الذين تبلغ اعدادهم مئات الالاف لم يشارك فيها الا بضع عشرات كثير منهم من الشبان غير المتقاعدين!
ويمكن لنا هنا ان ندرج الرأي العام العراقي ضمن «الرأي العام التحصيلي» لأنه يعرف بالفساد ويرغب بالإصلاح والتحول من السيء الى الافضل غير انه لم يتفاعل لا مع المطالب السياسية ولا مع المطالب المعيشية برغم معرفته بفساد الحكومة والسياسيين، وبالنتيجة تواصل الفساد بمديات اقوى كما تواصلت عمليات التفجير اليومية التي ارتبط قسم كبير منها بالفساد ذاته، و لقد ذهبت سدى مساعي بعض الشباب المخلصين لتكوين رأي عام حقيقي.
وتحول بذلك الرأي العام العراقي بالنتيجة الى النوع الآخر غير الفاعل أي «الرأي العام الخامل» بوقوف الشعب موقف اللامبالاة أمام الحكومة لأسباب عدة ارتبطت بطبيعة العملية السياسية الطائفية .
ان النتيجة التي تمخض عنها خمول الرأي العام العراقي، تمثلت في تواصل الانهيار من دون علاج الى الحد الذي بلغ ذروته في احداث حزيران من العام الماضي، باستفحال الارهاب وفقدان اراض شاسعة من البلاد؛ وتكرس الانقسام الاثني والطائفي.
امامنا انموذج معيب لخمول الرأي العام العراقي واكتفائه بالرغبات من دون السعي لتحقيقها، يتمثل في استطلاع اجراه «مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية» يتعلق باتجاهات رأي الناخب الكربلائي في الانتخابات البرلمانية العراقية اجري قبيل الشروع فيها في نيسان 2014.
من ضمن الاسئلة المطروحة كان السؤال الحساس .. هل أنت راضٍ عن العملية السياسية في العراق ؟ فكانت الاجابة بنعم بما يعادل 19.1% ، وكلا بما يعادل 66.7 % , و الى حدٍ ما بنسبة 14.3 % , وتبع ذلك سؤال هل أنت راضٍ عن الأحزاب والكتل السياسية العاملة في كربلاء المقدسة؟ فكانت الاجابات، راضٍ جداً بنسبة 10 % , غير راضٍ بنسبة 55 % و راضٍ الى حدٍ ما بما يعادل 35 % , , فيما كانت اجابات الناس عن سؤال، هل تعتقد أن البرلمان عمل بنحو صحيح؟ اجاب 79.1 % بلا، و 15% بلا ادري؛ وطالب 56% بحكومة اغلبية سياسية, و 30.1 % بحكومة تكنوقراط و 13.9 % طالبوا بحكومة وفاق وطني.
و بالتدقيق في هذه الارقام لأول وهلة، نستطيع ان نجزم ان تلك النسب لو جمعت في بلد آخر، لأحدثت تحولاً جذرياً في طبيعة النظام وفي التحرك نحو الاصلاح، غير ان مثل ذلك لم يحدث في العراق وبقيت القوى السياسية ذاتها «تتسيد» المشهد ولم يجر تأليف حكومة اغلبية سياسية كما غدت حكومة التكنوقراط حلماً مستحيلاً؛ ولن نعرف ما يخبئه لنا المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تدرج قوات الأمن والجيش الإسرائيلي ضمن قائمة من


.. تدفق النازحين من مالي يزيد الضغط على المصالح الصحية




.. أبرز تعديلات -حماس- لمقترح صفقة تبادل الأسرى والهدنة مع إسرا


.. حقن بمواد غريبة سببت تشوهات على أجسادهم.. شهادات من معتقلين




.. الأمم المتحدة: 120 مليون لاجئ ونازح قسراً حول العالم بسبب ال