الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلاص على مستوى الفرد و الجماعة

يوسف شوقى مجدى

2015 / 1 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مما لا شك فيه ان فى كل زمان كانت هناك ظروفا صعبة من حروب و استعباد للبشر و ابادات جماعية ، كل هذا يدعو للتفكير..التفكير فى معنى الحياه و هدف الكون فلو كان مسير البشرية هو الموت و الهلاك ..اذا لماذا وُجدنا من الاصل؟! كيف يكون لحياتنا معنى او هدف اذ كان كل شىء يذهب الى العدم و الفناء ؟! فتسمى حالة الشعور بالعبث و اللامعنى "حالة القلق الوجودى" ، و مصطلع "الوجودية" قد ابتدعه الفيلسوف الفرنسى العظيم "جان بول سارتر" ابان الاحتلال النازى عندما وجد جنود البلدان التى دخلت الحرب انفسهم يموتون و يفنون و لهذا جاءت لهم حالة القلق الوجودى .. و الوجودية من وجهة نظرى هى محاولة للخلاص من الواقع العبثى على المستوى الفردى و يتمثل الخلاص من الواقع فى عدة نماذج منها ..الثورة ،او التحرر من العبودية ،او انتهاء حربٍ ما و اقرار السلام ،او سقوط نظام مستبد ديكتاتورى و الاهم من ذلك كله هو ايجاد المعنى و الهدف من كل ذلك فلو لم نجد المعنى فى النماذج السابقة فهذا لن يغير شيئا من حالة القلق الوجودى .. كل هذا على المستوى الفردى و لكن الفلسفة الاشتراكية و انا هنا اقصد الفلسفة الاشتراكية فى معناها الخالص و المجرد ، تسعى للخلاص من العبث و ايجاد المعنى و لكن على المستوى الجماعى و ليس الفردى و انا اريد ان اتحدث فى هذا المقال عن شيئين الخلاص الفردى ، و الخلاص الجماعى و سنأخذ نموذج من النماذج التى ذكرناها و هو "التحرر من العبودية" و سنأتى بمثالين من التاريخ على ذلك النموذج ، رجلان حاولا التحرر من العبودية .. الاول عنترة بن شداد و الثانى هو سبارتاكوس ، الاول صارع للتحرر من العبودية على المستوى الفردى و نجح فى ذلك فى النهاية و لكن الثانى الذى حاول الخلاص جماعيا قد فشل!! وسندرس كل واحد على حدى ، لنبدأ بعنترة ابن شداد .. فارس و شاعر عربى من قبيلة عَبْس كان عبدا بسبب امه التى كانت أمَّة و ابوه الحقيقى شداد كان من اسياد القبيلة و كان عنترة يحب ابنة عمه عبلة بنت مالك و لكنه لا يستطيع ان يُصرح بذلك لانه عبد و هى حرة .. و فى النهاية نال عنترة حريته و تزوج بعبلة بعد صراعٍ طويل و شاق و قد تحرر من العبودية و قد اعترف به ابوه شداد و نال خلاصه الفردى أى خًلص وحده و من الممكن ان نعتبر عنترة وجوديا .. بعد ان سردت بايجاز قصة عنترة اريد تخيل مشهدا .. تخيلوا لو فَكر عنترة فى العبيد الذين حوله ، لو فكر فى ان يقود ثورة ليحرر بها باقى العبيد ،ما الذى كان سيحدث ؟! .. اظن ان القبائل كانت ستتحد ضده لكى تسقط الثورة لان هذا كان سيُحدث خلخلة فى النظام الاجتماعى عند العرب و اتوقع ان فى النهاية كانت ستسقط ثورة عنترة و سيعدم ! كما حدث لسبارتاكوس فلو فكر عنترة فى ان يَخلُص مع الجماعة كان حتما سيفشل .. و الان جاء دور سبارتاكوس ..كان سبارتاكوس عبدا فى مدرسة العبيد التى كانت تعلمهم كيفية محاربة الوحوش لتسلية الرومان وُلد سنة 109 ق.م .. فى عام 73 ق.م نظم سبارتاكوس ثورة للعبيد بدأت من هذه المدرسة و هنا يمكن ان نلاحظ النزعة الاشتراكية عند سبارتاكوس ..و قد ارسل مجلس الشيوخ عدة جيوش لمحاربته و لكنه هزمهم جميعا و لكن عندما تولى ماركوس لوشيس كراسوس القيادة ، هزم ماركوس سبارتاكوس و قتله و قد علق ماركوس العبيد الذين بقوا على قيد الحياه على صلبان على طول الطريق من روما الى كابووى ليكونوا عبرة لباقى العبيد .. لنتخيل هنا مشهدا اخر للاحداث .. ماذا لو فكر سبارتاكوس فى ان يَخلص بمفرده ؟! ماذا كان سيحدث ؟! اظن ان السلطات كانت ستحرره لكى تتخلص من ازعاجه او لكى يتفادوا اشعاله لثورة كما حدث و كلامى هذا ليس ضربا من الخيال فكان هناك عفوا يأمر به الامبراطور شخصيا لأى عبد يرى انه مقاتل شجاع و ماهر فى المعركة و من الواضح لدينا ان سبارتاكوس كان يملك تلك الصفات و اكثر من ذلك فلن يتجرأ رجلا ليتمرد على هذا النظام الاجتماعى الا اذا كان شجاعا و محاربا قويا .. و فى النهاية نستنتج ان الخلاص الجماعى فاشل اما الفردى فناجح و لكن لماذا ؟! من الممكن معرفة الاسباب لو تأملنا فى نفوس البشر فهناك نفوس حرة و نفوس مُستعبدة و هذا لا يُحدد بالمستوى الاجتماعى او المالى فهناك اغنياء ذوى نفوس مستعبدة و هناك فقراء اصحاب نفوس حرة ، وهناك عبيد يمكلون نفوسا حرة و هناك احرار يملكون نفوس مستعبدة ! .. و من الممكن تعريف النفس المستعبدة بأنها تهوى العبودية ، غير طموحة! لا تستطيع ان تعيش بدون وجود قوة تسيطر عليها و تُملى عليها تصرفاتها اما النفس الحرة فهى تكره العبودية و هى نفس طموحة ولا تستطيع ان تتحمل اى قيد يطوق عنقها و لا تقبل الذل و الهوان ، و من الواضح ان اى احدٍ يسعى الى الخلاص سواء جماعى او فردى هو صاحب نفس حرة فعنترة و سبارتاكوس يملكون نفسا حرة و لكن لماذا الخلاص الجماعى فشل و لكن الفردى قد نجح؟! .. الخلاص الجماعى يشترط وجود جماعة كبيرة من الناس يقودها شخص ما ، هذا الشخص لابد ان يكون ذا نفس حرة اما الجماعة فتحتوى على الكثير من الناس يملكون نفوسا مستعبدة و مقيدة غير طموحين فأظن ان هؤلاء هم السبب الرئيسى فى فشل الخلاص الجماعى فعندما يربط اصحاب النفوس الحرة و هم قلائل مصيرهم بمصير اصحاب النفوس المُستعبدة فحتما سيفشلون .. اما الخلاص الفردى فيقوم به شخص واحد فقط ، يقوم به لمصحلة نفسه و لأجل نفسه و لابد ان يكون صاحب نفس طموحة وحرة و لذلك الخلاص الفردى دائما ينجح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-