الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديوانية زهرة الفرات

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2015 / 1 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الديوانية زهرة الفرات
نبيل عبد الأمير الربيعي 7/1/2015
مدينة الديوانية , تلك المدينة الطيبة التي ولدت فيها أواخر عام 1958 في محلة تسمى الجديدة , وفي عگد يدعى (ألبو علي الجاسم) , شط الحلة المارق الذي يشطر المدينة لقسمين , الخارج من عباءة أبيه المهيب , تحتار كيف تستطيع أن تجلس أمامه , فهوَّ يختار من يجلس من عشاقه , جرف النهر صباحاً ممتلئ بقناني الليل الفائت, وأوّل ما أتذكّره منها ,غبشها الأثير في تموزها القائض , وفراّشّ الصيف والمبيت على سطوح بيتنا أسوة ببقية أبناء عوائلها , فجراً , كل السطوح تغطّ في نموها , والخيط الأبيض وحده من استيقض , نهر الفرات الجميل أصبح شيخاً بعد طول سنين , زهق بتلوث مياهه , أما أرضها فهي الأرض وأقلها كلاماً بسبب ما فعل الأوغاد من تدمير بمجنزراتهم وسحل لجثث وطنييهم أيام شباط الأسود , بعد دخول حرس التتار عام 1963 صارت الديوانية غير الديوانية , والنهر غير النهر , وصار حفظ تفاصيلها , ثم إيداع الذاكرة في زاوية لا تصلها اليد , أمراً حاصلاً لا رحيل دونة , وبكتابي هذا رغبت أحفظ سرَّ مدينتي وذاكرتها للأجيال القادمة , فأنا اعشقها حدّ الوَهلّ , علّمني والدي أن أحب وطني ومدينتي وأهلي , وأن لا أخون أرضاً عشتُ فيها وشربت من مائها , كيف أخون أرضاً ممتزجاً بثراها رفات آبائي وأجدادي , أنا عربي اللسان , عراقي التكوين , ديوانيّ البنية والعقل والقلب حتى النخاع , قد نرحل عن حياتنا وأسرارنا معنا , لكن أحببت أن أرحل وليس مثل رحيل غيري , فأدون تأريخ مدينتي , و زوّادة ذاكرتي ما زالت تعينني .
الديوانية , المدينة التي تربيت فيها ونهلّت من مدارسها جميع العلوم والآداب , حتى سنوات المراهقة وقسماً من سنوات الشباب , كان دارنا في محلة الجديدة عگد البو علي الجاسم , مقابل دار الطيب والانسان الخير سيد سعيد ابو عميّمة ,ما اكتبه ذكريات قديمة أحنّ إليها كلما ضاقت بيَّ الحال مما يجري من تحطيم للمدن ولنفوس العراقيين , من إهمال الجانب الأمني والخدمي والثقافي والفني والتعليمي وكل شيء يمسّ الحياة بتقدمها وتطورها , فذكريات الأمس أفضل بكثير من واقعنا اليوم , من حرّاب طائفي أثني ديني مناطقي , حزيران الماضي 2014 سرق الأرهاب منا ثلث أراضي ومدن وشباب العراق , والحكومات المتعاقبة لا تجدّ حلاً إلا لإشباع رغباتها من المال العام , وافشاء الفساد والتخلف والرشا والمشاريع الوهمية الفاشلة , لمدة اثنى عشر عام بعد عام التغيير 2003 , لم نعرف إلا الخراب والدمار في البنى التحتية والبشرية والثقافية والتعليمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة