الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة 929 .. أو من يمتلك النص ؟!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 1 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تجربة 929 .. أو من يمتلك النص ؟!

حينما أكتبُ عن واجب إستعادة ،عامة المُسلمين لنبيهم ودينهم من إيدي المجرمين القتلة الذين صادروا النص ، ووقعوا عليه صك ملكية ، رغما عن " أنف " النص المقدس ذاته . فإنما أقصد بذلك إسترداد القراءة الإنسانية ، التي تؤمن بالتعددية والتي ترى في مظاهر التدين من العبادات شأنا شخصيا ، وتعتبر الإيمان علاقة بين الخالق والمخلوق .
ولا يكون قصدي بإسترداد الدين ،أن نبحث في كتب التراث عن كل الحروب والقصص ونعيد "تدويرها " في عصرنا . ناهيك عن أن النصوص تحوي قصصا كقصة أم قرفة ، وتحوي أيضا قصة اليهودي الذي كان يؤذي محمدا ، فلما مرض زاره النبي للإطمئنان عليه .
أنا لا أؤكد ولا أنفي صحة أي من هذه القصص التي وردت في كتب السير ، ونحن نعرف بأنها وُثقت في فترة لاحقة .
لكنني أقول ، بأن الذين "يتملّكون" النص بقوة المال ، لا يرون في الكتب التراثية سوى ما يريدون رؤيته . من نكاح الوداع ومفاخذة الرضيعة وتعدد الزوجات . ناهيك عن شق أم قرفة ...!! لكن أين القرآن المكي ؟؟!!
لكن وقبل الإسترسال كثيرا ، فما هي هذه التجربة 929 ؟؟ وما "فائدتها " في النقاش ؟؟
وفي مُحاولة من وزارة المعارف الإسرائيلية (التربية والتعليم ) لتقريب "القراءات للنص التوراتي " وبالشراكة مع مركز التكنولوجيا التعليمية (جامعة تل –ابيب ) وأجسام اكاديمية أخرى ، قررت هذه الأجسام الأكاديمية والعلمية بناء موقع على الإنترنت بعنوان "929 – دراسة التوراة سوية " ، دَعَتْ فيه الكتاب ، رجال الدين واهل الفكر إلى الكتابة للموقع ، عن المواضيع المتنوعة ، ولكل يوم موضوع ، بناء على تسلسل الفصول في التوراة .. ويبلغ عدد فصول التوراة 929 فصلا .
وكما هو متوقع كانت البداية مع سفر التكوين " في البدء .." .. وللتدليل على مدى جدية الموقع فقد كتب رئيس دولة إسرائيل "روبي ريفلين " إفتتاحية ترحيبية ، ضمّنها "قرائته " للنص التوراتي ككل ، إذ جاء في كلمته ما يلي (ترجمتي من العبرية) : " تطلبُ التوراة منّا الأفضل ، الأخلاقي والعادل . تبحثُ التوراة عن الإنسان الذي يختارُ كل يوم . الإنسان الذي يواجه الصعوبات ، ويُواجه الشر ويتغلب عليه ..... لإن الإختيار هو عملية قِيَمِيَة ، ومشروطة بوجود بدائل واضحة ومُتناقضة : النور والظلام ، الخير والشر ، الحياة والموت ". رئيس الدولة يعتبر بأن النص يحّثُ المؤمنين به على الإختيار الصائب ، لكن النص يترك للمؤمنين حرية الإختيار وتبعا لذلك تحمل المسؤولية ..
كتب في الموقع متدينون قوميون ، إصلاحيون ، أرثوذكسيون ، صحافيون ، اساتذة جامعات ، علمانيون ، نساء (من الحركات النسوية ) وعلمانيون .
قام رسامو كاريكاتير برسم "قرائتهم " للنص .
لكن ما هي إلا فترة وجيزة حتى توقف البرنامج عن العمل (تم إدخاله الى التجميد ) ، لأن القراءة الارثوذكسية التي تقدس النص بكونه نصا فقط ، وتعتبره "حامي " الكيان الديني والقومي لليهود ، لذا فإنها تعتبر كل قراءة "تخرج " عن الحدود التي رسمها "السلف " ، تعتبر هكذا قراءات كفرا بواحا . لذا طالبت بإيقاف هذا المشروع الذي "يُساوي " بين القراءات .
ومن بين الذين شاركوا بقرائتهم للنص، "المُرتَد " عن اليهودية - والارتداد ، في هذه الحالة ، ليس هو الارتداد الإسلامي ، وإنما هو توقف عن إداء العبادات وقد يكون مصحوبا بالإلحاد . علما بأن الإنتقال من اليهودية الى دين أخر ، له تسمية أخرى - !! وهذا المرتد ،هو أري إيلون الذي يُطلق على نفسه "الخطيب العلماني " والخطيب هنا، هو الذي يعطي الدروس الدينية التوراتية .
واظب اري ايلون ، المولود لعائلة يهودية متدينة وأحد إخوته حاخام كبير ،على كتابة "درسه " في الموقع ، ومثيرا بذلك غضب المتدينين الارثوذكسيين ، وهو "المسؤول " عن تجميد الموقع . ومن ضمن ما كتب عن بدء الخليقة نقتبس ما يلي (مع العلم بأنه استعمل اسلوب الكتابة التوراتي واللغة التوراتية – ترجمتي ) : " في البدء خلقَ نحاتٌ كامل طيفا كاملا واطلق عليه إسم "الله " . بعد ذلك بِيعَ طيف "الله " لأمين متحف كبير ، والذي قام بعرض الطيف في متحف العروض العالمي ، وكتب تحت أقدامه بحروف من ذهب "هذا هو الطيف الكامل للإله الكامل الذي خلق في ستة أيام عالما كاملا كلُهُ خير ....المحبة والأخوة السلام والصداقة .......أجيال عديدة بعد ذلك ، هبطت الى العالم نحاتةٌ وقامت في الخفاء بنحت طيف معيوب (فيه نقص ) للإله الكامل ، واطلقت عليه "سيكون الها " ، لكي تؤكد على الحقيقة بأن الإله الحالي هو إله غير مكتمل وسيبقى إلى الأبد في مرحلة التكوين ، ومن ذلك الحين يتشكل الله في الخفاء .........إنها تقوم بإصلاح عيوبه .... وتشكل نواقصه ليل نهار وهي تقول "سيكون إلهي " ... تُصلي له في قعودها وقيامها :" إلهي إلهي الذي لا ينتهي أبدا "."
الإنسان الخالق والإله المخلوق .. هذا كفر حسب الديانة اليهودية ..
الإله الناقص والإنسان الذي يُصلح عيوبه .. كفر بلا شك .. وفق اليهودية
الأله الذي يتشكل يوميا ولا ينتهي ابدا ..؟؟!! هل الاله هو هذا الإنسان المعاصر الذي يعاني من نقص ، لكنه يُحاول التغلب على نواقصه ؟؟ .... يستطيع كل واحد قراءة هذه الجملة ، كما يشاء !!
يمكننا الإستنتاج من التجربة 929 ، بأنه لا تستطيع ان تعيش تحت سقف واحد ، قراءات متناقضة ، كما في القرآن بالضبط (حمال أوجه الإسلامية يُقابلها في اليهودية ، سبعون وجه للتوراة ) . وكذلك بأن الذي يصرخ بصوت اعلى مُستغلا مشاعر وتعاطف العامة من المؤمنين ، يستطيع أن "يُنصب " نفسه المالك الحصري للنص ولقرائته ، أو ذلك ، الذي يملك السلطة الدنيوية و/او المادية .
لكن القرار النهائي بيد الأغلبية والتي إذا حصلت على تثقيف توعوي ، قد تنفضُّ من حول أصحاب القراءة المتزمتة التي تحض على الكراهية ، الأحقاد وسفك الدماء ، وتعود لتتبنى القراءة المتسامحة التي كانت قبل عقود قليلة فقط ، قبل النفط وآفاته ..!!
والحكم والفيصل في ما بين الناس (على إختلاف قرائاتهم ) هي الدولة المدنية التي تكفل حرية التعبير للجميع ، وتضع حدا فاصلا وواضحا بين حرية التعبير وحرية التحريض . وخصوصا في اماكن العبادة !
فالهندوس المتزمتين (قد تكون لنا وقفة مع ثورتهم على فيلم هندي ) ، قاموا بالإنضمام للقواعد والدواعش ،في التكفير ..ومع انهم ما زالوا في بداية الطريق فإن لديهم الكثير مما "سيتعلمونه " من الدواعش ..
الحل دولة مدنية (لا دين لها ) تُحارب التحريض على الكراهية ..
لأن غالبية البشرية ما زالت تؤمن بالديانات .. ولنعد إلى القول البسيط وبالعامية الفلسطينية :" كُل مَنُو على دينه الله يعينه "...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألتقي معك في الفهم
نضال الربضي ( 2015 / 1 / 8 - 14:36 )
تحية مسائية من عمان التي يغطيها الثلج الأبيض الجميل إلى الفلسطيني الأصيل الأخ العزيز قاسم!

أشاطرك الفهم و ألتقي معك في الرؤيا، و أسأل بدوري ما معنى أن يتم في القرن الماضي نبش النصوص التيمية و الجوزية و الحنبلية و إعادتها إلى الواجهة علما ً أن ابن تيمية في عصره لم يكن مقبولا ً بين شيوخ و فقهاء المسلمين سوى فترة المغول؟

أليس هذا الفعل هو ضريبة السجود للدولار و البترودولار و المنتج الجانبي و أداة إنهاء الصراع الرأسمالي الاشتراكي؟

هذا العالم صار مليئا ً بالمجانين يا قاسم و كلهم يقول ديني و دينك و جدتي احسن من جدتك، و هم لا يدركون أن ربهم الجديد قد صار أخضرا ً عليه مقولة In God We Trust.

لو كان الدولار يحب السلام لوجدت أن كل الإرهابين الآن حمائم سلام يقولون -ادفع بالتي هي أحسن- و -إن جنحوا للسلم فاجنج لها-، لكن الدولار يحب -قاتلوا الذين لا يؤمنون-

لعبة كبيرة وقودها البشر!

تحياتي الأخوية.


2 - العزيز نضال المحترم
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 1 / 8 - 15:28 )
تحياتي
شخصيا أحببتُ عمان ..
لو شاء -ربهم - أن يتحولوا الى حملان ، لأصبحوا كذلك ..
لكن ومع ذلك ...يجب أن يحدث حراك فكري ينبذ هذا الفكر وهذه القراءات ..
لك مودتي واستمتع بالثلج .


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2015 / 1 / 9 - 00:46 )
الرد على شبهة (أم قرفة) :
https://www.youtube.com/watch?v=NjzilfbFWwI


4 - العين العوراء
رائد الحواري ( 2015 / 1 / 9 - 06:51 )
لا شك أن هناك اتجاه قوي يسود المنطقة العربية يعمل على الانفراد بتمثيل الدين، المشكلة لم تبدأ بداعش واخواتها، المشكلة بدأت منذ أن تأسس الأخوان، عندما اعتبروا انفسهم ممثلي الاسلام، وما دونهم على خطأ، عندما عملوا على فتح المجال لكتابهم فقط وأغلقوا الباب غبى الآخرين، ارجع الى أي كتاب (مشهور) في العامية كتاب -بياع- لا بد لك أن تجد في مقدمنه العبارة التاليه - الشهيد حسن البنا، اة سجون ناصر- فهي المفتاح السحري لكل كاتب يريد الشهرة والوصول الى الجمهور، سأعطي مثلا حي على ذلك، بما أن كاتب المقال فلسطيني، أسأل: هل تعلم بان هناك مفسر للقرآن الكريم من مدينة نابلس؟ حتى لو اجبت بنعم، محمد عزن دروزة/ فان الكثير لا يعرفون هذا الامر، لكن لوسألت عن ظلال القرآن لسيد قطب ستكون الايجابة الصحيحة كثيرة، وهذا يتماثل مع كتاب صفوة التفاسير للصابوني، والهناك امثلة عديدة، في المجمل تمس وتكفير شخص مثل الكواكبي،حديث العهد، وليس قديم مثل ابن تيمية، يعد احد الامثلة على ما قوم به الإخوان، نسب ما جرى في بيروت عام 1982 الى الابتالاء الرباني وتكفير المقاومة حينها وفتح باب الحهاد في افغانستان اخطر على الاسلام من داعش


5 - الزميل رائد مرحبا ويا هلا بيك
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 1 / 10 - 09:29 )
شكرا لإضافتك القيمة والتي ا تفق معها
اعرف محمد عزت دروزة وعلى ما اذكر كانت مكتبة تحمل اسمه في طولكرم ؟؟
المال يقرر أية قراءة تنتشر في اوساط البسطاء
شكرا لك

اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات