الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كشفت واقعة شارلي هبدو عن حقيقتنا؟

هاجر زرّوق

2015 / 1 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في أفريل 2014, كتبت مقالا بالفرنسية في صحيفة أمريكية فتحت فرعا بتونس بعنوان " لأنّنا نستحقّ التطرف الديني" حاولت أن أشرح فيه الإرهاب, ذلك الوحش الذي لا ينبع من لا شيء أو من ظروف وقتية بل هو وليد عقليات جماعية متخلفة و من تراكمات اقتصادية و سياسية و فكرية سلبية. بعد نشر المقال, قام مدوّن تونسي يدعي أنه "صحفي مستقل" بمهاجمتي و بحث الرأي العام على رفع قضية ضدّي و ضدّ الصحيفة لأنني "تجاوزت حدودي" و لأنني "أحمل الشعب التونسي مسؤولية الإرهاب". حقيقة, لست أدري ما الذي جعل ذلك المدوّن يسلك هذا النوع من السلوك, و لكنّني تساءلت: إن كانت "النخبة المثقفة" التونسية لا تؤمن بمبدأ حرية التعبير و تسعى إلى تكميم أفواه و إلى ممارسة الإرهاب الفكري على زملائها, فما بالك بباقي المجتمع التونسي؟
أمّا اليوم و بعد حادثة شارلي هبدو المروّعة, لعلّ فهم المدون قصدي و اعترف بمدى خطئه. لن أتحدث عن العملية الإرهابية التي استهدفت شخصيات من الصحافة الساخرة و قتلت من أبدع رسامي الكاريكاتير و أكثرهم إثارة, و لن أتحدث عن رمزية مقتلهم, و لكنني سوف أتحدث عن التعليقات التي تبعت اغتيال الصحفيين. لقد جبت ردود أفعال التونسيين على شبكات التواصل الاجتماعية و فيديوهات العملية الإرهابية التي نشرتها وسائل إعلامنا فرأيت أن عددا منهم يؤيدون ما قام به الإرهابيون و يهللون و يكبرون لما يعتبرونه "نصرة الإسلام و المسلمين" و يقومون بتبرير موت اثنا عشر شخصا بكونهم "تعدّوا على حرمة الرسول محمّد" و بكونهم "كفرة". لقد قرأت تعليقات مقرفة تقيّأ بها عدد لا بأس به من الشباب التونسي لم يعد يؤمن بفكرة سلمية الدين الإسلامي فيقول: " كفانا من لغة الإسلام دين سلام و العصافير تزقزق, لقد استعمرونا و ركبوا علينا و استهزؤوا بالرسول, ثم تدافعون عنهم؟ ", " عشرة قتلى لا ترحملهم عظم, كلاب يسخرون من رسولنا و ترأفون عليهم؟ ", " هذا مصير كل من تسول له نفسه و يتطاول على الرسول", "الإرهاب هو أن تقتل من يقول لا إله إلاّ الله محمد رسول الله, أما ما حدث اليوم فهو جهاد و إن كره المنافقون" ... إلخ. لقد رأيت كيف أصبح من يدين بموت البشر كافرا و انتهازيا و انبطاحيا و كيف أصبح من يتغنى بموت البشر مسلما و مؤمنا يسلك طريق "الحق". لقد رأيت كيف أصبح الإرهابي الدموي بطلا في نظر عدد من شبابنا و كهولنا.
فعن أي وعي إسلامي يكتب المفكرون؟ ... أي وعي هذا يمجّد الموت و يدعو له بالنصر؟ ... الوعي هو القدرة على التمييز بين الخير و الشرّ, هذه القدرة التي يكتسبها الطفل في سنّ السادسة و التي لا يتمتع بها عدد منّا. رغم كل ذلك, لا تزال نخبتنا عاجزة عن التفوه بالحقيقة: نحن مجتمعات تريد القضاء على ما تبقى لها من إنسانيّة. فهنيئا لنا باليمين المتطرف و بمارين لوبان و بغيرها من الإسلاموفوبيين لأننا شعوب اندفاعية و يعاني بعضنا من قصر النظر فلا ترى أنّ كل قطرة دم يسكبها الارهابيون و يحتفلون بها إنّما هي احتفال بنهايتنا الوشيكة و باندثارنا تحت تراب الحضارات المتقدمة التي تحتفل كلّ يوم بنصرة علومها و تكنلوجياتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن خلال حفل -شهر التراث اليهودي-: الحرب على غزة ليست -إبا


.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت




.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah