الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرروا الإسلام أولا

مازن صلاح الأمير

2015 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فزع العالم قبل يومين على أصوات طلقات صدرت من رشاش يحمله أحد الإرهابيين في مدينة الأنوار لتودي بحياة محرري صحيفة شارل آبيدو الساخرة ، و قد تكون واقعة القتل في ذاك اليوم بالذات ليست الوحيدة في رقاع العالم المدماة بالبنادق ، و لكنها كانت الأكثر بلوغاً و شقاً للآفاق ، الواقعة على عكس ما يحدث من فقد هنا و هناك ، فهي الجريمة الأكثر تأصيلا و الأكثر يقينية عند منفذها بأنه أمر الله إليه .
فتحت هذه الواقعة الباب على مصراعيه أمام السؤال الأكثر إلحاحاً سؤال مجابهٌ به العالم الإسلامي و الحضارات التقليدية ذات البنى التحريمية بإمتياز ، (أنسنة الدين) ، و هو ما يفضح بالذات التبريرات الساذجة على شاكلة (لا يمثلون الإسلام) ، هم يمثلون الإسلام النصوصي خير تمثيل و بل يتقيدون بالنص حرفيا ، و هو ما يمكن إعتباره صدق مع الذات و مع الآخرين في التعبير عما يؤمنون به ، على العكس من المواربة الخجولة للبعض تحت ستائر من الخوف ، كثيرون من لم يرجف لهم جفن و هم يرون داعش تقتل و تسرق و تغتصب و تكبر الله قبل ذلك ، بل تضامنوا معهم قلبا ً.
مجوهودات الترميم الديني التي قام بها عدد من المفكرين و الباحثين على رأسهم الأستاذ محمود محمد طه بمحاولة حقن الدين بالديمقراطية و العلمنة و حقوق الإنسان لا نقول أنها لا تجدي نفعا ، هي مجدية و صائبة ، لكنها محدودة جدا ، الأصوليات الدينية أثبتت أنها أكثر توطداً في جغرافيا التديين الشعبي ، و أنها أكثر موائمة لظروف التدني المعيشي و الثقافي التي ساهمت بشكل مباشر في أن تزيد من حددة خطاب الكراهية هذا ، و هو ما يجعلنا أمام تساؤل آخر ، هل إقتياد المجتمع للعلمنة من أذنه هو ما قد يحد من هذه الظواهر ، تقييد الممارسة الدينية و الثقافة بحدود حقوق الإنسان و الديمقراطية هو ما سيجدي نفعا ؟ ، أسئلة مثل هذه أيضا تضعنا مباشرة أمام متاهة من الأسئلة حول بنية الإسلام في ذاته ، هل هو قابل لأن يتم إصلاحه و ترميمه من الداخل أم هي مجرد إرتعاشات عرضية في جسد الدين و السبب مركزية النص في الإسلام كديانة ، و هل صعود سلطة قاهرة كما حدث في الأنموذج التركي هو ما سيثمر ؟ .
هذه الحالة للأسف لا يقتصر تأثيرها على الشرق الأوسط فقط ، بل أن أوربا أيضا موعودة بصعود الأصولية و اليمين الأوربي من سباته التي أدخلته فيها أمواج العلمنة العاتية ، اليمين الأوربي لن يجعل هذه الحادثة تمر من تحت أعينه بهدوء ، هاهو يمد أياديه ليلتقطها كي تكون له سندا في أي إنتخابات قادمة ، قضية وقف الهجرة و أسلمة أوربا هي قضية القضايا ، و الأمر إذ ننظر أنه نكسة كبيرة و نكوص كبير عن قمم الحداثة و الأنسنة التي أنارت أوربا و صدرتها للعالم ، لكنه مبدئيا سجعلنا ننظر للفعل الذي أنتج ردة الفعل هذه ، و ردة الفعل هذه بطبيعة الحال لها نتائجها على المستوى المحلي في الدول الإسلامية ، نحتاج نحن لهذه الهزة كي نتداوى من فخاخ النص و سلطته .
المعركة التي أمامنا يمكن تسميتها بإمتياز معركة (تحرير الإسلام) الإنسحاب الغير مبرر الذي تقوم به القوى العلمانية و المثقفين في العالم الإسلامي من المهمة الأساسية بتحرير النص الديني من سلطته لذاته و من إستغلال الجهادين له ، قد يضعنا عتبة أعلى في سعينا المحوم نحو التحديث و الدمقرطة ، و هذا الإنسحاب هو ما أفرغ الفضاء العمومي للإسلام النصي ليسيطر عليه إلا جزر هامشية في سياق المجتمع و تفاعلاته يتواجد فيها بعض القرآنيون و الجمهوريون ، و الأنكى من ذلك أنه و من السهل التوقع أنه في حال سقوط أي من نظم العسكريتاريا و خصوصا في السودان فإن من سيهب متوثبا نحو السلطة هي القوى الأصولية ذات نفسها ، قرون من التعمية و صم الآذان لن يحل وثاقه بتظاهرة تطيح بنظام سياسي ، بل سنحرر نفسنا منه بالمعرفة و إستحقاقات التصدي له و تلك كلفة باهظة ، هي في إنتظارنا مهما طال أمد هروبنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اصل الاشياء
محمد البدري ( 2015 / 1 / 9 - 16:50 )
نحرره من ماذا؟ إذا كان هو ذاته قد تاسس علي الحرب والقتال وارهاب البشر بكل الطرق بدءا من سلب ثرواتهم باسم الجزية سلما والعنائم والسبي قتالا ثم التهديد والوعيد يوميا لو ان طقوسة لم تتحقق او الترهيب بعذاب بعد الممات خالدين فيها. الحل الامثل لمثل هذه العفونة لفكرية هو مغادرته وتركه لاهله الذين اخترعوه فتلك عاداتهم وتقاليدهم التي صنعوا منها دينا.


2 - رسالة
كاشف النهار ( 2015 / 1 / 9 - 18:00 )
الى الواوي شاهد برنامج سؤال جرئ للاخ رشيد المذاع امس الخميس على قناة الحياة واحصل على كتاب مملكة الكراهية للكاتب غولد

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah