الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأي الآخر ( رحلة في عالم أثيم )

علم الدين بدرية

2015 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الرأي الآخر

علم الدين بدرية

رحلة في عالم أثيم

من المفارقات الغريبة في عصرنا هذا ، أن الكل ينادي للسلم ويتحدث عن السلام وينشده ويتغنى به ويعتبر نفسه من دعاته ورموزه والمدافعين عنه ، رافضًا كل أشكال العنف والظلم ، بينما يكاد العنف والظلم يلازمان الوجود الإنساني ويتغلغلان في اللا أمن ، اللا استقرار ، اللا عدل وأصبح الطغيان والقوة حق يلغي كل حق في ما نسميه واقعًا.
أننا نشهد موتًا بطيئًا لحضارة البؤس والألم ، حضارتنا الموبوءة والمريضة حضارة سقوط القيم وانهيار المفاهيم في عصر أصبح رمزه هيكل الإنسانيّة الفارغ من الروحانيّة والأخلاق ، عصر تتحكم به النزعات والأهواء وشعاره الغاية تبرر الوسيلة فالتعدي على حقوق الغير وإلغاء وجوده من صميم هذه الحضارة الفارغة التي تجردت من المحبة والتّضحية في سبيل الارتقاء والتقدم ومن أجل زرع الأهداف النبيلة والجميلة والعظيمة من علم ومعرفة وحق وحريّة .
هذا الواقع الأليم يفرض على الإنسان السعي لإنقاذ نفسه من هذا السيل العارم ، تيار حضارة البؤس واللاعقلانيّة بانتصاره على نفسه وميوله واندفاعاته أولاً بتهذيب الفكر والقوى النفسيّة والعقليّة وتحقيق الإنسانيّة الكائنة فيه ثانيًا. ‏
الحرب تتسلل لتلغي السلم ، والعنف ينتشر ليقصي الحق ، واللا معقول يصبح معقولاً ومشروعًا ، واللاعقلانيّة تخترق الحقوق بأحدث الوسائل ويتوه الإنسان ليصبح بلا قيمة إلا بقدر ما يقاتل حتى لا يقتل ، وبقدر ما تشعل به الكراهية والحقد والانتقام فيقتُل بلا سبب وبلا دافع مستخدمًا الدين كوسيلة والشرع كغطاء يعلّق عليه جرائمه و يبرر فظاعة انزلاقه وانحطاطه ، مهما تقاربت أو تباعدت القراءات ووجهات النظر في رؤيتها للحرب وجرائمها ومهما تنوعت وتهافتت المنطلقات فإن الصراع المسلح الذي نسميه حربًا ليس سوى ضربًا من التواصل حلّ فيه القتال محل السلم والحوار والجنون مكان العقل والحكمة ،الرغبة في الاستحواذ على ممتلكات أوسع هي منشأ الحرب والدافع إليها،وكلما امتلك الإنسان أكثر طالب بالمزيد ولا سلاح لتحقيق هذه الغاية التي شرّعها لنفسه إلا بممارسة القوة والبطش فيشرّع القوانين للعنف ويعقلن القهر والطغيان ويفرض الاستغلال والاستعباد ... فتنشأ الحروب وتنتشر المجازر وتستفحل الدكتاتوريّة وتلغى أبسط حقوق الإنسان.
ومن هنا ينشأ أشباه الآلهة فينصّبون أنفسهم أولياءً على رقاب العباد ويستعبدون البشر وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا !! فنرى من ينصّب نفسه خليفةً على البشر بموجب نصوص دينيّة منتهية الصلاحيّة فيدعي إنه يحكم باسم الرّب ويطبق أحكام الشريعة ، بحيث يكون الحاكم والجلاد ، السالب والواهب ، القابض والمعطي ، المحي والمميت ، انظروا ما يحدث في سوريا والعراق والباكستان وافغانستان .. انظروا للربيع العربي وقد غدا خريفًا ودمارًا وأطلالاً ينعق على بقاياها أسراب الغربان من دواعش وفواحش ودعاة خراب ومفتي الحاد ومجاهدي نكاح ومجرمين ، قتلة ، سفاحين ، يستخدمون أدنى الوسائل للسلب والنهب وسفك الدماء !!
لقد اختلطت المفاهيم وتداخلت الحقائق واحتجبت الحقيقة الحقيقيّة ، فلم نعد نميّز الخير من الشر والمشروع من اللا مشروع والذي يقاتل لشرف قضية عادلة فهو الذي يدفع الثمن وذلك المواطن المتطلع لحياة كريمة حرة ينشأ فيها جيل يفتخر بانتمائه وارثه الحضاري والإنساني ..يدفع فواتير الجهل والغبن والظلم والاستبداد فيهجر ويلغى كرقم ناقص في معادلة الحياة ، الحاكم الجائر يستنزفه ويمتص دماءه ودعاة الفحش والزندقة يذبحون كرامته ويهدرون دماء أطفاله ، يكفرونه ويعودون به إلى قرون خلت من فوضى ودجل وتخلف وجهل ..!!
عندما تتلاشى المثل وتتبدد القيم العليا وتخسر قيمتها ، تولد قيم جديدة في الواقع ، قيم الحرب والهيمنة والسيطرة قيم الرجوع إلى شرعنة الغاب وتمجيد القوة ( حق القوة ) .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب