الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور سعيد سعدي ضحية مواقفه الصادقة

بوشن فريد

2015 / 1 / 9
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


الدكتور سعيد سعدي ضحية مواقفه الصادقة
"على المجاهد حسين أيت أحمد التأكيد على صحة تزوير التاريخ الجزائري"
*علينا أن نقرأ كل التاريخ و نكتب ما يستحق الكتابة, و نبتعد عن لغة التراشق بمجريات الماضي من أجل المطالبة بكشف أسرار و مفاجآت الأمس, فالتاريخ وظيفة سامية لا يفقه قوانينها و سرها إلا المؤرخين و المختصين في البحث و مواكبة الحقائق التاريخية...
و كان من المستحسن على المهتمين بتاريخ الثورة الجزائرية و الغيورين على قداستها, لحد الاستثمار في مسيرات أبطالها الحقيقيين لترقيع مستوى خطاباتهم السياسية و تكوين طبيعة نظام حكمها, أن يباشروا أولاً بالبحث عن موقعة الجرأة الأدبية و التاريخية و يشتغلون بها, حتى تعود رمزية ثورة أول نوفمبر إلى موضعها الأصلي, و تحتل موقع القداسة الفكرية لدى عامة الجزائريين, علا وعسى يمكن حينها التنبؤ بقيمة تاريخنا و ضرورة الحفاظ عليه و حمايته من السيناريوهات السياسية, لأن بقاء التاريخ الجزائري في قبضة الاستعمال السياسي من طرف أطراف عدائية تجاه كل ما يرمز للتباهي برجالنا و عبقرية القادة الفعليين في تحضير للثورة, يبقى دائماً خارج الحماية من التسييس و يتعرض كلما أرادت هذه الأطراف الخفية إقحامه في الأمور السياسية لعملية التجريح و الإهانة من طرف كل من هب و دب, فالتاريخ ملكية جماعية, أرشيف وطني, تركة جزائرية محضة, فلا يجب توكيل له مهمة العمل السياسي لأجل تحقيق غاية ما, مهما كانت محاسن تلك الغاية بسيطة و إيجابية بالنسبة لصاحبه أو مفيدة و جد ضرورية بالنسبة للشعب الجزائري ككل.
إن التاريخ الجزائري الحقيقي بالكاد نجهله تماماً, و لا نعرف عن محطاته المهمة بمختلف صوره الإيجابية والسلبية أي شيء, ما عاد القليل منها, و هذا الجهل لتاريخنا راجع بالأساس لطبيعة الحكم في الجزائر بعد الاستقلال, و كذلك لطبيعة أشكال و أخلاق و مصداقية القائمين على دواليب السلطة آنذاك, بحيث تم تحويل الإرث الحقيقي للثورة إلى مجرد هوية أفالانية قاسية على كل ما هو عمل ثوري جزائري محض, و هذا ما يفتح الشهية لدى المهتمين بالتاريخ و خاصة المشتغلين بالعمل السياسي لمعرفة الحقيقة الكاملة حول من يدعي تفجير الثورة و من خانها في السر و العلانية, و في حقيقة الأمر, يعتبر هذا الاهتمام من طرفهم أمر منطقي و شرعي, فربما خشية منهم من تبعثر الأجيال الصاعدة في متاهة الجهل و التخوين و الانزلاق بوحدة الأمة إلى أدنى محطات الانهيار و التفتيت و من ثم تتولد ما يسمى النزعة الجهوية, و للأسف هذا هو حال التاريخ الجزائري, فالتاريخ الرسمي الذي يتم تدريسه في المدارس العمومية, يصور لنا أن الثورة النوفمبرية كاملة و إيجابية من جميع الجوانب, و أن كل الساهرين على نجاحها كانوا في مستوى المهمة و القامة الموكلة لهم, و لكن بالعودة قليلاً إلى الشهادات و الكتابات و المذكرات المنتشرة بكثرة في هذه الآونة, و التي حررها سواء الذين عاشوا الثورة أو شاركوا فيها بشكل كلي و رسمي, نكتشف أن هناك الكثير من المغالطات و التغطيات لهذا الحدث التاريخي الذي أبهر العالم, فالكل يبشر بالثورة و يباركها و من جانب آخر يتأسف بالانحرافات الخطيرة التي أطالتها, و هنا يكمن وجه التناقض القاسي علينا, كجيل صاعد يريد صناعة نفسه و احترام ذاته عن طريق معرفته لحقيقة شكل و صورة الثورة النوفمبرية.
كنا ننتظر من الذي عايشوا الثورة و انخرطوا فيها, أن يكتبوا الحقيقة مهما كانت مرة علينا, و ليس كتابة ما يستحق الثناء و التباهي بالنفس على حساب كل الثورة.
لماذا نخاف من كتابة التاريخ و تحرير أنفسنا من التبعية القاتلة لأرشيفنا؟, أليس من حق الأجيال الصاعدة اليوم, أن تطرح هكذا أسئلة جريئة: هل مصالي الحاج خائن؟ هل بن بلة جاسوس و عميل مصري؟ هل عبان رمضان تعامل مع السلطات الفرنسية في السر؟ هل العقيد عميروش مجاهد إسلامي يمقت النخبة المثقفة؟ هل هواري بومدين انقلابي و صانع مؤامرات ضد كريم بلقاسم و آخرون؟ هل علي كافي عنصري,جهوي, يعادي منطقة القبائل؟, أسئلة كثيرة يستحي منها هذا القلم, و لكن تنتظر الجواب من المخضرمين و كبار القادة المتبقين على قيد الحياة, فعلى الغرار, لو أخذنا تصريحات الدكتور سعيد سعدي, لما صرح علانية في إحدى محاضراته حول التاريخ, أن مصالي الحاج خائن و ضد تفجير الثورة, و نحللها بكل موضوعية دون الدخول في تفسير النوايا و قراءة الأهداف, نجد أنه من حق الرئيس السابق للأرسيدي و صاحب كتاب "عميروش,حياة,موتتان,وصية" فتح النقاش و تحرير الصمت الغير المبرر في قراءة التاريخ الجزائري المعاصر بأعين مغلقة, فلو من باب تنظيم الصلاحيات و المناصب, و عملاً بقانون الرجل المناسب في المكان المناسب, و لكل رجل وظيفة تؤهله لتحمل مسؤولياته, فالدكتور سعيد سعدي كونه سياسي بالفطرة, من حقه أن يتناول هكذا مواضيع حساسة و طرحها للنقاش و التفاعل الإيجابي معها, و أما العمل الأكاديمي و تأريخ الأحداث فبالطبع مهمة المؤرخين و الباحثين, و حسب اعتقادي لو قامت الجهات المعنية بإنجاز المهمة و كتابة التاريخ دون تحيز و لا محاباة, لما وجد أمثال الدكتور سعيد سعدي فرصة التشكيك و تخوين رجال الأمس.
و لكن الأدهى من كل هذا, أن تصريحات الدكتور سعيد سعدي لم تمر مرور الكرام على شاكلة التصريحات و الاتهامات التي أدلى بها في عدة مناسبات رجال السياسة و مسؤولين في الدولة و مؤرخين و مجاهدين في حق هذه الشخصيات, و لكن دون أن تـأخذ نفس المجرى و الضجة الإعلامية و التهويل و التدويل, و هنا يتوجب علينا أن نطرح هذا التساؤل لماذا؟.
كنت أنتظر الرد على تصريحات الدكتور سعيد سعدي من طرف أحد قادة الثورة الجزائرية كالمجاهد الكبير حسين أيت أحمد العارف بخبايا التاريخ و أسراره الكاملة, بحكم المنصب الذي يشغله إبان الثورة, و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن, و راح النظام عن طريق محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة برفع دعوى قضائية في حق سعيد سعدي بتهمة القذف و إهانة رموز الدولة الجزائرية, قبل إقدام عائلات تلك الشخصيات بفعل ذلك.
لكم المحروقات و لنا التاريخ, شعار رفعه الدكتور سعيد سعدي طوال مسيرته النضالية, و ما يزال مصر على التشهير به و العمل على تحقيقه, معتقداً في قرارة نفسه, أن تاريخ الثورة الحقيقي تم حجزه في مكان ما, و مدفون لغاية معينة, و يدرك تمام الإدراك أن التاريخ تعرض للتحريف العمدي من طرف جماعة وجدة, و الدوس عليه, للحفاظ على مصالحهم السياسية الضيقة, و هم الذين خانوا الثورة بطرق كثيرة تتشابه في حجم الهدف الذي سطروه قبل الاستقلال بسنوات فقط.
ما ينفع غير الصح, شعار تم المطالبة به في مرحلة جد عسيرة كانت تمر بها البلاد, من طرف نفس المناضل الذي لا يتعب, هادم الطابوهات, سياسي محنك نال إعجاب الكثير من القادة التاريخيين, على سبيل المثال المرحوم الطيب الوطني" محمد بوضياف" الذي تم اغتياله في صائفة 1992, و عبر تلك المراحل الصعبة التي عاشتها الجزائر, كان المثقف الأول الذي لا يرفض خدمة وطنه بكل ما يملك من قوة و ضمير, كان السباق لإعلان التحدي في وجه التطرف الإسلامي و طاعون الإرهاب, صاحب مواقف شجاعة لا تعريها المسؤولية, مؤلف عدة كتب تتناول صورة البلاد في عهد الانقلابات العسكرية و انتهاك الشرعية التاريخية التي يدعون أنهم يحكموننا بها, ذو رصيد فكري و ثقافي و سياسي لا ينكره سوى جاحد و جاهل.
و على هذا ليس من العيب الأخلاقي أن يصرح في يوم ما و أمام كاميرات العالم, بأنه أخطأ في المجتمع, هذه المقولة الشهيرة التي حيرت الجميع و تحجج عليها المجتمع الجزائري آنذاك, و استغلها خصومه السياسيين لضربه, و كأن اليوم كالبارحة, عادت مقولته للتطبيق الفوري على هؤلاء الحاقدين و المنافقين لأطروحات الدكتور سعيد سعدي الذي لم يشكك في صناع التاريخ و إنما حاول إعادة النظر في صفة الخيانة التي وجدها لصيقة بتلك الشخصيات التي تدعي الحرية و الوطنية و الانجاز.
بقلم: بوشن فريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي