الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنسنة الإسلام هي موت شكل منه

عذري مازغ

2015 / 1 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


النقد هو مملكة التنوير، مساءلة بسيطة لأمور تكلست في وجداننا، "النظافة من الإيمان"، هكذا يرددها حتى الكهنة، كل ماهو تكلس في الجسد هو أذران أوساخ قديمة، هكذا تبدو امور النظافة، والذين لا يدركون هذه الحقيقة هم بالضرورة متعفنون، الحياة تتوهج دائما في الولادة الجديدة، كل توهج هو ولادة جديدة، والولادة الجديدة هي تحرر من أذران قديمة، هي تحرر مما يكلسها، لكن تبقى الأمور حتى الآن قابلة للمساءلة، النباتات التي تنبت فوق طبقة كلس لا تفعل ذلك إلا لأنها تفجره، تفجره وفق حجمها، وطبيعي أن حجمها أصغر من حجم طبقة، لكنها تفعل شيئا جديدا: تنولد..
هكذا أيضا يولد الجديد، يفجر وفقا لحجمه طبقة متكلسة من أدران ثقافة تحفظ النوع، تحفظ همجيتها، بدأت الإنسانية من مستوى معين كانت تمثل فيه طفولة يافعة، طفولة تبحث عن بقائها، ولأنها لم تصنع قوانينها في المهد، اكتشفت في الهمجية سر بقائها، كلنا يعرف أن الحضارة تولد في أرض خصبة، وكلنا يعرف ان الذي يهاجم كينونتها هم الرعاع المتدفقون من غابات الكينونة، حتى الديانات السماوية تحفظ هذا الكنه، تبحث عن جنة، كل راع يبحث أن يرحل بقطيعه إلى المروج الخضراء، وليس بصدفة تماما أن لا يرضى القطيع بغير ما يسحب الجوع من مداشره، هكذا ولدت الدعوات الدينية، لم يكن فيها ما يثير هذا النمط المتجدر الآن في العقل الحضاري، الحضارة هي السلم الإجتماعي، هي الإندماج الكلي في التعايش وفق منظومة معينة تحددها السياسة، كل الدعوات تولد متوحشة همجية، ومع توغلها في المجتمعات الحضارية تكتسب ما يجعلها متمدنة حين تكتشف العيش في الرفاه وتكتشف أن قيم الحياة ليست في القتل والهيمنة والحروب، حين يصيبها مس الحضارة تختمر وتنتج قيما تصبغها بهيمنتها، لكنها قيم ترنوا إلى الإنفطاح والتمتع بتلك القيم.. ما يجعل كل دعوة مستمرة في الحياة هو أنها تتجدد من خلال عودتها إلى روحها الهمجية، كل الدول التي حكمت بالإسلام مثلا وتأنسنت، بدأت دعوتها بالغزو والثورات والإقتتال الهمجي، بدات في عهد التأسيس تدعو لتطبيق دعوتها كما ورثتها في النصوص التي تمثل الشرارة الأولى لقيامها ، ثم تأنسنت في استنادها إلى الزخم الذي يغطسها في الرفاه الحضاري، والرفاه الحضاري هو هذا الرصيد من القيم المادية التي كسبتها في انتصاراتها الدعوية، حين تدخل مرحلة الرفاه تدخل إلى مرحلة ما يكشفها أنها تخلت عن رسالتها الدعوية التي قامت لاجلها، تأنسنت لتعيش وتصرف رغدها الذي كسبته من الحروب والإخضاع وفرد الطاعة على الشعوب التي غلبتها، وعليه وعلى خلفيتها تنولد دعوة جديدة، دولة جديدة تقوم استنادا إلى خلفية الرسالة نفسها التي قامت بها الدعوة الأولى، تلك الرسالة التي تفسخت في طيب المكاسب الذي أنسنها، كل دعوة جديدة تقوم بالدين تستند إلى الهمجية الأولى، الدعوة الجديدة في عرفنا الديني السياسي دائما يستند إلى الإنطلاقة الأولى (التطبيق الحقيقي للدين كما تسميه العامة بأثر إيديولوجية الدعوة الجديدة)، ما دونها هو ما يعتبر مسا بالدين لأنه يخالف الأصول، هذه هي الحقيقة التي لا يجرؤ على قولها كل دعاة الأنسنة الدينية، لا يمكن أنسنة الدين لأن شرارته الأولى انبنت على القتل وسفك الدماء، داعش تمثل الدين بكل تفاصيل الشرارة الأولى للدعوة في عهد النبي، تكتسح المناطق المسالمة بدئيا لتتقوى، تكسي الجغرافية بكل مخبريها عبر ما يسمى بالسرية وتغزو حيث لا يكلفها الأمر شيئا تخسره، وحين تتقوى تنطلق إلى الغزو بشكل علني، هذا ما فعله الرسول وهذا ماتفعله داعش وخليلاتها، هل ستتأنسن ؟ نعم ستتأنسن حين تنبطح فوق السلطة السياسية وتنتعش برغيد المكاسب، تصبح رفاها لطبقة معينة من المجاهدين ودائرة الخليفة، وحين تتأنسن تنولد بوادر دعوة جديدة تريد تطبيق الدين بحذافره، من هذا المنطلق لا يمكن أنسنة الإسلام، أنسنته هو موت هذا الشكل الهمجي فيه..
ماذا يعني موته؟، يعني منعه أن يتجدد في دعوة جديدة بخلفية الشرارة الأولى، لكن هذا يمس في الجوهر المقدس فيه، مسلكيات نبيه من خلال أحاديث السيرة وسور التشريع الأولى فيه، هل يستطيع المرء أن يتخلص من هذا الإرث العتيق فيه؟، نعم ولا
نعم، رهينة بتمدن الأفراد والمجتمعات الإسلامية اعتمادا على الزخم الحضاري الموروث من رصيد الدول التي حكمت بالإسلام العالم المشرقي وشمال إفريقيا إبان إشعاعها الحضاري المتمدن أي في فترة الإبداع الفلسفي والأدبي واللغوي ، مرحلة الإبداع والتفتح على ثقافة الآخر والتشبع بقيمها، مرحلة السلم والرخاء والإنتاج.. أي مرحلت موت الإسلام الهمجي المبني على الغزوات والفتوحات والجهاد.
لا، ايضا رهينة بالإعتماد على ما أسميه حياة للإسلام، اعتمادا على الزخم الغزواتي .
يمكن للإسلام أن يتأنسن إذا وضع حدا للثنائية التي تحكم مساره التاريخي في تحديد الشعوب بين مومن وما دونه كافر، مومن يقبل شروط الخنوع للحاكم بالإسلام، وكافر يزيغ عن الخضوع
والتحديد هذا عام في كل معطياته، فالكافر هو أيضا المومن الذي يزيغ على سلطة الدولة الحاكمة بالإسلام (في مرحلة النبي يسمونه بالمنافق)
ما هو الحل؟
الحل في دولة مدنية تقوم السلطة فيها على تأمين حقوق الأفراد بغض النظر عن توجهاتهم الإيديولوجية أو الدينية أو العرقية في تأسيس لمفهوم وضعي للمواطنة .. هذه هي أنسنة الإسلام وما دون هذا هو ترف في التفلسف والعلمنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وجدان، أدران أوساخ -النظافة من الإيمان-
عندل سيد الصدر ( 2015 / 1 / 11 - 13:54 )

هم الشعب= الرعاع

اخر الافلام

.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام


.. قوات الاحتلال تمنع أطفالا من الدخول إلى المسجد الأقصى




.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي