الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد الهجوم ومصير المتأسلمين في أوروبا

ياسين المصري

2015 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل إنسان يساهم بقدر ما في مصيره.
الأمر يتوقف على مدى ذكاء الفرد وقدرته على التمييز ومدى الأثر الذي تتركة في نفسه الثقافة العامة التي تربى عليها ونشأ في أحضانها.
والمجرمون القتلة المتأسلمون في أي زمان و مكان ثقافة تحشرهم عادة وعن قناعة وغباء في "حارة سد" ليخرجوا منها جثث هامدة لآن في انتظارهم رهط من الحور العين والغلمان المخلدين في جنات بدوية محمدية عرضها السموات والأرض .

هذا هو مصيرهم الذي ساهموا فيه بأنفسهم ، ولكن ما هو مصير الآخرين الذين ينتظرون دورهم، خاصة أولئك الذين يقيمون في بلاد متحضرة، فروا إليها من بلادهم الإسلاموية المتخلفة حاملين معهم بذور ثقافة التخلف والانحطاط؟ ماذا سيحدث معهم؟

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد السّيّدة آنا إلينور روزفلت ( Anna Eleanor Roosevel)؛ (تـ1962/11/7)، وهي كانت سياسية ناشطة وسيدة أمريكا الأولى في الفترة من 1933 إلى 1945، عندما سئلت ذات يوم: من هو السياسي الناجح ؟ لخَّصت الحقيقة الصادمة بكلمات قليلة وبسيطة قائلة : "السياسي الناجح هو الذي يتكلم على مستوى ويعمل على مستوى آخر".

وهكذا كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حريصا كل الحرص على تكرار القول : "هؤلاء المتعصبون لا علاقة لهم بالدِّين الإسلامي" في كل أحاديثه له أثناء الهجمات الإسلاموية البربرية في باريس . كما حرص رئيس وزرائه على القول باستمرار "نحن في حرب ضد الإرهاب وليس ضد دين". وكانا يركزان بشكل قوي على ضرورة "الوحدة الوطنية".

لا شك في أن هذا الكلام موجَّه للاستهلاك المحلي في المقام الأول ، والمهم ما سوف يتبعه من أفعال على المستوى الآخر، ولا شك أيضا في أن رئيس الجمهورية ورئيس وزرائه وكل إنسان متحضر في العالم يعرفون تمام المعرفة أن المتعصبين لا علاقة لهم سوى بالدين الإسلامي وحده وأن الحرب ضد جرائمهم لن تثمر في شيء مالم تطال وبشكل مباشر الدين الإسلاموي الذي يقف وراء تلك الجرائم ويغذيها ويشجع عليها بالثوابت والنصوص الحجرية.

ومن المؤكد أن أوضاع الأقلية المتأسلمة في فرنسا مهما كانت مزرية ، أو أن السياسة التي تنتهجها فرنسا في الشرق الأوسط منذ قرون مهما كانت متحيزة ، لا يمكن أن تبرر بأي حال من الأحوال هذه الأعمال الهمجية التي تزهق أرواح الأبرياء. كما أن قتل الأبرياء لا يمكن أن يكون سبيلا للتغيير.

الحكومة الفرنسية وباقي الحكومات الأوروبية تظهر (في الوقت الراهن) انتهاج الأسلوب الدبلوماسي الذي أشارت إليه السيدة روزفلت حيال الإرهاب الإسلاموي الوافد بقوة وعنف إلى أراضيهم؛ وذلك خشية ردود الفعل العنيفة من اليمين المتطرف الذي يصر باستمرار على ضرورة طرد أولئك المتخلفين وإعادتهم إلى أوطانهم الأصلية ليمارسوا حياتهم هناك كما يشاءون . وأيضا لعدم إحداث صدمة قوية لدي الشعوب المتأسلمة بغباء ، بحيث لا تحتملها الحكومات الهشة في دول الشرق الأوسط أو غيرها من الدول التي تتخذ من تلك الديانة منهاجا لها.
كذلك لم تتوفر (بعد) لدي الحكومات الأوروبية شجاعة إمرأة كالسيدة جوليا جيلارد - رئيسة وزراء أستراليا - التي خاطبت أحد المتشددين الإسلاميين في أستراليا قائلة بصراحة ووضوح وحزم:
"أنت متعصب لماذا لا تسكن في السعودية أو إيران ؟ ولماذا غادرت دولتك الإسلامية أصلاً ؟

أنتم تتركون دولاً تقولون عنها أن الله باركها بنعمة الإسلام وتهاجرون إلى دول تقولون أن الله أخزاها بالكفر من أجل الحرية، العدل، الترف، الضمان الصحي، الحماية الإجتماعية، المساواة أمام القانون، فرص العمل العادلة، مستقبل أطفالكم، وحرية التعبير !!!
فلا تتحدثوا معنا بتعصب و كُره .. فقد أعطيناكم في بلادنا ما تفتقدونه في بلادكم ... إحترمونا أو غادروا !"

وقد تظهر في الأيام أو الأشهر القليلة القادمة بعض الأصوات الفرنسية أو غير الفرنسية التي تطالب من المتأسلمين المقيمين في بلادهم نفس المطلب : إحترمونا أو غادروا بلادنا !
وهنا تكمن مشاكل لا حصر لها! أهمها:
كيف يأتي هذا الاحترام المطلوب دائما وأبدا من بشر كهؤلاء لا يحترمون أنفسهم أساسا؟؟!! فهم تربوا على ثقافة غرست في نفوسهم الغرور والغطرسة والغباء بدلا من أن ترفع من قيمتهم وتعلو من إنسانيتهم. وأنهم مع مئات الملايين غيرهم مبَرمَجون على الدخول في حارات القتل والدمار التي لا إمكانية للعودة فيها إلا جثثا هامدة!.


كما أن ثقافة الغرور والغطرسة والغباء لا تعتمد على مرجعية دينية واحدة مؤثرة بحيث يمكن للدول المتحضرة أن تتعامل معها، فإذا تم التعامل معها ومحاولة علاجها في بلد مثل مصر - مثلا -، فسوف تظهر بقوة وعنف في بلد آخر. إذ أن هناك مئات المرجعيات الثقافية الإسلاموية وجميعها تدعي أنها الفئة الناجية لأنها تمثل التأسلم الصحيح.
إذن سوف تحاول الدول المتحضرة دمج الأقليات المتأسلمة في مجتمعاتها ، وهذه قضية صعبة وطويلة الأمد ، وسوف تضيِّق الخناق على أفرادها الغير قادرين على التكيَّف فتجبرهم على العودة إلى بلادهم ، وسوف تحاول منع تدفق المعلومات والمال والسلاح إلى أيدي المنحرفين منهم ...... إلى آخره من الإجراءات الاجتماعية والأمنية الصارمة والهادفة.
ولكن، وأكرر دائما، لن تجفف منابع الإرهاب الإسلاموي العتيق ولن يمنع من تخطي الحدود والقفذ على السدود في عصر يتسم بانفتاح الحدود وهشاشة السدود بين الدول مالم يتم إرغام الحكومات المتأسلمة على إحداث تغييرات جوهرية في صلب الديانة الإسلاموية نفسها والعمل على وضع منهاج ديني إسلاموي جديد يتفق وطبيعة العصر والتعامل بشدة وحزم مع أي شخص يحاول تلويث عقول المتأسلمين بناء على تأويلات شخصية ، وقبل هذا وذاك لابد من تنظيم وضبط المؤسسات الدينية بحيث لا تتورم كما هو الحال في الوقت الراهن ويدلف إليها كل عاطل وتاجر دين وبلطجي وقاطع طريق.
والعقل على ما نقول شهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت