الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح

خالد الصلعي

2015 / 1 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البارحة تناقشت مع احد الملتحين حول أحداث شارلي ايبدو ، وهو يعتبر من الملتزمين دينيا حسب فهمه للدين وللالتزام ، وأبديت رأيي في قضية نشر رسوم ما يعتقد -بعض مسلمينا أنار الله بصيرتهم- أنها مسيئة لأشرف المرسلين . وواجهته بنفس القناعة التي انتقدت فيها أحد أكبر مشايخ الصحافة العربية السيد عبد الباري عطوان الذي يقول في أحد مقالاته بالحرف : "نشرت رسوما اخرى اكثر اساءة واستفزازا من بينها واحدة تصور الرسول الكريم عاريا" . انه قمة السذاجة .....وممن ؟؟ من صحفي له باع طويل في الصحافة ، لكن ما أسميه بالوعي التفكيري منعدم لديه .....كيف ذلك ؟، حتى وان ادعت الجريدة أنها تنشر صورا عارية لما تظنه وتتوهمه رسولنا ، فنحن نسألها من أين أخذت صورة النبي الكريم كي تصنع منها كاريكاتورا ساخرا ؟ ، فمعلوم أن الكاريكاتور فن "وهو صورة تبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية أو خصائص ومميزات شخص أو جسم ما، بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي والسياسي " لكائن معلوم ، والقصد منه احداث المفارقة في صورته المحرفة ؛ وهو ما يفضي الى تلك الممعادلة الساخرة ، وهذه المعادلة الساخرة لا تأتي الا من صورة مجسدة ذهنيا أو واقعيا وقد وقع فيها تحريف أو تشويه ما ، وهذا ما ينتفي في موضوع الرسول الكريم ، فهو يبقى صورة مجردة غير معلومة وغير مجسدة . وبالتالي فان أي تحريف صوري مرسوم هو مجرد نتاج ذهنية مرضية ، دافعها الوحيد والأوحد اثارة النفوس المريضة مثلها ، وتختار الوقت المناسب و الظروف العامة المناسبة لنشر غسيلها القذر ؟ والسؤال هل هناك من يعرف شخصية الرسول الكريم ، كي تصوره عاريا أو كاسيا ؟ان تشبيه أي شيئ لابد له من الصورة المشبه بها ، ووجه الشبه ، وما أسميه باقتضاء التشبيه . وفي غياب هذه الشروط والدعائم تنتفي أي مزاعم رسم نبي الرحمة ، أو تشويه صورته في رسومات لا يتسلى بها الا ذوو النفوس المريضة والمنحطة .والأدهى من هذا أننا بانتفاضتنا الحماسية ، وحميتنا الجاهلية نقر الرسامين على أن الصورة المعنية هي فعلا لنبي الهداية محمد (ص) . لأن ردود فعلنا هي انعكاس للهجوم الذي نتوهم أننا نتعرض له ، لتنشب حروب وترتكب جرائم ضخمة على هامش انشغالاتنا ومهامنا الانسانية . يوظفها الغرب توظيفا يخدم استرتيجيته ومصالحه بالدرجة الأولى ، فنقدم له هدية تلو الهدية ، الأولى بواسطة أغبياء يرتكبون جرائم باسمنا وباسم ديننا الحنيف ، والثانية من قبل الأغلبية الساحقة من سذاجنا متعلمين وغير متعلمين .
فهل يختلف في هذا الأمر الأستاذ عبد الباري عطوان عن ذلك الشخص العادي الملتزم شكليا بالدين الاسلامي ؟ طبعا لا يختلفان من حيث الذهنية ، وان كان هناك اختلاف كبير بينهما من حيث اكتساب العلم والمعرفة .لكن الكتابة الحقة هي ، قدرات ذهنية وتفكيرية وتصورية ، وليست فقط رسما بالحروف .
وأنا أناقش الملتحي ، لاحظت تراجعه ، واقراره بتهافته ، فاعترف أنه غير مؤهل للنقاش في مثل هذه الأمور وأنه لا يمتلك شيئا لا من النصوص القرآنية ولا من الأحاديث . لكنه كان مصرا على أن أي اساءة للرسول ولله توجب القتل والعقاب الشديد . وهنا نصل الى مسألة الشتم ، كالكتابة المسيئة للمقدسات ، أو الكلام النابي تجاهها ، فلكل مقام مقال كما يقال . وهنا لابد من الرد بقوة على الاساءة الى الرسول والى الدين ، فالآية الكريمة تقول : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ( 126 ) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ( 127 ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( 128 ) ) . فهذه الآية وحدها كافية لتفقيهنا في تعاليم وآداب العقاب ، فالله يأمر المؤمنين أن يكون العقاب من جنس موجبه ، " بمثل " ولا يتعداه ، لكن الصابرين لهم فضل الخير ، وهذا أجزى وأسمى . كما ان ورود عبارة " ولاتك في ضيق "واقترانها ب"يمكرون " فيه حمة تعبيرية عظيمة ، فالمسلم الحق هو من يشرح صدره لكل الحروب التي تخاض ضده ، فهو بذلك يستطيع امتصاصها ، خاصة اذا علم أنها مجرد مكر من دهات أوتو من الدهء والمكر ما لم يتسن للآخرين أن يمتلكوه . فالرسوم لاتعنينا لأنها أمر باطل ، ولا تدل على الرسول الكريم ، أما الكلام والكتابة المغرضة ، فلزم الرد عليهما بجنسهما ، أي بكلام أكثر حكمة وعقلانية ، لأن الحكيم دائما أعلى ، واللئيم وان علا فانه علو الخسف والدونية . قد يبدو للضغفاء قوة وعلياء ، لكنه بالنسبة للأقوياء خسة ودناءة . فنحن نستطيع أن نرد على المسيئين لمقدساتنا بلسان قومهم ، كرئيس الوزراء الفرنسي السابق دوفيليبان ، او عالم الاجتماع ادغار موران ، أو مجموعة من عقلاء العصر الغربيين ، كما لا تعوزنا مراجع غربية قديمة ، نيتشه ، كارل ماركس ، فولتير ، برنارد شو .....وغيرهم كثير .
ان المعركة أكبر من الصور والرسوم والكتابات والكلام . انها معركة عقول وذهنيات ، وكلما ارتقت عقولنا ، كلما كان ردنا أقوى وأعنف . وفي النهاية أسوق حدثا عن الرسول الكريم نفسه . فقد روي عنه أن قريش كانوا ينادونه حين يمر أمامهم "يا مذمم " فأجاب يوما قومه " ألا تعجبون لما يصرف الله عني من قريش يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد"!!!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بارك الله فيك.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 1 / 14 - 09:27 )
لقد صدقت في عبارتك حين تصف قتل الأبرياء لأنهم غير مسلمين، ولا يؤمنوا بشريعة( اسلم تسلم)
حين تقول:
( ان الحكيم دائما أعلى ، واللئيم وان علا فانه علو الخسف والدونية . قد يبدو للضغفاء قوة وعلياء ، لكنه بالنسبة للأقوياء خسة ودناءة )

بارك الله فيه، وجعلك في فسيح جناته، حيث حور العين والولدان المخلدون، ولَك ان تختار، ولدان مخلدون ام حور عين، حسب إيمانك بأشرف الأنبياء.

اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني