الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة في الهيمنة الذكورية ( بيير بورديو)

ياسين بوشوار

2015 / 1 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعتبر كتب الهيمنة الذكورية كتابا متخصص لنقد اليات الخفية للقهر و الهيمنة خصوصا منها الذكورية اذ يذهب بورديو الى معالجة هذه القضية قضية المراة معالجة رديكالية و لم يكن اول من اشتغل عليها بل سبقته بحوث علمية من قبيل الحركات النسائية
و عمل بورديو على تشيد سوسيولوجية نقدية تستند الى اطر مرجعية متعددة تمثل نظريته العامة و التي تدور حول سوالين مركزيين
من اين تستمد الهيمنة مشروعيتها ؟
لماذا تختفي اسس هذه المشروعية امام العيان ؟ (للامرئية)

وتعمل نظرية بورديو بخصوص الهيمنة الذكورية على اظهار اليات الخفية و هنا تكمن نظريته النقدية اذا طرحت قضية هذا الكتاب من لدن الحركات النسائية و التي حاولت تناول الموضوع من خلال ثلاث جوانب كبرى
1 لا وجود لاي قاعدة اخلاقية علمية تجريد الاستبداد الذكوري
2 يجب نقد جميع انواع اليات المستبدة للمراة خصوصا منها المجتعات البطريركية
3 نقد التبرير الديني للاسبداد الذكوري

و يذهب بورديو الى التاكيد على ان مفعولية الهيمنة الذكورية تزداد كلما ازداد الجهل بالياتها الرمزية الخفية و تستمد قوتها في اختفائها وتواريها
وهنا تحدد الوظيفة الاساسية لعلم الاجتماع كعلم ينزع نقاب عن حقيقة الهيمنة السائد في المجتمع وتحليل اسسها الخفية وما يجعل المهيمن عليه يتقبل هذه الهيمنة باقتناع

وبالتالي فالسوسيولوجية تكشف الانخداع الذي يرعاه الجميع و يشجع عليه و الكشف عنها يجعلنا نتحدث عن النظرة نقدية لبورديو و علاقته بالحقول الاجتماعية حيث يرفض النظر الى المجتمع كوحدة كلية متكاملة منسجمة او منقسمة حسب ملكية الانتاج و وسائل الانتاج بين المالكين و غير المالكين بل هو يعتبره فضاء متشكل من حقول باعتبار هذا الاخير مجالا علائقي و التي تكون محكومة بقوانين معينة و نقول ان بنية الفاعل الاجتماعي تحكمها علاقة معينة بمعنى اخر انه ليس هناك وجود مستقل داخل الحقل ويشدد بورديو على ان العلاقة داخل الحقول تكون علاقة صراع ونزاع المصالح المنافع المتبادلة وقد تكون مادية او رمزية ويقول ( لاوجود لحقل مجرد من المنافع ) و ان كان العكس فهذا من الاوهام على حد قوله

و حول بورديو في كتابه الهيمنة الذكورية الى معالجة موضوعنا عبر عملية تفكيكية وذلك من خلال جملة من الاشكاليات التي حاول تناولها و طرحها في هذا المنوال بعد ان استقراء واقع المجتمعات البحر الابيض المتوسط و اكد على ان الهيمنة الذكورية تستمر عبر 6 عناصر اساسية :

1 اشكالية الجنس و النوع : و اعتبر بورديو ان الهيمنة الذكورية ليست معطى بيولوجي انما معطى سوسيولوجي اي ان النوع هو الذي يساهم في استمرار هذه الهيمنة وذلك من خلال تحديد النوعي و التبرير الجنسي هو العامل الذي يضمن استمرارها باعتبار التحديد الجنسي لا يتغير عبر الزمكان ما و هو تقسيم الجنسي للعمل باعتبارها فروقات قائمة غير متجاوزة
التبرير النوعي الذي يعمل على تصنف الاجتماعي و ذلك بتحديد الادوار التي يقوم بها كل من الرجل والمراة

2النزعة الذكورية : و يشير بورديو في هذ المستوى على المبالغة في الخصائص الجنسية حيث يعتبر الرجل في هذا المستوى هو المالك للحقيقة وجهت نظره هي القائمة على الحق و هو الكائن العارف في كل شيء حيث يقول بورديو ان ما يميز المهيمنون هي قدراتهم الخارقة في فرض الاعتارف حيث طريقتهم الخاصة في الوجود هي طريقة كونية على هذا الاساس فان النزعة الذكورية هي اذن انتاج و اعادة انتاج ممارسات قمعية تجاه المراة والنساء

3متخيل الفحولة : وهي امقدرة الجنسية والاجتماعية و القدرة على المواجهة المباشرة و ممارسة العنف وتبقى اهم صفة لستمرار الهيمنة الذكورية حيث انها ليست متخيل ذكوري فقط بل كذلك تترسخ في ذهنية المراة و متخليها فلو لم تؤمن المراة بهذه الفحولة لما حققت دورها في ضمان استمرار الهيمنة و يبقى الضامن الاساسي في استمرار هذا المتخيل و كنموذج على هذا نجد ان المراة نفسها لن تقبل بزوج غير فحل جنسيا او اجتماعيا

4 تمثيل الهيمنة : يكمن في ايمان المهيمن عليه بان الهيمنة امر طبيعي الى درجة انه يرغب بشكل شعوري او للاشعوري على استمرارها و بقائها التي تكتسب عبر مجموعة من العوامل التاريخية و اجتماعية و ثقافية و قيمية ..

5 العنف الرمزي : يؤكد بورديو على انه لا يمكن دراسة و تحليل اثار و نتائج الهيمنة الذكورية دون استدعاء مفهوم العنف الرمزي كونها تشكل الافعال والاراء بطريقة عميقة من خلال الانقسامات الاجتماعية (الرجل المراة ) التي تندرج في الاعماق العميقة للبنية الاجتماعية و التمثلات المرتبطة بها بحيث يعيد المهيمن عليه تجسيد وجهة نظر المهيمن بشكل يصبح فيه المهيمن عليهم متوطئون بشكل ارادي في تتبث النظام القائم على التفاوت الاجتماعي و يفسر ذلك عبر اربع نقط كبرى
ـ يعتبر الهيمنة الذكورية مندرجة ضمن عمق البنية الاجتماعية
ـ ستضل قائمة مادمت البنية الاجتماعية قائمة على تفاوتات
ـ التفاوتات بين الذكور والاناث لاترتبط بمعطى بيولوجي انما الى جملة من الانقسامات السوسيولوجية

6 الاندرومركزية : بمعنى نسق من الاساطير والممارسات والشعائرالتي تعتبر الرجل في مركز الكون و هو نقطة التي تدور حوله الارض عبر تمثلات التي يتداولها الافراد فيما بينهم مما يمنح للمهيمن الشرعية

صحيح ان الهيمنة اليوم لم تعد كما كانت في السابق بفعل عوامل التغير الاجتماعي التي عرفتها المجتمعات بشكل او باخر حتى داخل المجتمعات المحافظة التي اصبحت تفكك هذه الهيمنة لكن تعيد ترتيبها بشكل اخر وذلك بعد ان دخلت المراة الي سوق التعليم و التكوين والتشغيل و اصبحت تلجأ الى مناصب معينة كانت مقتصرة على الرجال فقط وكلها عوامل ستجعل المراة تستقل ماديا لكن مازلت متعلق رمزيا بالمنظومة الذكورية اشد رتبط

والامر الذي ساهم في التغيير هي الحركات النسوانية والاعمال الادبية و العلمية التي وجهت ضد تيار الهيمنة بالاضافة الى سقوط الانظمة التقليدية بانسلاخها ضمن سيرورة العولمة

وبهذا يعتبر كتاب الهيمنة الذكورية لبيير بورديو من اهم الكتب التي عالجت و بشكل حاد موضوع الهيمنة الذكورية بشكل مثير وذلك لستناده على سوسيولوجيا تحليليةو نقدية حقيقية عبر الإثنولوجيا وختاما لم اجد نفسي امام كتاب حقيقي بل امام واقع حقيقي لمسه بورديو بصلابة بنائه العقلاني الذي يتجاوز المجرد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي


.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي




.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف حرب إسرائيل على


.. ما الذي حققته زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية في مفاوضات وق




.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب