الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكر الله.. بين المفهوم القرآني والجمود الفقهي

إسلام بحيري

2015 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السلفيون الوهابية - بما فيهم الجماعات الجهادية والقتلة - لهم ورد منتظم من الذكر صباحاً ومساء، يسمونها الأذكار.. فيقعد الواحد منهم بعد أن يصلي الفجر والعصر، ويذكر الله بلسانه في تمتمة وهذرمة سطحية لا تتجاوز تراقيَهُم إلى القلب كما أخبر النبي ص (يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم) أي لا يؤثر في قلوبهم ولا يتجاوز ألسنتهم، بدليل أنهم يخرجون بعد ذلك ليفجروا في عباد الله قتلاً وتكفيراً وتفجيراً.. ما هذا ؟ أين ذكر (الله) إذن ؟ أليس (الله) هو رمز الخير والسلام في كافة الأديان ؟
إذن هؤلاء لم يذكروا الله أبداً ولا لحظة واحدة.، وإنما هم يذكرون أنفسهم! نعم.. لحصد الحسنات التي تؤهلهم لنكاح الحور العين في القصور العوالي، في الجنة التي حرمها الله على القتلة والجبابرة والطغاة.. فكل ذاكر لله لو لم يستحضر هذا المعنى القرآني العاطفي (فاذكروا الله كذكركم آبائكم) وهو يذكر الله، أو يقرأ القرآن، فليعلم أنه يذكر نفسه ولا يذكر الله..

إن الذكر عند الصوفية (المسلمون الحقيقيون ) يؤثر في قلوبهم ويصلح أخلاقهم كما هو مشهود، فلم نر صوفياً واحداً تخرج من مدرسة الإرهاب والتطرف.. نفهم من هذا أن مفهوم الناس لـ"ذكر الله" مختلف عن حقيقة "ذكر الله" كما هي في القرآن وكما هي عند الله في الحقيقة..

مفهوم "ذكر الله" في القرآن مرادف للتعلق العاطفي بالله.. والتعلق العاطفي محله القلب.. فالقلب هو الذي يذكر بالأصالة، ثم اللسان بالتبعية.. وذكر القلب ليس بكلمات ولا تمتمات.. وإنما هو (مشاعر) بالدرجة الأولى.. ودعاء وطلب وسؤال، وتأمل قوله تعالى (فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا) تفهم معنى الذكر الذي يريده الله من عبده. إنه التعلق القلبي والحب السامي المتعالي على المصالح والرغبات.. حب لأجل الحب لا أكثر من ذلك. وقد يحب الأب أن تطلب منه وتسأله، ولذلك أخبرنا النبي ص عن الله تلك المعلومة حيث قال (من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه) أو كما قال ص.. وما أجمل اقتران ذكر الله في ذه الآية بذكر الأب..
كيف نذكر آبائنا ؟ وما هو دور اللسان هنا ؟ دور اللسان فرعي حين يفيض القلب بالحب فيتحرك اللسان حينئذ.. فحركة اللسان بالثناء باعثها الحب المعتلج في القلب. وهذا هو مفهوم الصوفية لذكر الله.

نأتي للمفهوم الفقهي لذكر الله : في الأدبيات الفقهية التراثية، ذكر الله هنا عبارة عن تحرك اللسان بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير لأجل طلب الأجر والثواب وجمع الحسنات، وكلما ذكرت أكثر كلما جمعت حسنات أكثر، وثقل وزن (حصالتك)..
وهذا الجمود سببه العداوة التاريخية بين الفقه والتصوف، فالفقه يحتاج إلى التصوف أكثر مما يحتاج التصوف إلى الفقه، ومع ذلك عادى الفقهاءُ الصوفيةَ غيرة منهم، فأدى هذا مع مرور الوقت إلى جفاف علم الفقه وخلوه من (المشاعر القلبية) والعواطف الإنسانية التي هي روح العبادة في الإسلام، قال الله تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) وقال النبي ص (إن الله لا ينظر إلى وجوهكم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم).

هذا الجمود الفقهي هو أحد العوامل التي أنتجت داعش والنصرة، لأنه أدى إلى أداء العبادات لأجل العبادات! مع أن الله شرع العبادات لأجل إصلاح الأخلاق بالتعلق القلبي بالله ورسوله ص : أصل الأخلاق الفاضلة، والمشاعر السامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53