الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احترام العالم لنا ولمقدساتنا يبدأ من احترامنا لأنفسنا

الطيب طهوري

2015 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1- علينا ان نفرق بين ممارسات منعزلة يقوم بها أشخاص أوصحف ما ، كما هو الحال مع صحيفة شارلي إيبدو ورساميها ، وهي جريدة لا تتجتوز الـ 60000 نسخة في كل عدد تصدره، وممارسات إرهابية مؤسسة تنظيميا وثقافيا كما هو حال الإرهاب الذي يتم باسم الإسلام، حيث نجد الكثير من التنظيمات التي تتبناه وتمارسه في عالمنا العربي الإسلامي وتسعى إلى تدويله، منطلقة من ثقافة تدعو إليه وتملأ رؤوس الكثير من الشباب به ، ثقافة تنطلق من الكثير من المساجد ، ولها عدد هائل من رجال الدين البارزين الذين تسمع كلماتهم من قبل جمهور الشباب خاصة ، ومنطلقة أيضا من خلفية تاريخية فيها الكثير من تلك الممارسات الإرهابية والكثير من الفقهاء الذين يتبنونها، ومنطلقة ثالثا من واقع اجتماعي عربي إسلامي يملأ نفوس الناس فيه اليأس والعجز والتدين المفرط المغيب للعقول..
2- علينا أن نعي ايضا ان الإساءة إلى رسول الإسلام بالرسوم او بالكتابة لم تقع اليوم ومن جريدة شارلي إيبدو فقط، بل حدثت قبل اليوم وفي أزمنة مختلفة مثلما فعله أحد الرسامين في الدانمارك..إلخ..وأننا نحن المسلمين كنا نرد دائما بالمسيرات والمظاهرات الصاخبة من قبل جماهيرنا، وبالتهديد والوعيد من قبل تنظيماتنا الأصولية المتطرفة، وفي كل مرة كانت مظاهراتنا وتهديدات متطرفينا تلك تزيد في رقعة انتشار تلك الرسومات والكتابات أكثر، وتزيد كذلك في رقعة انتشار فوبيا الإسلام أكثر، وتخدم إسرائيل وحلفائها وأنظمة الاستبداد العربي أكثر..وها هو الهجوم الإرهابي القاتل على صحيفة شارلي إيبدو ينقلها من 60000 نسخة إلى الـ 05 ملايين نسخة، ومن لغة واحدة هي الفرنسية إلى لغات عديدة، ويزرع الخوف أكثر في نفوس الغربيين عموما ، ويعطي مصداقية أكثر لإسرائيل أمام الرأي العام العالمي، ويزيد في انتشار العداء العنصري للمسلمين في الغرب ، ويدفع إلى إصدار القوانين التي تسمح بمراقبتهم والحد من تحركاتهم..إلخ..وهاهي المظاهرات التي تحمل شعار الدفاع عن رسول الإسلام تنطلق مدوية صارخة في مختلف مدن عالمنا العربي الإسلامي مستنكرة تلك الرسومات لتزيد في انتشارها اكثر، ولتستغل من قبل البعض كوسيلة لإقناع الرأي العام الغربي بأن ثقافة الإرهاب متجذرة في هذا العالم العربي الإسلامي، خاصة وانها لم تحمل إلى جانب شعار ات الدفاع عن الرسول واستنكار الرسوم المسيئة إليه والتنديد براسميها شعارات منددة بالعملية الإرهابية التي راح ضحيتها العديد من صحفيي تلك الجريدة والعاملين فيها وثلاثة من الشرطة الفرنسية ..
3- علينا أن نعي ان حرية الرأي في الغرب خط أحمر لا يمكن المساس به، حتى وإن مستها بعض الاختلالات نتيجة ضغط بعض القوى المتنفذة إعلاميا وسياسيا، كاللوبي الصهيوني مثلا ، وأن ذلك الغرب يعي أيضا ان التنازل عن قيمة ما من قيمه المؤسسة لثقافته خضوعا لإرادة جهة ما ، سيؤدي حتما إلى التنازل عن قيمه الأخرى تدريجيا ، وهو مالا يقبل به أبدا، إدراكا منه بان تلك القيم تحققت نتيجة نضال طويل وتضحيات ضخمة، وانها هي الحامية لاستقراره الاجتماعي والبانية لحاضره ومستقبله، وانه بدونها سيتحول إلى النقيض مما هو عليه الآن..وهو ما يعني الاستجابة لما نريده منه..
4- علينا أن ندرك أيضا ان احترام الآخر / الغرب هنا لنا ولمقدساتنا لا يمكن ان يتحقق إلا من منطلق احترامنا لأنفسنا أولا ، والخروج مما نحن فيه وعليه من اوضاع وسلوكات مشينة، حيث الاستبداد الاجتماعي والسياسي هو الذي يسير أمورنا، وحيث العجز التام عن المساهمة في بناء حضارة اليوم، وحيث يغيب النضال والتنظيم في أوطاننا ، وحيث الفقر العقلي الرهيب الذي يجعل منا مستهلكين ماديا ما ينتجه ذلك الغرب، تابعين له في كل حاجاتنا المادية، ومستهلكين فكريا ثقافة الأسلاف التي تمتلئ بها مساجدنا التي تتواجد في كل حي وفي كل قرية من أحياء مدننا وقرانا، أو ثقافة ذلك الغرب نفسه التي تلوكها ألسنتنا دون ان يكون لها أي تأثير إيجابي على حياتنا في علاقتنا ببعضنا البعض أو بأعملنا او بأوقات تلك الأعمال..و..و..إلخ..وهو ما يعني انه علينا أن نعمل في أوطاننا البائسة هذه ،أولا وقبل كل شيء، على النضال من أجل إخراج الناس فيها من حال الرعايا الخاضعين إلى حال المواطنين المحترمين، ومن حال الفقر العقلي والجمود الإبداعي إلى حال التراكم المعرفي والاندفاع نحو الإبداع في شتى مجالاته، فكرا وعلما وفنا، ومن حال الاستبداد إلى حال الديمقراطية..إلخ..كما علينا ان نعيد النظر في الكثير مما ورثناه من فقه يتنافى وروح العصر وما وصلت إليه البشرية من حقوق إنسانية وتنظيمات مدنية وسياسية واجتماعية ، حتى نكون معاصرين فاعلين حقيقة ومساهمين من ثمة في بناء حضارة اليوم وأنسنتها اكثر، وإلا بقينا خارج التاريخ، وبقي ذلك الغرب يتعامل معنا كما يتعامل المصارعون مع الثيران في حلبات الصراع الثيرانية، كل مرة يرفعون في وجوهنا رسوماتهم او كلماتهم الحمراء فنندفع منفعلين هائجين نحوها والسيوف تخترق ظهورنا..والعالم يضحك علينا..
5- ماذا لو ان المشاركين في مسيرات اليوم توجهو بها نحو الأحياء والقرى لتنظيفها مما تراكم فيها من أوساخ، وجعلوا منها بداية لمسيرات أسبوعية تتوجه كل أسبوع لتقوم بحملات تنظيفية لتلك الأحياء والقرى؟
6- أساسا ، أساسا، علينا ان نناضل فكريا وسياسيا من أجل إبعاد الدين عن السياسة وجعله شأنا شخصيا يخضع للقناعة لا للوراثة الاجتماعية وضغوطها وضغوط الفقهاء وتحكمهم في عقول الناس ومشاعرهم..علينا أن نناضل من أجل منظومة تربوية تبنى على العقلانية بدل الإيديولوجية الدينية التي تتحكم فيها حاليا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية عاطرة خويا الطيب
Jugurtha bedjaoui ( 2015 / 1 / 16 - 22:22 )

انت رجل عاقل ومتشبع بالعلم والاخلاق ولك ماتقوله في الفكر والاصلاح ، صدقني اخي العزيز انني بكيت عندما تابعث قناة الشروق البارحة واليوم وشاهدت مواءدها الادبية وانا استمع لنخبتنا كيف تعالج موضوع الساعة وكيف الهبوا النار في عقول شبابنا المغيب المسكين وخر جوا مثل القطعان الظاءعة في شوارع العاصمة يتقدمهم من اجرم في حقهم داة مرة وقتل الالاف من الجزاءريين والجزاءريات وانا اقول في نفسي لما لاتعطى الكلمة لشباب مثلك مملوء بالعلم والاخلاق والفكر المنير متى تاتي قناة متنورة وتنصفكم ؟ اتمنى دلك والى دلك الحين اقول واصل يارجل فالجزاءر لن تقوم الابامثالكم تحياتي


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2015 / 1 / 17 - 00:43 )
يقول الكاتب : (علينا أن نعي ان حرية الرأي في الغرب خط أحمر لا يمكن المساس به) .
أقول : حسناً , لو قام أوروبي بنقد اليهود , و أنكر (المحرقة) , فهل سيحاكم أم هي حرية الرأي؟ .


3 - حمر مستنفرة
سمير ( 2015 / 1 / 17 - 10:12 )
لا تذهب نفسك عليهم حسرات يا استاذنا ولا تستعجل الخير لهذه القطعان التي ادمنت الخرافة بالدين وكرة القدم. اليوم سوف تبدا الكاس الافريقية وستنفض هذه القطعان عن مؤازرة نبيها الى مؤازرة فرقها الوطنية وكان شيئا لم يكن


4 - شكر
الطيب طهوري ( 2015 / 1 / 22 - 12:16 )
الصديق يوغرطة بجاوي شكرا جزيلا لك..الشروق - للأسف الشديد - وبعض القنوات الأخرى لاهم لها سوى العمل على تشحين عواطف الناس الدينية وإضعاف روح العقل النقدي فيهم، والعمل على خدمة كل ما يجعل الإنسان الجزائري اكثر تعلقا بعالم الآخرة وأعجز عن ان يكون إنسانا واعيا قادرا على تنظيم نفسه مع الاخرين لمحاربة الفساد المستشري في وطنه....


5 - توضيح
الطيب طهوري ( 2015 / 1 / 22 - 12:27 )
الأخ عبد الله خلف تحية طيبة..
لايجد الذين ينتقدون حرية التعبير في الغرب سوى هذا المثال لإظها انها حرية مزيفة لا حقيقية، لكنهم لا يسألون انفسهم أبدا لماذا يرفض الغربيون قد المحرقة..لكن المتأمل يدرك جيدا ان ذلك كان وما يزال نتاجا لتضخم الإحساس بالذنب تجاه صضحايا تلك المحرقة ، من جانب، وقدرة اللوبي الصهيوني في الغرب على تأجيج تلك المشاعر دائما بعمله الإعلامي والسياسي المتقن الذي يضخم التذكير بتلك المحرقة دائما، وهو ما عجز ويعجز العرب والمسلمون عموما عن تحقيقة بسبب تشرذمهم واهاتمامهم بما هو من القشور بدل الجواهر..دون ان ننسى ايضا ان دولة إسرائيل في نظر الغرب هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وانها محاصرة بقوى تعمل على إنهاء وجودها وستنهيه حتما لو امتلكت القدرة على ذلك..دون ان ننسى أيضا تلك الصورة السلبية التي نقدمها للغرب عنا بتحخلفنا وصراعنا وعجزنا..إلخ..شكرا جزيلا لك


6 - وصفك صحيح
الطيب طهوري ( 2015 / 1 / 22 - 12:33 )
للأسف الشديد سمير..الناس في بلداننا صاروا مخدرين فعلا بكرة القدم والفكر الديني ..كرة القدم تنزل بهم إلى الحضيض، والتدين المفرط يجعلهم معلقين بالسماء..وفي الحالتين لا يرون الأرض فيسقطون في المطبات دائما..ويتخلفون كثيرا عن ركب الأمم التي تبني الحاضر والمستقبل..شكرا جزيلا لك ...تحياتي العميقة

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah