الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دوركِ كأم فى التعامل مع طفلك الموهوب

نجلاء صبرى

2015 / 1 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


أنت وأنا والجميع نعلم أن الأم هى الفرد الأكثر تأثيرًا على الطفل، هذا بحكم ارتباط الطفل بها وتواجدها معه أغلب الوقت، وهنالك ارتباط شائع جدًا بين مستوى ذكاء الأم وموهبة طفلها، كما أن مستوى تعليم الأم وثقافتها له دور بالغ الأثر فى نمو الطفل فى المرحلة المبكرة من حيث متابعتها لأموره وطبيعة مشاركتها له، مما يترتب عليه الأثر الأكبر فى إظهار أو زرع وتنمية الموهبة. الدراسات أوضحت أن هناك ارتباطًا قويًا بين توقعات الأم من طفلها ومستوى إنجاز وأداء وذكاء الطفل، فالتفاعل بين الأم وابنها - أيًا كان الغرض من هذا التفاعل - يلعب دورًا كبيرًا فى تنمية موهبة الطفل، وكلما زادت توقعات الأم من طفلها كلما عملتْ على تهيئة بيئة مناسبة له لتنمو لديه الموهبة، فعلى سبيل المثال، كلما تفاعلت الأم لفظيًا مع طفلها ساعدته على النمو العقلى السريع.

فالأطفال من وجهة نظرى كشرائح الكمبيوتر نطبع نحن عليها ما نريد بغض النظر عن القدرة العقلية الجينية والنمو الفسيولوجى، فكم من طفل أدهشتنا قدرته على النطق المبكر وربط الجمل ببعضها حتى أننا نسأل من أين له تلك الحصيلة اللغوية، متناسين تمامًا قدرته على السمع التى تسبق قدرته على النطق بمرحلة كبيرة، فالطفل يختزن الألفاظ وما نورده إليه من معلومات على شريحة عقله إلى أن يتوفر لديه النمو الفسيولوجى الذى يمكنه من استعمال ما اكتسبه منا عن طريق الملاحظة والسمع، لذا يجب علينا أن نوسع مداركه منذ لحظات النمو الأولى بأن نقرأ له ونعرض له الصور المجسمة التى يراقبها وكذلك نحدثه ونحاوره ونسأله فيما بعد أسئلة مفتوحة تفتح مداركه على الخيال.

كذلك على الأم احتواء صغيرها، فهى مصدر الأمان الأول بالنسبة له، وعليها أن تدرك أنه يستقى منها المعرفة الأولية وأن كافة تصرفاتها معه يختزنها بالذاكرة ولا يلفظها أو يتناساها أبدًا، فسلوكيات الأم وتصرفاتها، وحتى نظرة عينيها تؤثر بصورة بالغة فى الحالة النفسية للطفل والتى يتحدد عليها مستقبله ونموه فيما بعد، فكم من أم تغفل ما تبثه لطفلها من حركات جسدها ومن نظره عينيها بل ومن همهمتها. لتحصلى على طفل متوازن قابل للتشكيل عليكِ إفعامه بجو من الحب والألفة والسكينة والهدوء، ناهيك عن احترام قدرته على التفكير والتعامل معه كراشد وشرح الأمور له بصورة مبسطة. على سبيل المثال على الأم أن تحدد وقتًا تجتمع فيه العائلة - الأب والأم والأطفال - لا لشىء إلا للتواصل اللفظى وبث روح الألفة والترابط والمحبة، وأن يكون محور الاهتمام بالدرجة الأولى الطفل، فعليهما تعليمه أسس الحوار وأساليبه السوية المنظمة، الطفل هنا كالنبتة تحتاج للرعاية وللسماد المناسب كى تنمو قوية خالية من الأمراض قادرة على إنتاج الثمار ومواجهة كافة العوامل البيئية، والآباء هم الأرض التى تنمو منها وفيها تلك النبتة، وتصرفاتهم هى الماء والسماد، فأى أرض تريدون أن تكونوا وأى نبات تريدون أن تنبتوا؟

على الأم أن تدرك فردية أطفالها ورغبتهم فى أن يكونوا أنفسهم لا أن يكونوا امتدادًا لها أو للأب، لذا عليها أن تتناسى تمامًا صورة الامتداد تلك، وكذلك لا تتوقع من الطفل أو الطفلة أن يكونا صورة مكررة منها، فلكل كائن حى فرديته وشخصيته التى يبغى أن يكونها بعيدًا عن ذويه، لذا فمن الضرورى جدًا أن تنفصل الأم عن رغباتها فى تلك اللحظة مع احترام رغبة الطفل والمواءمة ما بين المناسب له وغير المناسب، فالأطفال أيضًا لا يملكون رؤية حياتيه كاملة، ومن هنا تتأتى ضرورة مساعدة الأم لهم بحكمة وحنكة حتى لا تقضى على آمالهم فى أن يكونوا ما يريدون، ولا تشجعهم على أن يُكونوا صورة سلبية قد يُكونوها هم عن أنفسهم نتيجة لعدم إلمامهم الكامل عن طبيعة وآلية وظروف الحياة من حولهم.


نجلاء صبري - أخصائية نفسية / مصر
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران