الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعزية بالكفار خيانة وليست من الدين

طوني سماحة

2015 / 1 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تأدية واجب العزاء لضحايا شارلي إيبدو ليس من الدين، بحسب الداعية وجدي غنيم، كما أن الإخوان المسلمين "خونة". والسبب؟ قدمت الجماعة العزاء للحكومة الفرنسية في ضحايا "شارلي إبدو". بغض النظر عن دوافع الاخوان في تقديم العزاء، والتي قد تكون من باب التقيّة، إلا أن الداعية يعتبر تقديم العزاء في هذه الحالة مخالف للدين. لماذا يا ترى؟ الدين لا يسمح بتعزية الآخر، فكيف إذا كان الآخر عدوا؟... ألهذا المستوى انحدرنا في انحطاطنا الأخلاقي؟

لماذا، أيها التكفيريون، تبشرون بثقافة الموت حتى أن الموت لم يسلم من فتاويكم؟ لماذا تجرّدون هذا الانسان المسلم والعربي والمشرقي مما تبقى لديه من انسانية حتى تحوّلوه الى مسخ، أقل ما يقال فيه أنه يشبه داعش؟ لماذا تحجبون النور عن عيني هذا الانسان البسيط لكي تجعلوا منه وحشا تتجنبه حتى الوحوش؟ لماذا تقسمون العالم الى معسكرين : مسلمين وكفار؟ حتى هذه الروابط السامية بين الناس تريدون قطعها؟ لماذا تعجز ألسنتكم عن النطق بعبارات الحب والمودة بين الناس، ألا يكون عالمنا أجمل لو نحن عشنا مختلفين في الفكر ولكن تجمعنا الروابط الانسانية؟ لماذا لا تعلّمون أتباعكم حب الآخر، أإلى هذه الدرجة أصبح الدين هشا لا يستطيع تقبل الآخر؟

أيها الدعاة،
عندما يقف الدين عاجزا عن تقبل الآخر حتى لا أقول عن حب الآخر، كان من كان أو مهما كان هذا الآخر، فهذا دليل على سقوط الدين. الدين للإنسان وليس الإنسان للدين، أيها السادة. الدين الذي يحمل السيف بحد السيف يسقط، أيها التكفيريون. الدين الذي لا يخدم الانسان ليس بدين.

أيها الدعاة،
أحتى الموت والاموات لم ولن يسلموا من عنصريتكم ؟ ألا يحق للميت أن يرقد بسلام حتى بعد موته،فتلاحقونه بالحقد والعنصرية؟ ألا يحق للميت أن يموت برصاص الحقد مرة، حتى تميتوه بعد موته مرات؟ ألا يحق للميت أن ينتقل الى الجانب الآخر من الحياة دون أن تلاحقه فتاويكم؟ ألا يحق للميت أن يسلم من شتائمكم وأحقادكم بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة؟

أشعلت فتاويكم النار في الهشيم، أيها الدعاة. ها هي بلداننا تحترق. رجالنا ونساؤنا يموتون بالمئات، حتى أن الكثيرين من الذين ما زالوا على قيد الحياة هم أحياء أموات. أطفالنا يتامى، بيوتنا متداعية، حقولنا خربة، مصانعنا مهدمة، مدارسنا مقفلة، وأنتم ما زلتم تكفّرون وتدعون الناس لذبح بعضها البعض.

لا يا سادتي، الفكر الداعشي لم يأت من فراغ. بل هو ثمرة تعليم وإيديولوجية وطريقة تفكير وتكفير. أستفيقوا أيها الشيوخ والدعاة. قبل أن تحلموا بتحرير روما، حرروا ذواتكم من الحقد. قبل أن تقتلوا الناس بتهمة التبعية للشيطان، أقتلوا الشيطان الذي يسكن في أوصالكم. قبل أن تكفّروا الآخر، أخرجوا الكفر من أعماقكم. قبل أن تتهموا الآخر بالكفر والشرك بالله الذي تعرفوه، اقتربوا من الله الذي لا تعرفوه وتعرفوا عليه.

حضرة السيد وجدي غنيم،
إن قتلى شارلي إيبدو هم ضحايا وليسوا بمجرمين. والرصاصة الاولى التي أصابتهم كانت رصاصة التكفير والفتاوى قبل أن تصيبهم رصاصات الاخوين كواتشي. قتلتوهم مرة، لا تقتلوهم مرتين. لا تريدون التعزية بهم حسنا تفعلون، لكن دعوا أولئكم الذين تبقّى لهم الحد الأدنى من مشاعر الانسانية أن يشاركوا إخوتهم البشر في واجب العزاء حتى لا تخلو بلادنا من البشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah