الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقلية ومؤسسات السلطة ..!!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 1 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأقلية ومؤسسات السلطة ..!!
الديناميكا التي تحكم العلاقة بين افراد الأقليات القومية والعرقية وبين الأكثرية القومية أو العرقية ، عبر مؤسسات السلطة هي ديناميكا متشابهة في كل مكان ، ولا أهمية لإختلاف الأعراق التي تقوم بينها ديناميكا حياتية ومعيشية مُشتركة ، هي ذات الديناميكا مع تغيير الأسماء والأماكن فقط .
فطبيعة هذه العلاقة تتميز بالشك المتبادل بنوايا كل طرف عن الطرف الأخر ، إنعدام الثقة في التصريحات التي يُطلقها ممثلو الأغلبية ، والتعامل مع أفراد الأقلية كمُجرمين محتملين ..!!
وعادة ما تكون الشرطة هي المؤسسة السلطوية التي تربطها ديناميكا ما ، بالأقلية القومية او العرقية .
فلننظر إلى العلاقات بين الافرو- أمريكيين وبين الشرطة .... فهي التي تدخل احياء السود ، وهي التي تصطدم يوميا بهم ، وهي التي تتسرع في إطلاق النار . وفي الفترة الأخيرة ، نحن شهود على "صدامات " بين الشرطة وابناء الاقلية العرقية ..
في فرنسا ، وقبل مذبحة شارلي ، تحدثت وسائل إعلام كثيرة عن أحياء المهاجرين المُهملة والتي لا تدخلها سوى الشرطة التي لا تتورع عن إستعمال الرصاص الحي في الصدامات .
أينما نظرتم ، ففي البلاد التي تعيش فيها أكثرية واقلية ، والتي كانت طبيعة العلاقات بينهما تتسِّمُ بالعداء التاريخي أو بالتمييز العنصري ، فإن العلاقة بين الاقلية ومؤسسات دولة الأكثرية ، يسود هذه العلاقة الشك المتبادل ، إنعدام الثقة والعدائية .
وبسبب هذا الإرث "التاريخي " ، فإن لكل مجموعة (الاقلية والاكثرية ) مناطقها السكنية الخاصة ، والتي عادة ما تكون احياء فقر للاقلية ، تنتشر فيها المخدرات والسلوكيات العنفية . ومستوى التحصيل العلمي لأبناء الأقلية متدنٍ ، البُنى التحتية متخلفة ، ومستوى الخدمات هابط .
أحياء الفقر مرتبطة بأبناء الأقلية عادة ، ونسبة أبناء الأقليات في السجون أعلى بكثير من نسبتهم السكانية ، فمن ابناء الأقليات نجد اغلبية مدمني المخدرات ، اللصوص وباقي الجرائم ..
لا تختلف ديناميكا العلاقة بين المواطنين العرب في إسرائيل (الاقلية ) وبين سلطة الأكثرية عبر أذرعتها وخاصة الشرطة ، عن علاقة باقي الأقليات والأكثريات في العالم .
وفي اليومين الأخيرين مات شابان بدويان من مدينة راهط في جنوبي البلاد ، في مواجهات مع الشرطة ..
الشاب الأول ، مات بالرصاص الذي اطلقه شرطي ، خلال مطاردة "لتاجر " مخدرات .. !! ولا يجري الحديث عن الشاب القتيل على أنه التاجر .. لقد كان في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ .. لم يتريث الشرطي ، لم يتردد ، لم يتبِّع تعليمات البدء بإطلاق النار ، بل أطلق النار ..وكفى ... فالشاب عربي بدوي ، إذن هو مذنب حتى تثبت برائته ..!! علما بأن والد القتيل خدم فترة طويلة في حرس الحدود .
والقتيل الثاني ، مات في صدام بين الشرطة والجمهور الغفير من المشاركين في جنازة الشاب الأول .
وفي العادة ، تبتعد الشرطة عن مسار الجنازة (في مثل هذه الحالات ) لئلا يحدث إحتكاك بين افراد العائلة الثكلى وافراد الشرطة المتهمين بالقتل من وجهة نظر العائلة .. لكن حدث العكس وقامت دورية شرطة بالإحتكاك بالمشاركة في الجنازة .
لا يهم كيف تم هذا الإحتكاك ، ومن المسؤول عنه ، فهو مجرد الفتيل الذي اشعل الصدامات مع الشرطة واهالي مدينة راهط .
المُشكلة في الإرث التاريخي ، الذي يحمل في طياته تمييزا عنصريا ، إهمالا متعمدا في البنى التحتية ، في الميزانيات التعليمية ، في دمج المواطنين العرب في سوق العمل ، في مصادرة الأراضي ، في التضييق على البناء والتطور الطبيعي وفي هدم البيوت بحجة البناء غير المرخص ( علما بأن المؤسسات التخطيطية في الدولة لا توافق على خرائط هيكلية لتوسيع البناء في المدن والقرى العربية كإستجابة للزيادة الطبيعية ) ، وكثير من التمييز اللاحق بالعرب .
تماما مثل التمييز اللاحق بكل افراد اقلية قومية ، لكن حِدة هذا الإرث التاريخي قد تكون أشدُّ عند الاقلية العربية في إسرائيل .
فكل الاقليات ، تمثيلها عالٍ في السجون ، تحتل الوظائف الأدنى ، وتعيش في أحياء فقر ..
ليس الذنب ذنب الشرطة ، فهي غير مهيئة وغير مؤهلة ، أفرادا وقيادات ، للتعامل مع الاقلية التي تُعاني من تمييز ممنهج .
فنفس الشرطي يتعامل بلطف وإحترام مع مواطن من الأغلبية ، وينقلب رأسا على عقب عند تعامله مع إبن الأقلية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقة مرة للاسف
بشارة ( 2015 / 1 / 21 - 12:36 )
عندما ازور البلاد اشعر ان الاماكن السكنية للعرب شديدة الكثافة تكاد تخنقني اضافة الى عدم وجود تخطيط مدني وعدم التزام الناس بقوانين البلديات هذا ان وجدت, يعني مناطق العرب شبيهة بكنتونات فلتة حكم.وللدولة المسؤولية الاكبر في هذا فسياستها مع التجمعات السكاتية العربية سياسة معالجة مرض سرطان اخذ بالتفشي
هنالك شكل اخر للتفرقة الا وهو افراغ التجمعات السكنية العربية من مؤسسات الدولة كما حدث بين بلدية الناصرة مع الناصرة العليا في نقل المحكمة المركزية..لكن ما يحزن هو ان التجمعات السكانية العربية اصبحت اماكن للنوم لعمال السخرى وبعض اصحاب المهن الحرة حيث اختفى او كاد وجود الحرفيين لصالح المصانع واضمحلال مهنة الزراعة لاسباب من السهل تخيلها واذا جمعنا هذا كلة الى التفرقة الموثقة في تمويل البلديات حسب ان كانت ذات غالبية عربية او يهودية وسلب اراضي في المخططات الهيكلية للتجمعلت العربية القديمة لصالح اليهودية الجديدة وضعف التمويل للبنى التحتية يجعل المناطق العربية تختلف بوضوح عن تلك اليهودية
موضوع مهم ومسن
تحياتي عزيزي استاذ محاجنة


2 - شكرا عزيزي بشارة
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 1 / 21 - 13:10 )
تحياتي
انت تعرف الظروف جيدا ولا اضيف لك
تحياتي

اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات