الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة لا تعرف الانكسار ( قصة من وحي الواقع

علاء عبد الواحد الحسيني

2015 / 1 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لم تكن تعرف أن القدر المحتوم سوف يختارها الى مهمة صعبة تضعها في سفينة الحياة بدون رفيقها وشريك حياتها الذي لطالما رسم البسمة على وجهها ليتركها وحيدة مع ابنائها الخمسة بدون معيل وليجبرها القدر المحتوم لتقود دفة السفينة مستعينة بقوة ذاتها التي كانت تستعين بها كلما واجهتها موجة عاتية فما كان لها الا ان تكون هي القائد لابنائها و الموجه والاب الحنون المدافع والمنفق والحامي لهم وفي نفس الوقت عليها ان تكون الام الحنونة والمربية الفاضلة .بقدر مافيه من حزن بفراق رفيق حياتها فا كسبها ذلك الانكسار القوة والعزيمة لتواجه امواج الحياة العاتية منفردةً . فيضعها القدر امام اول اختبار حقيقي فكانت محاولة اهل زوجها لسلب ابنائها الخمسة منها بحجة انها من طائفة اخرى فكان موقفها حازما وقرارها ثابتاً كرمح ثابت في الارض لتنقذ ابنائها من الانفاس المسمومة والعقل الضيق المغلق في ظل ظروف صعبة يعاني منها مجتمع تمزقه الطائفية ويتهاوى نسيجه الاجتماعي في كل يوم . فانتشلت بهذا القرار ابنائها من هول هذا المرض العضال الذي اصاب المجتمع .فكان عليها ان تخطوا الخطوة الثانية لتستقل بابنائها الخمس وتتفرغ لتربيتهم وتخطط لمستقبلهم خارج نطاق الفكر الضيق المنغلق فانتقلت الى مكان اخر فاشترت داراً اجرت نصف الدار والاخر للسكن فتحقق بهذه الخطوة مصدرا للانفاق على عيالها ودارا تسكن فيها .وبذلك تبدأمرحلة مهمة لعشقها المتناهي للعلم فتفرغت تماما لتدريس ابنائها فقسمت وقتها بين عمل المنزل وتدريس الابناء فالسهر معهم لساعات طوال ومن ثم النوم سويعات قليلة وبعدها تقوم في الصباح الباكر لتراجع لهم دروسهم وتتأكد انهم هضموا الدرس فكانت لهم خيرأَم وخير مدرسة كان عليها ان تحل مشاكلهم كلاً على انفراد وتتقاسم همومهم وطموحهم وتعينهم وتوجههم لكي تحقق بهذا جواًعائلياً تملئهُ روح المحبة والسلام والتأخي والمؤاثرة .الاولاد يكبرون وباتوا في الكليات فلا بد من مصدر ثاني للانفاق فقررت ان تعمل وكان لابد ان يكون عمل يليق بها فهي لم تعتاد على العمل خارج المنزل لكن الظروف اجبرتها ووضعتها في الطريق فعملت موظفة بعقود في وزارة التربية لتحقق بذلك مورداً مالياً ثانياً . في خضم هذه المشاغل وهذه الظروف القاسية لم تنسى طموحها في الدراسة الجامعية فكان حلم الدراسة يراودها دوماً فقررت وبخطوة جريئة ان تدخل (كلية الحقوق) وتحدت كل تلك الظروف القاسية وكسرت كل الاحجارالتي تجدها في طريقها بمعاول الصبر وقوة الذات وثبات العزيمة .كان اصدقائها وزملائها فخورين جداً بها ومن بينهم كاتب هذه السطور كانت تعتبر لهم رمزاً لرقي الاخلاق ومثال للمرأة المكافحة المثابرة والام المربية الفاضلة كان من سماتها الخجل وادب الحوار ومخافة الله كان الجميع يتغنى باخلاقها وكفاحها وحسن معاملتها مع زملائها واصدقائها فكان لي معها اكثر من حديث كان كل حديث يعطيني دفعة لتحقيق طموحي الذي كنت اصبوا اليه بعد التخرج من كلية الحقوق فدار بيني وبينها حديث وفي حينها توجهت لها بسؤال وقلت لها سيدتي الفاضلة انت امرأة كافحتي كثيراً من اجل مستقبل ابنائك فما هو اجمل شيء تفتخرين فيه بهذه المسيرة الطويلة من الكفاح وكعادتها كانت تطأطىءبرأسها خجلاً عندما يتحدث معها احد من زملائها فرفعت رأسها وتوجهت لي بالكلام وقالت بكل فخر وكبرياء وشموخ يااخي اني قدمت لبلدي العراق ابني البكر طبيباً وابنتي استاذة جامعية وابني الاوسط طبيب اسنان وابنتي الاخرى صيدلانية والاخرى تنتظر دخول الجامعة فهذا فخري وهذا انجازي الذي افتخر به واعتز به كثيراً. كنت ولازلت احترم هذه المرأة واتكلم عن انجازاتها التربوية والاخلاقية وخصوصاً نحن في بلد قد تهاوت فيه اغلب القيم الاخلاقية والاجتماعية واصبح نسيجه الاجتماعي بالياً مهترىء من قساوة الحروب وتجار الدماء . عندما تجد في هكذا بلد وفي مثل هكذا ظروف مثل هكذا نساء تعطيك دفعة امل ان هذا البلد لازال فيه نساء هن حواضن الحضارة ومنبع للمعرفة والمؤاثرة يصنعن التاريخ بعلم ومعرفة لتبث رسالة للاجيال ان هذا البلد له عمق تاريخي حضاري لن يموت ولن يندثر مهما حاول اعدائه ان ينالوا منه . نعم سيدتي انا وعائلتي فخورين بك وبانجازك الانساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناشطة الاجتماعية فاطمة حكيم


.. رئيسة جمعية الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أميرة سكر




.. المحامية فداء عبد الفتاح


.. أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية




.. عضو الهيئة واللجنة وممثلة نقابة الأطباء في بيروت جوزيان ماضي