الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين وموروث السلاطين

لينا سعيد موللا

2015 / 1 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني





يهدف الدين حين ولادته، إلى إقامة ثورة تهدف إلى تغيير العادات والسلوكيات المجتمعية السائدة، ينادي بمزيد من العدالة في تقسيم الثروة والمساواة في توزيع الحقوق مانحاً الرضى لكل المظلومين، وإلى ترسيخ القيم الأخلاقية التي تحكم علاقات البشر، وتدعي إلى طاعة الخالق العادل ووالرحيم والمحب.

لكن التعاليم الدينية سرعان ما تصطدم بمصالح وامتيازات المتنفذين وأصحاب السلطة ، مما يدفعهم لمحاربته عبر التمسك بالموروث الثقافي والمجتمعي المتجذر والذي يبقيهم سادة للقوم ويحفظ لهم مصالحهم .

بعض الأديان استطاع كسر الطوق وانتشر بفعل قدرة المهمشين على كسر أصفاد العبودية تجاه مستعبديهم، وبعضهم فشل وتلاشى!!

تصبح قدراتهم جبارة متى وصلوا إلى القناعة بوجود قدرة عليا تنصفهم وتقف معهم في مواجهة الجور، فإنهم يهبون للمقاومة، يحدوهم الأمل بتحسين الحال والانفكاك عن هيمنة المستبدين.

يخبرنا التاريخ أن تسليم المتحكمين والمتنفذين بالدين الجديد وادعائهم بالايمان كان شكلياً منفعياً ، و هم في خطوة لاحقة أقدموا على ركوب الموجة إلى أن تسنى لهم الاستيلاء على العرش من جديد، لكن هذه المرة باسم الدين بدل الموروث القديم، حيث تجري عملية تطويعه في الخفاء، بتسلل آلاف الأكاذيب والقصص التي تعيد لهم امتيازاتهم وقدراتهم مؤمنة لها الديمومة والاستقرار. معتمدين هذه المرة على قوة الايمان الجبارة التي اعتملت في صدور المؤمنين وذلك لتطوير سلطاتهم وثرواتهم، والدخول في حروب كل هذا لمصالحهم التي تشكل جل اهتمامتهم، وإلهاء شعوبهم بآلاف المشاكل الفرعية.

لا بأس من اعتبار الدين الجديد رمزاً للدولة الجديدة، ومن جعل ما جاء به هدفاً معلناً إلى حين حسم الصراع لصالحهم ، سنجدهم يوعزون لرجال الدين من بطانتهم إلى اختلاق هذه القصص والأكاذيب وإقحامها في التعاليم الدينية، وهي في أغلبها تأمر المؤمنين على طاعتهم وعدم مجابهتهم كجزء من طاعتهم للخالق .

وهكذا يتم تطويع الثورة الدينية لمصلحة المستبدين من رجال الدين والملوك والأمراء. ، ومع تكرار تردادها تتولد القناعة على أنها من صحيح الدين، لا بل هي واحدة من أركانه الأكثر أهمية بحيث يصبح من يتجرأ على تجاوزها وكأنه يرتكب الكبائر التي تبيح قتله وبأبشع الطرق.

يصبح من يطالب بالإصلاح والاضاءة على هدف الدين الحقيقي كافر وعدو الله والشعب، وهكذا تم التخلص من عشرات الآلاف من المصلحين الذين أرادوا تنقية هذا الدين مما لحقه من شوائب أقحمها المستبدين والطغاة، والاضاءة على جمالياته بمعزل عن مصالح الحكام وأطماعهم .

الدين في النهاية علاقة إيمانية بسيطة بين الانسان والخالق، وإقحام الحاكم ومؤسساته الدينية في تفسيرها وأدلجتها هو لترسيخ سلطانه، هكذا يفهم الكثيرون الأحزاب الدينية التي تحاول استثمار قوة الايمان بالخالق في تنفيذ مشاريعها للاستيلاء على السلطة، لكن ما يهم الانسان اليوم ليس بقاء السلطان على كرسيه مورثاً صلبه من بعده، هذا الانسان تطور عبر المعاناة الطويلة ليطالب بما هو أكثر من الدعاء لله في منحه حاكماً عادلاً، غلى تداول السلطة وفي أن يكون هو مصدر لهذه السلطة، فما يهم الانسان عبر التاريخ هو تحقيق المساواة وتحسين مستويات العيش، وهو أمر لا يوافق مصالح المستغلين .

ثوراتنا اليوم يتم استيعابها والاستيلاء عليها بذات الطريقة، عبر المتنفذين والحكام للبقاء جاثمين فوق الصدور، عبر الافادة من الموروث الديني الذي ساهم أجدادهم بتضليله واستغرقوا لأجل تسويقه أجيالاً كثيرة، وهم يقاومون بشراسة.

يتم استثمارها أيضاً من قوى خارجية لأجل صناعة التطرف الذي يعتمد على ما هو مدسوس في تعاليم الدين، التطرف الذي يكفل لأن تتحول منطقتنا إلى بؤرة للنزاع تسهل تحقيقهم لمصالحهم ويبيح تواجدهم متى شاؤوا.

في النتيجة يبقى الانسان المسحوق هو الضحية ... ضحية ما هو مدسوس، ضحية تراخيه وقلة غيرته على نقاء وفضائل التعاليم الدينية التي يؤمن بها متناسياً هدفها الحقيقي، ليتحول ضحية انغلاقه وتسليمه بكل ما يسمع ولو كان مخالفاً للمنطق.

إننا نعيش اليوم جزء من صراع أزلي لأجل تحقيق المصالح.

ويبدو أننا اليوم مدعوون أكثر من أي وقت مضى، للتفكير ملياً ..

لماذا نحن اليوم راضخون، وكيف نقطع دابر الحكام والمستغلين من الجثوم فوق صدورنا أكثر، وكيف نخرج من هذه الدائرة المغلقة نهائياً؟

قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي


.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية




.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا