الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السخرية بالنبي، وموقف النبي منها، والعنف كوسيلة للرد عليها...موقف معياري من السيرة النبوية

معاذ العمري

2015 / 1 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السخرية بالنبي، وموقف النبي منها، والعنف كوسيلة للرد عليها...موقف معياري من السيرة النبوية


حين يتعرض زعيم لاستهزاء أمام شعبه وبين أتباعه على يد خصم معارض، فلا بد أن صنوف التعذيب والتنكيل ستكون في انتظاره، ومن الصعوبة تخيل أن مقترفها سينجو من القتل على أية حال.
مثل هذا لم يحدث البتة، حين قدِمتْ مجموعة من اليهود على النبي، عليه السلام، وقالت له: "السام عليك يا رسول الله".
كلمة (السام)، والتي يقترب نطقها من نطق كلمة (السلام) تعني الموت، أي: الموت عليكم يا رسول الله.
استغلال هذا التقارب اللفظي بين الكلمتين، بقصد تمرير استهزاء وسخرية قابله النبي بجملة واحدة، أو بالأحرى، بشبه جملة، فرد عليهم، وقال لهم: {وعليكم}، واكتفى بذلك.
في هذا الرد، والحذف المضمر فيه نباهة، وثقافة، وحضارة، فالنبي من جهة يقول لهم: أنتم، اسمعوا، أنا ميزتُ ما قلتم، ولم تنطلِ عليّ سخريتكم. وأما قولكم لي: يا رسول الله بعدها، فلم يحجب عن باصرتي ما أضمرتم من سخرية واستهزاء. وها أنا ذا أرد عليكم منبها لكم، ولكني لن أدرج مدارجكم في الاستهزاء، وسوء الاستقبال .
أما الوجه الحضاري، فظاهر في السلوك الإسلامي، الذي رسخه النبي، معلقا على قول عائشة لهم، حين سمعَـتْهم، وأدركتْ ما يقصده هؤلاء بقولهم للنبي: فانفجرتْ غضبا بوجوههم، وصاحت بهم: {عليكم (أي السام أو الموت)، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم}.
ردة الفعل هذه قد تكون مبررة من عائشة على أكثر من جهة، فمن جهة هؤلاء اليهود يستهزئون بالنبي في مجلسه وبين قومه، ومن جهة أخرى هم يستهزئون بزوجها علاوة على ذلك .
لكنه، عليه السلام، قال لها : {مهـلاً، يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش}
النبي يرفض هذا السلوك من عائشة، ويعتبره عنفا لفظيا، وفحشا في الكلام، وهما سلوكان في نظام الأخلاق في الإسلام ليسا من أخلاق المسلم الأصيلة، حتى لو تعرض نبيهم لمثل هذه السخرية، وليس هذا وحسب، بل طلب منها الرفق، فلا يكفي ألا تكون عنيفا، حتى تكون حقا مسلما، بل لابد أن تقابل هذه السخرية برفق ولين حتى مع خصوم، ولو كانوا من طينة هؤلاء المستهزئين اليهود.
لا يذكر الحديث ردات فعل من الصحابة، ولا شك أنهم كان في معرض يخولهم الرد والغضب.
الحديث يرويه البخاري في كتاب الأدب، ومن الغريب أن يحشد الخطباء، والمدافعون عن الإسلام، والمبررون للعنف باسمه ما وسعهم من نصوص ومرويات وفتاوى تُسوغ العنف دفاعا عن النبي، كلما تعرض النبي الكريم لسخرية على صفحة جريدة نكرة في الغرب، بينما لا تكاد تسمع هذا الحديث من أحد منهم. ولو من باب أن في الإسلام نصوصا تكبح العنف وترفضه.
وربما أن كثيرا من المسلمين يسمعون بهذا الحديث لأول مرة، وربما ما كانوا ليتوقعوا أن الرسول ينهاهم صراحة عن العنف، العنف اللفظي ناهيك عن العنف المادي والمسلح، العنف الذي دُمغ به الإسلام على يد كثير من خصومه مثلما على يد كثير من أتباعه.


معاذ العمري

الموقع الشخصي على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/pages/معـاذ-العمـري/1472111746410003?ref=hl








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا


.. البابا تواضروس الثاني يستقبل المهنئين بعيد القيامة في الكاتد




.. الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة


.. احتفال نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل من الإخوة المسيحيين بقدا




.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي