الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفهم الفيبري للاسلام -3القديس و الشيخ-

محمد البكوري

2015 / 1 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتحدث بريان س تارنر في فصل من فصول كتابه ، السالف الذكر في الجزئين السابقين من هذه الدراسة ، عن احدى اهم الكتب، التي تناولت بالدراسة و التحليل "العقلية المغربية"، وهوكتاب المفكر الفلندي ادوارد فاستير مارك ،Edward Vestermarkوالمعنون ب"الطقس و المعتقد في المغرب"Ritual and Belief In Morocco ،وهوالكتاب ،الذي يعتبر مرجعية ثقافية لايستهان باهميتها ،على مستوى تحليل عمق الذهنية التقليدية المغربية ،مع التركيز على بعض المنطلقات التيمولوجية، من قبيل ،"البركة"Barakaو" الولي."Waliفالمفهوم الاول يقابله في التداول الانجليزي لفظBlessing،اما الثاني فيشير اليه مصطلحSaint. وبعد ذلك ،وفي اطار تحليلاته المتمعنة للدراسات الفيبرية المتعلقة بتشخيص المرتكزات المؤسسة للاديان ، نجد ان تارنر يفحص العديد من هذه المرتكزات ،ومنها: ان اهم تجلي تتسم به القداسة المسيحية ،هو القدرة المتواصلة على الحركة و الدوران ،وان هناك العديد من الاشياء، مثل المضامين الموجودة في الاضطهاد و الطغيان ودور الشهيد ،تبدو كاشياء مغلقة على مستوى المفهوم و الممارسة داخل المجتمعات، مقارنة مع قيم دينية متميزة كالتواضع Modestyو الشهامةManhoodوالصبر و الصفحForgivenessو الحب ...وفي نفس السياق يثبت تارنر ان هناك تمايزات عديدة قائمة بين الانتحار Suicideو الشهادةMartyrdom،وكذا مسالة تقديم النفس كقربان و الشهادة الماسويةTragic Martyrdom ، والبطولة. كما يؤكد تارنر من جهة اخرى في فحصه للفهم الفيبري للاديان، على ان الدراسة المفاهيمية للقداسةSaintship،ظلت دوما تربط تواجداتها مع احدى المنافذ المركزية في التحليل، و هي الناجمة عن العلاقة بين القديسThe saintو الارثودوكسي الرسميOfficial Orthodoxy، وقد عملت في هذا الصدد التحولات المؤسساتية العميقة و المرتبطة بالديانة المسيحية و بالكنيسة الكونيةUniversal Churchعلى خلق مفهمة جديدة للقداسة، كماان خاصية الكمال العظيم التي طبعت الكاثوليكية القرو سطية Medivial Chahtoliscism سمحت -وبشكل جلي- لصرامة الدينامية الاخلاقية للمفهوم الاصلي للقداسة للحاجيات المؤسساتية المعول عليها بتاسيس حلقات متواصلة للايمان بالكنيسة البيروقراطية .هنا يلح فيبر على ان " المعنى الاجتماعي للقديس يخضع للروحي و التضامن الاخلاقي المؤسس على السلطة العليا للكنيسة" .ويرى فيبر بشكل عام ان هدف السلطات البابوية تستمد قوتها من تاسيس الصلاحيات البديهية حول مسالتين: البطولة و المعجزاتMiracles ،ويبقى القديس بذلك هو كل فرد -بناء على المشاعر القوية المنغرسة في كياناته الداخلية-من المجلس البابوي ،يبرز في مركز العبادة الرسمية. واجمالا توجد الكثير من السمات الموحدة و المميزات المشتركة بين كل القديسين، فكلهم على اهبة الاستعداد للموت، واغلبهم مجندين في الاديارMonastries Nunnaries ،كما انهم يظلون عاجزين عن الوجود باستقلال عن القداسة المراقبة من السلطات المركزية للكنيسة. ان القداسة على ضوء ذلك ينظر اليها على اساس انها تقنية مؤسساتيةInstitutional Techniqueضرورية لحماية التشكيلات المنبثقة .ان القديسين هم بمثابة وسطاء لا محيد عنهم بين الله و الانسان ،وفي الاسلام تظل هاته الترابطات الصارمة الخاصة بالمراقبة المركزية لمراسيم القداسة و التماثل الارثودوكسي ،جد غائبة ،ولايتم استحضارها اطلاقا. لب "الارثودكسية" في الاسلام هو الارتكاز على الوحدانية القرانية ،بالاضافة الى اللجوء الى القانون المقدسHoly Law. ففي الاسلام سنجد تبلورا ل"الاتوبراكس" ولا يوجد ادنى تمظهر ا"الاورثودوكس"w.Cant Well Smithعلى سبيل المثال ،لاحظ انه ليس هناك في المعجم الاسلامي ،اي استعمال لكلمة "الارثودوكس" ، وان معناه المترجم يظل هو "سني"Sunni.فاذا حاولنا استعمال هذه التيمة في بعدها الاصطلاحي، فسنجد ان المسلم الحقيقي هو الذي يتمكن في التطبيقات الحياتية على احداث التوافقات الممكنة مع القانون المقبول .ومن ثم ف "الارثودوكسية "في الاسلام تبرز في الممارسات المعيارية للاركان الخمسة.The five Pillarsوبخصوص التمييز بين الصوفيين و الشيوخ، فيمكن القول ،ان الصوفيين ينظرون الى انفسهم على اساس انهم مختارين من الله ،بالاضافة الى كونهم مختارين ايضا من طرف الجماعة المسلمة، في حين ان الشيوخ يتم اختيارهم فقط من طرف المتصوفة ،حيث ترسيخ جملة من العادات الاسلامية ،كالقراءة الجماعية، الذكرDhikr ...ورغم ذلك ،فهناك عوامل عديدة -حسب مايرى تارنر-تجعل من الاسلام يمتلك سمات ذات جودة خاصة، ومنها دستور المدينة المحمدي، الوحدانية المطلقة ،التكوين المبكر للقواعد الاسلامية ،والاهم من ذلك هنا، تبلور خاصية مميزة وفريدة يتسم بها الدين الاسلامي و المتمثلة في غياب التقسيم المفهومي و المؤسساتي بين الكنيسة و الدولة و الدين و السياسة و التقوى و الورع Godlinessو المواطنةCitizenshipعلى مستوى كل من الفكر الاسلامي و البنية المجتمعية المرتبطة به .وبخصوص مصطلحThe saintفهو يستخدم في الاسلام بشكل شمولي لكل الافراد و الجماعات. وهناك مفاهيم اخرى توظف في نفس السياقات مثل "السيد"Siyyidو "الشريف"Srif.. .بخصوص المفهوم الاخير ،يرى تارنر، ان هناك عدد لاحصر له من " الشرفاء" بالمغرب ،خاصة في الجبال حيث تواجد الناطقين بالعربية في شمال المغرب ،وكذا على مستوى القبائل الناطقة بالامازيغية .ان "الشيخ" Sheikhبالمعاني السابقة ،هو الذي يمارس تعبده بالاضافة الى اتباعه ب "الزاوية"،The Zawiyaباعتبارها الفضاء المناسب للتصوف و تمثيل الاخوة الدينية ،حيث كل توجه ديني يمتلك تقنيات خاصة او منهج ديني يسمى "طريقة"Religions Method-Tariqa،وهو المنهج الذي يوفر الزاد الروحي للوحدة الاجتماعيةSocial Unity.مع العلم ،ان كل زاوية لها شيخ اوعدة شيوخ ،يسهرون على بلورة التقنية الروحية و يملكون شرعية القداسة وضمن نفس الفصل من كتاب "فيبر و الاسلام"عمل تارنر على ابرازادوار كل من القديسين المسيحيينChristian Saintsو المتصوفة الاسلاميينIslamic Moraboutsعلى مستوى القيام بالوظائف الاجتماعية .هكذا نجد مثلا الزاوية حرصت على تادية بعض المهام، كتنظيم الرفاه الاجتماعي وبلورة المعاملات التجارية . من جهة اخرى، ما مافتئت بعض الفضاءات المقدسة، تعمل على تقديم يد المساعدة و الدعم لاعضاء بعض الجمعيات .كما كان للتصوف، خاصة في المغرب ، ادوار سياسية مهمة ،على مستوى ضبط و تنظيم القبائل ،فكما هو معروف في الادبيات الكولونيالية ،قسم المغرب تقليديا الى بلاد المخزنBlad MakhzenاوLand of Government وبلاد السيبةBlad SibaاوLand of Dissidence.و المقصود بالسيبة هنا ،بالمعنى المالي، هو التعنت في عدم دفع الضرائب للمخزن او السلطة الحاكمة. هكذا يبرز دور المتصوف في بلاد السيبة كعامل مسكن يقوم بدور صارم في التفاوض بين القبائل، اذ انه و بالنظر الى غياب حكومة قوية ،فان ان اغلب رجالات القبائل يحتكمون في منازعتهم وقضاياهم عموما الى الشيخ المحلي . اجمالا، يمكن القول، ان تارنر، اكد في تحليله لوجهات نظر فيبر بخصوص مصادر الزعامة في الاديان: القديس /الورع في الدين المسيحي ، الشيخ/المتصوف في الدين الاسلامي ،على ان لكل دين الخصائص المميزة له في اطار التعامل مع هاتين الفئتين ،اللتان تدعيان دوما احتكارهما وتملكهما للجانب الروحي للمريدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال