الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة في السلوكيات

رواء محمود حسين

2015 / 1 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يربط ليهي بين المعالجة المعرفية للقلق وبين السلوكيات من ناحية التفكير والأداء. ويرى ليهي مثلاً في مسألة تقييم النجاح إلى أن هناك بعض السلوكيات التي تؤتي ثمارها، أما الفشل فيمكن أن يلحظ في أن الناس تفشل في شيء ما. إن إحدى تبعات الفشل هو احتمال الشعور بالوحدة، والظن بأن لا فاشل إلا الفاشل ذاته. وهنا يصبح الفشل شخصياً، ويبدأ الفاشل في التفكير بذاته على أنه في مرتبة دونية وأقل شأناً من الآخرين عندما يصبحون نموذجاً للنجاح في كل ما يقومون به أما هو ففاشل في كل شيء. وهنا علينا أن نلاحظ أن الناجحين يؤسسون نجاحاتهم بناء على إخفاقاتهم ( روبرت ليهي: " علاج القلق: سبع خطوات لمنع القلق من إعاقة حياتك"، ط1، مكتبة جرير، الرياض، 2007 م، ص 148).
الفشل، يقرر ليهي، أمر طبيعي وهو جزء لا يتجز من العلاقات الإنسانية والإجتماعية، والعمل وممارسة الرياضيات، والإستثمار، أو حتى الإهتمام بشخص معين. إذا تمكنا من تطبيع الفشل، أي إذا اتضح لدينا أن الفشل حتمي ولا مفر منه، فستقل بواعث القلق، أي في اللحظة التي ننظر إليه فيها بوصفه جزءاً من منظومة الحياة والمشاركة في الأحداث. إن القلق من موضوع الفشل ينتج من توقع الرقابة الإجتماعية، لكن إذا افترضنا أن أحداً لم يلحظ وأن الآخرين ليس لديهم الرغبة أو الوقت الكافي لتتبع أخطاءنا وفشلنا، فسيقل القلق كثيراً (ليهي: نفسه، 149).
ويبقى السؤال السلوكي الأهم، كما يشير ليهي، هل كنا نسعى وراء الهدف السليم؟ فالعجز هو عدم القدرة على تحقيق الأهداف الذاتية في موقف معين، لكن إذا كان الشخص مصاباً بالقلق فسيقول لنفسه عند الفشل في تحقيق الهدف: " كم كنت أبلها". ويعتقد أن الهدف الذي لم يتحقق حيوي حقاً فيقول لنفسه: " لقد كنت في حاجة لتحقيق هذا الهدف". وهنا يحدث تقييم غير واقعي للتجربة ويتم التقليل من الإيجابيات والزيادة في الإنفعال السلبي (ليهي: نفسه، 150، 152).
إن السعي وراء الكمال، يكشف روبرت ليهي، ناتج عن الربط بشكل غير منطقي من قيمة المرء الشخصية. إن السعي لتحقيق الكمال هو أحد المكونات الأساسية للإكتئاب والتوتر. فالتفكير بالكمال يفضي إلى تقييمات ذاتية وسلبية للأداء في العمل، والسلوك الحميم، والمظهر الخارجي، والعلاقات الإجتماعية والحالة الصحية. إن هذا النمط من التفكير السلوكي يكشف عن تفاوت بين التصور الذاتي الحقيقي للإنسان ( كيف تنظر إلى نفسك) والتصور الذاتي المثالي ( كيف ترغب أن تكون). إن السعي وراء الكمال يؤدي إلى عدم الرضا والقلق المتزايد ( ليهي: نفسه، 153).
وعلى العموم يمكن اكتساب الخبرات من التجارب، والتحدي، وتعلم الأخطاء. والهدف هو التغيير من التقييم الثابت للنظر إلى الأداء بوصفه تراكماً للخبرات وتعلماً لسلوكيات جديدة. وهنا تصبح العبارة الآتية منهجاً للعمل: " لا زال في إمكاني القيام بكل ما قمت به من قبل، على الرغم من فشلي في هذا؟" ويشير ليهي إلى ( نظرية التفعيل السلوكي) والتي تلخص النشاط من أجل سلوكيات إيجابية جديدة بالرغم من الفشل الواقعي أو الشعوري. فالفشل يعني على العموم بالرغم من الفشل ذاته أنه كان هنالك نشاط من نوع ما مهما كان التقييم له، والمحاولة بالرغم من فشلها أهم من الجلوس بدون فعالية أو نشاط. كما يشير ليهي إلى ( نظرية الإجتهاد المكتسب) أي الفخر ببذل المجهود بل والاستمتاع به أيضاً من أجل تحقيق الأهداف. وتبقى البيئة وسيلة طبيعية للسلوك الإيجابي ( ليهي: نفسه، 154، 155 ، 157).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية