الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستة دلائل تشير إلى أنّ الدين يضرّ أكثر ممّا ينفع

إبراهيم جركس

2015 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل الدين ظاهرة ضارة أم مفيدة بالمسبة للمجتمع والإنسان؟... ماذا لو كان إلحاق الضرر بالمجتمع هو أحد الآليات البقائية للدين؟... ماذا لو كان إفساد المجتمع هو أحد وسائل الدين للحفاظ على بقائه واستمراره؟
لايتخلف اثنان في وطننا العربي يشهدان ما يجري فيه من تخريب ودمار وتقطيف رؤوس وأوصال وتفجير واغتصاب وسبي بأنّ الدين ذو تأثير سلبي على المجتمع _الخلاف قد يبدو على أي دين هو الصحيح، أو أنّ هذا ليس هو الدين الصحيح. والغريب أنّنا قد نسمع هذا الرأي من بعض الأشخاص المتدينين الذين يقولون أنّ الدين ضار للمجتمع. ويعود الفضل للإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي تبثّ جميع عمليات الإجرام بحق الأبرياء في سبيل الدين والله من قطع الرؤوس على يد داعش، إلى قضايا التحرّش بالنساء والأطفال في الكنائس، وما إلى هنالك من معتقدات غريبة ومضحكة، إلخ.
في عام 2010 نشر عالم الاجتماع فيل زوكرمان كتابه الرائع الذي عملنا على ترجمته بعنوان ((مجتمع بدون إله: ماذا تخبرنا الأمم الأقل تديناً عن الرضى والقناعة)). وقد ساق العالِم برهاناً بأنّ المجتمعات الأقل تديناً تميل أيضاً لأكون تكون أكثر سلاماً واستقراراً وازدهاراً ومساواةً، وتتمتّع بسياسات عامّة تساعد مواطنيها على الازدهار في الوقت الذي تعمل فيه على تخفيض مستويات اليأس والركود والاقتصادي.
يمكننا أن نجادل ما إذا كان الازدهار والسلام يقودان البشر إلى أن يكونوا أقل تديناً أو العكس. طبعاً الدليل يدعم المذهب القائل بأنّ الدين يزدهر على أساس القلق الوجودي. لكن حتى وإن كان الأمر كذلك، هناك أسباب جيدة للاعتقاد بأنّ الصلة بين الدين والمجتمعات المعطّلة والمتخلّفة يمضي في كلا الطريقين. هنا سنتحدّث عن ستّة دلائل تشير إلى أنّ الدين يصعّب من تحقيق الازدهار.
1] الدين يروّج للعصبية القبلية: (كافر، زنديق، مهرطق) الدين يفصل الداخل عن الخارج. بدلاً من افتراضه وجود نوايا حسنة، فإنّه يبرمج أتباعه ويعلّهم معاملة الآخرين بحذر وريبة. يقول القرآن {سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 91]. أمّا الكتاب المقدّس فيقول ((لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ)) [2كورنثوس 6: 14]
في أحسن الأحوال، تعاليم كهذه تمنع أو حتى تحرّم أنواع الصداقات والزواج المختلط الذي يساعد القبائل والمجتمعات المختلفة على الاتحاد وتشكيل مجتمع أكبر وأقوى. في أسوأ الأحوال، يُنظَر إلى الآخرين من الخارج على أنهم أعداء الله وضالّون، عملاء محتملون للشيطان يريدون الوقيعة والنيل من الدين، يفتقدون للأخلاق ولاينبغي الثقة بهم. قد يتقوقع المؤمنون مع بعضهم، ويشاركون في أعمال انتحارية تحت مسمّى الشهادة في سبيل الله. وعندما يُنفَخُ الرماد الذي يغطّي الجمر وتنفجر التوترّات، تنشقّ المجتمعات وتنشرخ، وتظهر الانشقاقات والنعرات الطائفية، وحالة سوريا والعراق الآن من أوضح الأمثلة على ذلك.
2] الدين يعيد المؤمنين إلى العصر الحجري: (إماء، جواري، عبيد، ملك يمين، عزائم سحرية، شعب مختار، خير الأمم أخرجت للناس، الرجم، قطع الأيدي...) كان العصر الحجري الفترة الزمنية التي سادت فيها الخرافة، الجهل، التفرقة، والعنصرية، كره الغرباء والنساء، والعنف. كانت العبودية أمراً إلهياً، وكان مسموحٌ بها، بل مرغوب في عيني الله. كان النساء والأولاد ممتلكات شخصية للرجل بالمعنى الحرفي للكلمة. كان أسياد الحرب يمارسون استراتيجية الأرض المحروقة على الشعوب التي يغزونها. وكان الناس اليائسين يضحّون بالحيوانات، والغلال والمحاصيل الزراعية، بل والأعداء أيضاً يقدّمونهم كأضاحي بإلقائهم بالنار لإرضاء آلهتهم المنتقمة والغيورة.
النصوص الدينية ومن ضمنها القرآن والإنجيل والتوراة كلها تحتوي أجزاء من ثقافة العصر الحجري، وتضع اسم الله على أسوأ وأخطر الدوافع الإنسانية بدائيةً. أي مؤمن يبحث عن تبرير لأفعاله أو مزاجه، أو شعوده بالتفوّق، أو توقه للحرب والغزو، كرهه للمرأة _جميعها صفات داعش وغيرها من الجماعات المتشدّدة التابعة لأي دين من الأديان_ يمكنه إيجاد تبرير ضمن تلك الكتابات القديمة التي يُزعَم أنّ الله هو من كتبها.
اليوم، تطوّر الحس والوعي الأخلاقي لدى الإنسان المعاصر، إذ يقوم في أساسه على فهم أعمق وأوسع لما يسمّى بالقاعدة الذهبية Golden Rule. لكنّ أغلب المؤمنين المتطرفين لايستطيعون التقدّم والمضي أبعد من ذلك. إنّهم سجناء العصر الحجري. وهذه الحال تضعهم في موقف مضادّ للتغيّر والتقدّم وفي صراع دائم لاينتهي يستنفذ الطاقات العامة ويعيق الطرق الإبداعية لحلّ المشكلات العالقة.
3] الدين يجعل من الإيمان فضيلة: (هناك حكمة إلهية من ذلك/أو هذا امتحان من الله/ أو الرب يعمل بطرق غامضة) هذا مايقوله رجال الدين من جميع الديانات لكل المؤمنين الذين أصابتهم مصيبة أو حلّت بهم كارثة طبيعية أو أصيبوا بأمراض قاتلة ومميتة. ((الإيمان فضيلة))
وكلّما احتلّ العلم مساحة أكبر ضاقت رقعة الخرافة وتآكلت المساحة التي يحتلّها الدين، اجتاجت المعتقدات الدينية التقليدية دفاعات عقلية أكثر ضدّ المعلومات الكثيرة المتوافدة التي تهدّد بقائها. وليبقى الدين قوياً وحصيناً، فإنّه يبرمج المؤمنين به ليمارسوا عملية خداع الذات، أن يرفضوا الدلائل البيّنة والتي تتناقض مع إيمانهم ومعتقداتهم، وأن يثقوا بمرجعياتهم الدينية أو الطائفية أو المذهبية أوالسياسية/الإيديولجية ثقة عمياء، بدلاً من الاعتماد على تفكيرهم ومنطقهم الخاص. تتسرّب هذه النظرة إلى نواحي أخرى من الحياة. وتصبح الحكومة بالتحديد صراعاً بين إيديولوجيات وعقائد متصارعة ومتنافسة بدلاً من أن تكون سعياً ديمقراطياً لاستشفاف حلول عملية قائمة على أساس الدليل والبرهان والتعقّل، وبذلك تصل المجتمعات إلى الانهيار والتفكّك، المجتمع السوري خير مثال.
4] الدين يحرّف الدوافع الحميدة ويحوّل النوايا الحسنة: (التبرّع بالأموال لجمعيات دينية من أجل قضية مدنية في الأساس لاعلاقة لها بالدين). النداءاة والاستغاثات المالية السمجة والبليدة في أوقات الأزمات ليست شائعة كثيراً، لكنّ الدين دائماً يعمل على توجيه خاصية الكرم والعطاء الإنسانيين بغرض ضمان ديمومته وبقائه. الأشخاص الذين يتسمون بالكرم والعطاء قد يقعون فريسة رجال الدين وينجحون هؤلاء بإقعناعهم بتقديم أموالاً طائلة للمساجد أو الكنائس أو منظمات ومؤسسات دينية محدّدة بغية استخدامها واستغلالها لأغراض تخدم الكنيسة أو المسجد بدلاً من الاستفادة منها في قضايا عامّة أو أمور تخدم المجتمع والصالح العام. في كل عام نجد مئات المحطات التلفزيونية التي يطلّ علينا منها شوخاً ورجال دين أشبه بالقرود وليس البشر يكرّرون كلاماً عمره أكثر من ألف عام دون أن يأتوا بشيء جديد أو مفيد، ولكم أن تتخيّلوا حجم الأموال المنفوقة على هكذا محطات دعوية وحملات بليدة. آلاف المبشرين يتسابقون في كل عام لإنقاذ ملايين الأرواح دون أن ينقذوا حياةً واحدة أو يقدّموا شيئاً مفيداً للمجتمع أو البشرية. هؤلاء معفيون من الضرائب، إضافة إلى أنّهم يهدرون الموارد البشرية والاقتصادية والثقافية للدولة.
بالإضافة إلى استغلال الطاقات الأخلاقية الإيجابية كاللطف أو الكرم، نلاحظ أنّ الدين غالباً يقوم بإعادة توجيه وحرف مشاعر الامتعاض والاشمئزاز الأخلاقية، رابطاً هذه المشاعر بقواعد دينية اعتباطية بدلاً من ربطها بمسائل دنيوية. اليهود الأرثوذكس يهدرون المال على الباروكات والملابس الدينية. الآباء المسيحيين يفرضون على أبناءهم نوعاً متزمّتاً من التربية ويرسلون أموالهم للكنائس بدلاً من إرسال أولادهم بهذه الأموال إلى جامعات مرموقة وعلمانية. المسلمون يرسلون أموالهم لرجال الدين والدعاة ليجمعوها ويبنوا بها قصورهم وسياراتهم الفارهة أو ليموّلوا عصابات الموت والتطرف والإرهاب.
5] الدين يعلّم الإنسان العجز والتواكل: (شو بدو الله بصير... هذا ما أراده الله... هذه هي مشيئة الله) جميعنا سمعنا ونسمع هذه العبارات طوال الوقت وفي كل مكان تقريباً، لكنّنا في بعض الأحيان لاندرك العلاقة العميقة بين التديّن والاستقالة أو التواكل. في أكثر الالمذاهب تطرفاً وتزمّتاً في اليهودية والمسيحية والإسلام، يُنظر إلى المرأة نظرة أكثر استحساناً إذا كانت تقية ومستسلمة لله. جميع الأمراض والمآسي والكوارث تُنسَب إلى الله وإرادته بدلاً من إرجاعها إلى قرارات سيئة كنا قد اتخذناها ومسؤولون عنها أو أنظمة سيئة وعاطلة، المؤمنون ينتظرون الله لكي يحلّ مشاكلهم العالقة التي لايقدرون هم على حلّها بأنفسهم.
هذا الموقف يسيء للمجتمع ويضرّ به على النطاق الواسع، بالإضافة إلى ضرره على مستوى الأشخاص والأفراد. فعندما ظهرت الأديان الكبرى اليوم، كان لدى الناس العاديين القليل من القدرة والإرادة على إحداث تغيّرات في البنية الاجتماعية المحيطة. كانت أعمال الخير والسعي لحياة أفضل مجرّد مسائل شخصية. وعندما استمرّت هذه العقلية، استلهم البشر من الدين شعور الشفقة الشخصية من دون أي مسؤولية اجتماعية. وظنوا أنّهم بإمكانهم تجاهل المشاكل البنيوية طالما أنّ المؤمن طيّب مع أصدقائه وعائلته وكريمٌ تجاه أفراد مجتمعه من "المؤمنين".
6] الدين يسعى خلف السلطة والحكم: فكروا بجميع العلاقات والروابط التي كانت تربط بين طبقة الحكّام ورجال الدين في جميع العصور والأماكن. الدين عبارة عن مؤسّسة من صنع الإنسان، على غرار الشركات الرابحة تماماً. وكأي شركة، على الدين أن يجد طريقة لبناء سلطته وثروته وأن ينجح في لعبة التنافس في السوق الدينية مع الأديان الأخرى ليضمن بقاءه واستمراره. الهندوسية، البوذية، المسيحية، اليهودية، الإسلام _أو أي مؤسسة دينية كبرى_ هي عبارة عن شركة أو عمل أو بيزنس لها خبرة تعادل خبرة شركات كبرى مثل بيبسي أو كوكا كولا أو نايك. ومثل حيتان الربح العملاقة، فإنّها تسعى لتحصيل قوتها وسلطتها وثروتها لخدمة بقائها واستمرارها الخاص، حتى وإن كان ذلك يضرّ بالمجتمع على نطاقٍ واسع.
في الحقيقة، ومن دون أي دراية من المتدينين الملتزمين أو الذي يمارسون طقوسهم الدينية، أو ربّما يدرون ذلك ويساهم البعض منهم في ذلك، فإنّ إلحاق الضرر والأذى والعجز للمجتمع قد يكون جزءاً حيوياً من استراتيجيات البقاء التي يلجأ إليها المجتمع. وحسب تعبير عالم الاجتماع فيل زوكرمان والباحث غريغوري بول: ((ليس هناك ديمقراطية متقدّمة حميدة واحدة تتمتّع بوضع اقتصادي واجتماعي متقدّم ومتطوّر تحتوي على درجات عالية من التديّن)). عندما يشعر الناس بالازدهار والأمان، تضعف قبضة الدين على أعناقهم ويتحرّرون من نيره.

إبراهيم جركس 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين
جابر بن حيان ( 2015 / 1 / 28 - 22:30 )
الدين افيون الشعوب المتخلفة


2 - الفارق
نصر ( 2015 / 1 / 29 - 00:48 )
تحية..
اعتقد ان هناك فارق بين التاريخ و الحاضر (في المسيحية مثلا).. وايضا بين الاديان (البوذية مقارنة بالاسلام مثلا)..
مع شكري.


3 - الدين = الحروب و الفواجع
سرحان ( 2015 / 1 / 29 - 07:09 )
من غير دين هناك خيرون يصنعون الخير و شريرين يصنعون الشر لكن إذا أردت أن يصنع الخيرون الشر فعليك بالدين) عبارة قالها فيما اعتقد واينبرغ الفائز بجائزة نوبل للفيزياء ... و هو القائل أيضا : (الدين احتقار للعقل البشري) ... لو نظرت لتاريخ الحروب تجد أطولها و أكثرها ضحايا هي الحروب الدينية ... الإسلام وحده كانت ضحاياه عبر التاريخ أكثر من 270 مليون عدا الأرقاء و السبايا أما المجلودين و المبتورة أعضائهم فحدث و لا حرج ... الدين يعني إلغاء العقل و الوحشية ... قد يتزيا بزي الحملان عندما لا تسمح الظروف لكن من تعاليمه الوحشية الكامنة افإنه يدمر كل شيء عندما يجد الظرف الملائم: انظر لأفغانستان و الصومال و السودان و العراق و سوريا و بالأمس الدولة الوهابية (طالع ابن غنام مؤرخ الدولة الوهابية) و غدا ستمتد النيران لدول تظن أنها بعيدة عنه ... كلما زاد التدين في مجتمع كلما زادت الوحشية و الغباء و التخلف ... بعد عشرين عاما ستكون تركيا مثل سوريا و العراق إن لم تتغير الأفكار و البشرى للباقين


4 - أهلا بكم في تركيا العثمانية!
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2015 / 1 / 29 - 14:08 )
بعد عشرة سنوات ستشاهد في المطار الدولي في أنقرة وبحروف عربية : -
{ عثمانلي دولتنا هوش گالدنيز } أهلا بكم في الدولة العثمانية ،،،إنشاءالله