الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسؤولون عن إتلاف الجسم البشري مدعوون لإعلان التوبة Mea culpa

التهامي صفاح

2015 / 1 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أجل ثقافة عقلانية تنتمي لعصرنا
في واخر أكتوبر2014 ورد خبر من الفاتيكان يقول (ترجمْته من الفرنسية .الرابط أسفل المقال) :
صرح البابا فرنسيس بابا الفاتيكان بتاريخ الاثنين 27 أكتوبر2014 أمام أعضاء الأكاديمية العلمية والرعوية في خطابه حول خلق العالم "أن نظرية البيغ بانغ أو الإنفجار العظيم التي تفسر أصل الكون لا تتعارض مع التدخل الإلهي لخلق الكون بل تجعله ضروريا ". و قال بخصوص نظرية التطور:"أن هذه النظرية لا تتعارض مع الخلق الإلهي " و "أن الله بعد أن خلق الكائنات الحية تركها تنمو وفق قوانين داخلية أعطاها هو لها حتى وصلت لما هي عليه في تأمين منه بواسطة حضوره الدائم"
و حذر من أي تفسير متسرع لسفر التكوين (الفصل الأول من الكتاب المقدس المسيحي المشترك بين المسيحيين واليهود) قائلا "لا يجب تصور الله كساحر بعصى سحرية .إن الله قد خلق الإنسان على صورته و تركه ينمو عبر قرون و عبرآلاف السنين ليصل كما نعرفه نحن اليوم ."
هذه التصريحات ليست جديدة .لأنه منذ سنوات 1950 قام البابا حضري Pie XII بتصريحات واضحة تقول بأن نظرية التطورعلى الصعيد العلمي صحيحة .و بعد ذلك قام البابا يوحنا بولس الثاني بتصريحات مماثلة رغم كونها تصدم الكاثوليك والبروتستانت على السواء الذين يؤمنون بالخلق الإلهي فقط.
إنتهى الخبر.
وقبل مناقشة الموضوع بتبسيط المصطلحات و تجنب الغموض وبموضوعية علمية حديثة ، و بما أن الظاهرة الدينية هي ظاهرة بشرية بإمتياز تخضع للملاحظة العلمية الحديثة كظاهرة إجتماعية متعددة الأبعاد ، سأسمي "الكتاب المقدس" كما هو مفعَّل في الواقع بين البشر المختلفين ظاهريا ، كل كتاب يحتوي على أفكار الكتاب المقدس اليهودي القديم كلا أوبعضا دون الغوص في التفاصيل القانونية الكثيرة (أي المتعلقة بالشرعية وسريان المفعول و الأصل ) التي تشبه المتاهة لهذه الكتب التي كتبها البشر و قدسوها عن طواعية أو عن جهل أو فرضت عليهم فرضا..و بما أن كلمة "مقدَّس" إسم مفعول به فمعنى ذلك أن البشر هم الفاعلين و ليست الأشباح .هذه الكتب مشتركة في أفكارها و خطوطها و أهدافها العامة بين اليهود والمسيحيين و المسلمين و البهائيين و غيرهم على إختلاف طوائفهم المتشرذمة .
و الآن إلى الموضوع .
أولا من الناحية التاريخية نسي كاتب الخبر ، تصريحات البابا بندكتوس السادس عشر سنة 2008 التي قال فيها "أن نظرية التطور لا تتناقض مع الكتاب المقدس" بعد البابا يوحنا بولس الثاني.
ثانيا من الناحية العلمية الحديثة فتصريحات البابا بخصوص النظريات العلمية ليست ضرورية لتلك النظريات بل المجمع العلمي العالمي la communauté scientifique هو الذي يحدد صحة النظريات من خطأها .
ثالثا الله لم "يخلق" الكائنات و "يتركها تنمو" كما قال البابا .لأن كلمة خلق تعني انها جاءت من عدم و الحال أنها تكونت ،هناك تكوين ،في زمن محدد من عناصر و ضمن شروط وأسباب سابقة الوجود عنها وفق قوانين طبيعية مختلفة و معقدة تتحكم في كل الكون و تضبط سيرورته و إذن فالخالق لم "يتركها تنمو" وحدها .
نرى هنا أن مشكلة رجال الدين كلما قابلوا حقائق علمية ، كما قال البابا محذرا من "أي تفسير متسرع لسفر التكوين" من الكتاب المقدس ، تكمن في القضية اللغوية و التفسير فحسب لذلك الكتاب الذي يعتبرونه ككل الكسالى فيه كل شيء و صالح لكل زمان و مكان أي أنه نهاية التاريخ .في حين أن المشكلة هي في الفهم العلمي لتلك النظريات .فالكنيسة الكاثوليكية التي يمثلها البابا الحالي فرنسيس هي نفسها التي حاكمت غاليليو غاليلي و هي مخطئة على كتابه "الحوار" الذي تحدث عن موقع الأرض بالنسبة للشمس وقال أنها تدور حولها وليست مركزا للكون حسب تصور القرن السابع عشر الميلادي .مما إضطر البابا يوحنا بولس الثاني للإعتذارلغاليلي وإعلان توبة الكنيسة على تلك المحاكمة بعد أكثر من 3 قرون. .
و بخصوص الإنسان يرتكب البابا أخطاء علمية فادحة بالمفهوم الحديث نظرا لنقص تكوينه العلمي حين يقول أن" الله قد خلق الإنسان على صورته و تركه ينمو عبر قرون و عبرآلاف السنين ليصل كما نعرفه نحن اليوم ". لأن قصة الإنسان تعود للتاريخ الطبيعي كله منذ بدء الحياة في الخلايا الأولى منذ ثلاثة ملايير و مائتي مليون سنة .إن الإنسان قد تَكَوَّن كباقي الكائنات الحية ولم "يُخلق" "على صورته" .لأن هذا القول "على صورنه" هو أنسنة للخالق و تجسيد له في المادة.و هو التجسيد المستحيل في شخص الله غير المادي .لأن المادة من صنع الله ،قابلة للفساد بالمفهوم العلمي (أي التغير و التحول والزيادة والنقصان في الأبعاد أو غير ذلك عبر الزمان) و للخضوع للقوانين الطبيعية الإلهية وليست جزءا من الله .فالله متوحد كامل لا تدنو نقائص أو فساد من شخصه العظيم .و هذه هي الأ سباب التي تجعله إلها غير مجنس وتجعل الإنسان تتويجا بالذكاء الخلاق والوعي للمادة بذاتها و الهيكلة المتناسقة والجمال لهذا التاريخ الذي يعود لملايير السنين وليس لقرون كما قال البابا..ولا حتى لملايين السنين .
و لإلقاء نظرة على هذا التكوين عبر ملايير السنين من الخلية الواحدة لمتعدد الخلايا وغير ذلك التي تلخص قصة الإنسان البيولوجية التاريخية المذهلة و المعجزة في نفس الوقت التي تدل بإجمال على وجود الذكاء و العلم الأعلى لشخص الله ، فيكفي مشاهدة مجموعة الفيديوهات التي يوجد رابطها أسفل المقال .هذه المراحل خلال تسعة أشهر في الرحم التي تسمى بالفرنسية ontogènèse تلخص قصة تكوين الإنسان عبر ملايير السنين و تسمى بالفرنسية phylogènèse .
لا تسعف أي سطور و لاحتى الكتاب المقدس كله لصنع الأدوات التي مكنت من تصوير هذه المراحل المذهلة لتكوين الإنسان في رحم الأم فمابالك الحديث عن الأدوات التي مكنت من إكتشافها و الإستدلال على صحة وحقيقة وجودها بالدليل والحجة العلمية الدامغة والتي بطلتها البيولوجيا الحديثة ذات القرن ونصف من العمر فحسب وسيدها العقل البشري الخلاق الهبة الإلهية العتيدة.
يمكننا أن نسرد هنا حتى الصباح ولا ننتهي من الظواهر البيولوجية البطيئة و الذكية التي تحدث في المادة الحية على مستوى الأجهزة والأعضاء والأنسجة (مجموعات خلايا متجانسة) و الخلايا نفسها والعضيات الخلوية والجزيئات و الذرات ..الملايين من الظواهر المذهلة التي تدل دلالة لا لبس فيها، حسب إعتقادنا ، على وجود الذكاء الأعلى لشخص القدرة الإلهية العظمى (Divine Great Power DGP) التي بدونها لا يمكن تصور أي عقل أو منطق أو علوم .
لذلك فحين يقف سائقو السيارات المطلعين على التاريخ الطبيعي العلمي للإنسان المؤمنين بالقدرة الإلهية العظمى في الشارع للراجلين مثلا حتى يمروا ، فذلك ليس إحتراما فقط لأولئك الراجلين بل لشخص من جعل من المشي على قائمتين كمرحلة معجزية ضرورية في مراحل تطور الإنسان لتحسين أدائه عبر الزمان وتخلصه من تبعات الحركة على أربع لفسح المجال أمام ذكائه وتفكيره الخلاق الذي منه هذه الّإكتشافات البيولوجية التي تحدثنا عنها قبل قليل . و القول بأن هذه إرادة إلهية حسب ما نعتقد لا يتناقض مع العقل أو مع العلوم الحديثة أو هو ملزم لأي كان .
إنما الذين يقولون أنهم مؤمنون بالله بل ممثلين لله على الأرض اليوم خصوصا في السعودية و العراق و سوريا واليمن وليبيا والصومال و نيجيريا و أفغانستان وجنوب الجزائر الخ ، إذا بلغ إلى علمهم هذه المعلومات التي هي نتاج العقل عمل الله و نتاج عصرهم وفي المتناول و التي كانت غائبة عن أولئك الذين عن جهل في قرون الظلام و غياب العلم الحديث ، شرعوا قوانين متلفة للجسم البشري ومهينة له سواء بالجلد أو الرجم أو قطع الأطراف أو الرقاب أو غير ذلك في الكتاب المقدس ، هذا الجسم من بين أجسام كائنات كثيرة تحوي الملايين من الأدلة على وجود الله ،ألا يجب مادمت الفرصة ممكنة ، أن يدفعهم هذا إلى تصحيح الوضع و وإلغاء تلك العقوبات المهينة المتلفة للجسم البشري والإعتذار لمن أخطأوا في حقهم و تعويضهم مثل ما فعل البابا يوحنا بولس الثاني في حق غاليليو غاليلي حين أعلن توبة الكنيسة أو ما يسمى Mea culpa ؟
و إلا فسوف تتبعهم لعنة التاريخ و سيرمون لمزابله كأي مهملات إلى الأبد بكل تأكيد.

رابط الخبرعن تصريحات البابا :
http://hitek.fr/actualite/pape-francois-croit-theorie-evolution-big-bang_4100
الرابط لمجموعة فيديوهات النمو البشري:
https://www.youtube.com/watch?v=-UWbkvtbp0E&index=3&list=PLC4E464576CFA77FF








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية