الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لدروس الخصوصية لعلوم التربية : صورة جديدة لأزمة التعليم المغربي

تفروت لحسن

2015 / 1 / 30
التربية والتعليم والبحث العلمي




منذ السنة الماضية، وبالضبط خلال نهاية شهر أبريل، أصدرت وزارة التربية الوطنية المذكرة المنظمة لشروط اجتياز مباراة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. ومن بين العناصر الجديدة التي حملتها المذكرة السماح للمرشحين الذين تابعوا تكوينا في مادة علوم التربية والديداكتيك من اجتياز المباراة دون انتقاء. يتعلق الأمر بالحاصلين على إجازة في المسالك الجامعية للتربية FUE والتي تسلمها المدارس العليا للأساتذة بالمغرب منذ 2012، تاريخ التحاقها بالجامعات، يضاف إلى هذه الفئة المرشحون الذين تابعوا تكوينهم في سياق 10000 إطار تربوي، وهو البرنامج الذي تشرف عليه رئاسة الحكومة منذ 2014. ربما يبدو الأمر عاديا، مادام هؤلاء قد تلقوا تكوينا أكاديميا معترف به، ومادمت مسالكه أشرفت عليها مؤسسات له تاريخ طويل في التكون التربوي الأساسي والمستمر. ويمكن أن نضيف إلى هؤلاء بعض التكوينات التي وفرتها بعض المراكز الجهوية للتربية والتكوين بشراكة مع الوكالة الوطنية للتشغيل. لكن ما ليس عاديا هو استغلال المتخصصين في الريع التعليمي والباحتين عن فرص الاغتناء السريع للقيام بمهمة تدريس خصوصي لتعليم مادة علوم التربية ومنح شواهد أو دبلومات يدعون معادلتها لما تمنحه الدولة، أي دبلومات ستمكن حامليها من اجتياز مباراة مهن التربية دون المرور عبر قناة الانتفاء. فما هو سر هذه الظاهرة ؟ وكيف انتشرت هذه العدوى ؟ وما هي مسؤولية الوزارة الوصية ؟
مقاربة هذه الهموم تستلزم وضع الطاهرة في سياقها العام، أي الظروف التي صاحبت ولادتها، الولادة غير الطبيعية. فالمعروف أن صدور المذكرة السلف ذكرها، صافت قلة من الأشخاص يتابعون تكوينا " تربويا " في بعض المؤسسات الخصوصية التي تدعي أنها حاصلة على رخصة إنجاز هذه المهمة، بل تدعي أنها حاصلة على اعترافات لإنشاء مراكز للتكوين التربوي الخصوصي، أي تكوين مدرسين. وبالفعل، فهؤلاء الأشخاص الذين تابعوا هذا التكوين تم قبولهم لاجتياز المباراة دون انتقاء، ومنهم من وفق في ولوج مراكز مهن التربية والتكوين، بسسب حصولهم على تكوين أولي في الديداكتيك وعلوم التربية. وهذا شيء طبيعي ماداما الوزارة الوصية تدرج مادة المعارف التروية في المباراة كمادة أساسية، تحتسب نقطتها بمعدل 50 في المائة إضافة لمادة التخصص.
هذه الواقعة ولدت لدى جمهور خريجي الجامعات التعجب والإعجاب، وهذه مسألة عادية، الشيء الذي صاحبته العديد من الإشاعات حول فعالية وجدوى هذه المراكز في ضمان فرصة لولوج مراكز التربية والتكوين. فهذه المراكز أصبحت أشبه بالقنصلية التي تمنح تأشيرة الدخول إلى جزيرة العمل، إلى مغادرة أحضان البطالة. داخل هذه السحب والأوهام نبتت في السياق التعليمي المغربي ظاهرة المراكز الخصوصية لمادة علوم التربية. نعم ما إن وصل شهر شتنبر 2014 حتى انتشرت وبشكل سريع، وفي كل المدن المغربية، مراكز لهذا التكوين. مقرات يكتب على أبوابها " تكوين للدخول لمهن التربية والتكوين ". من هذه المراكز ما هو منتم إلى بعض المدارس الخصوصية التقليدية، وكأنها تخصص جديد يضاف إلى مرافقها، وهناك مراكز تتخذ لها مقرات داخل حجر بعض مدارس التعليم الأولى ودور رياض الأطفال. والغريب أن هناك مراكز أصبحت لها فروع داخل مدن أخرى، قياسا على الجامعة وفروعها. وكيفما كان شكل هذه المراكز الخاصة، مدارس أو دكاكين تربوية، فان انتشارها بسرعة الضوء في المغرب، يولد لدى الناظر عدة تساؤلات منها :
1 – إن هذه المراكز الخصوصية، أو " دكاكين علوم التربية " بدأت تعرف إقبالا متزايد من طرف خريجي التعليم الجامعي، الحاملين للإجازة الأساسية، والذين لا تتوفر غالبيتهم على معدل مرتفع يؤهلهم للقبول في الانتقاء الأولى لاجتياز المباراة مهن التربية والتكوين. فهم يؤدون ملا يقل عن 600 درهم لهذه المراكز الخصوصية لأجل الحصول على شهادة تعفيهم من المرور عبر قناة الانتفاء بارتفاع معدل الإجازة الأصلي.
2 – يلزم عن هذا الإقبال المتزايد للراغبين في الشهادة، تهافت العديد من محترفي الدروس الخصوصية لفتح المزيد من المراكز، التي أصبحت توفر أرباحا طائلة والتي تقدر بملايين السنتيمات للمركز الواحد.
3 – يبقى مصير الحاصلين على هذه الشواهد مجهولا مادامت الوازرة الوصية لا تتوفر على معايير قارة في مسطرة الانتفاء : مرة على المعدل المرتفع وحده، ومرة تفتحها للجميع بدون انتقاء كما هو حال سنة 2013، ومرة تطلب شهادة تربوية، دون تحديد مصدرها، خصوصية أو عمومية، تجربة 2014.
4 – لا يعرف كيف تحصل هذه المراكز الخصوصية على رخص مزاولة هذه المهمة، إن كانت فعلا حاصلة على رخصة. فمن يمنح هذه الرخصة، النيابة أم الأكاديمية.
5 – حصول هذه المؤسسات على الرخصة يجب أن يماثل الطريقة التي تحصل بها مؤسسات التكوين العمومية عليه، أي الالتزام يشروط الضوابط البيداغوجيةأ أي دفتر التحملات، حيث تحدد المجزءات والوحدات والغلاف الزمني والوسائل المعتمدة لتنفيذ المشروع بما في ذلك أدوات التقويم. بل من المعلوم إن الاعتراف بأي تكوين يمر بعدة محطات ولجان سواء تعلق الأمر بالتعليم العالي أو المدرسي : أي الوحدة المركزية لتكوين الأطر. فكيف يمنح الترخيص للتكوين الخصوصي ؟ وهل يلتزم أصحابه بضوابط بيداغوجية معينة ؟
6 – المعروف أن الأساتذة الذين يشرفون على التكوين بالمؤسسات العمومية لهم ما الدربة والكفاية ما يلزم لذلك، سواء في المدارس العليا أو المراكز الجهوية. والحال أن القائمين على التكوين في المراكز الخصوصي لا تعرف هويتهم، أو على الأقل يتقنعون. ويفترض أن هؤلاء ينتمون للتعليم العمومي، أساتذة جامعيون، أو أساتذة بمراكز جهوية، أو مفتشون...وكيفما كانت هوية هؤلاء فان الوزارة لا تستطيع أن تضبط أمورهم.
فما هي إجراءات الوزارة لتصحيح هذا الوضع ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا