الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجسيد الموت .

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 1 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حين يتفقدك هذا الزائر الثقيل الوطأة على الروح والجسد ، يتفقدك في أحد الأعزاء أو أحدى العزيزات ، فلن يتركك إلا بعد أن تُقرّ له بقدرته الرهيبة والتي لا غالب لها ، على الصعيد البشري والإنساني الراهن .
هذا الذي يُعبّر عن الفناء اللامتناهي ، فناء من تُحبهم ومن تكرههم وتتمنى بشكل لا- واعٍ ، أن يحنو على مَنْ تُحب ، ويُكشّر عن أنيابه لينتقم لك ممن ألحقوا بك ضررا وتركوا في نفسك ندوبا ، الظاهرة منها والخفية ، لا ينصاع لرغبة أحد .
تُدير مع الموت حوارا ، تتمنى حضوره سريعا ، ليُنقذ من تراه يعاني ولا قدرة لك على مساعدته أو التخفيف من مُعاناته . أو "ليقصف " عمر كل الظالمين والبُغاة ، وليريح العالم من شرورهم ... تعتبره نبيلا أحيانا وغدارا تارات أُخرى ، بناء على سلوكه المزاجي المتقلب ، أو كما وصف هذا السلوك شاعر قديم ، وصفه ب "خبط عشواء " ..!!
يضعك في مواجهة مع نفسك ، وفي دوامة من الإسئلة التي ليست لها إجابات مُحددة ، أسئلة عن معنى الوجود وماهية الحياة .
تحترم الموت وتمقته ، فالعلاقة بينك وبين الموت ، جدلية ومتناقضة ، فهو النبيل وهو الحقير ، هو الشرف الذي يناله من يُضحي بنفسه من أجل قضية ، ضد سلطان غشوم ، وهو المهانة والعقاب الذي يُنزلهُ السلطان بحق "خائن " للقضية .
هو وجهان لعملة واحدة ، أو وجه لعدة عملات قابلة للصرف في سوق الصراعات السياسية ، الفكرية ، الدينية والإجتماعية .
وفي هذه السوق الغريبة ، سوق الموت ، ففي نظر البعض ،من مات وهو يدافع عن قضية فهو شهيد ، وفي نفس الوقت تعتبره مجموعة أخرى إرهابي ، خارج على القانون ، مخرب ، كافر ، عدو وحثالة . لكن ، في المُحصلة ، تعددت الأسباب والموت واحد .
لكن فضيلة الموت الوحيدة الكبيرة ، هي قدرته على ردع بعض ذوي "النفوس" الضعيفة ، من الإستمرار في غِيٍّهم ، وقد يرتدعون قبل أن يحيق بهم موت محتوم ، لذا تراهم يؤدون بعض الأمانات إلى أصحابها ، ويعترفون بأنهم إرتكبوا خطيئة ما بحق فرد ما !!
لكن الموت هو الملك المتوج في سُرادقات العزاء في بلادنا ، فهو حاضر بكل قوته وجبروته ، على الألسنة والوجوه .
وفي العادة يُقام سُرادق العزاء في منطقتنا ثلاثة أيام متتالية ، من الصباح حتى منتصف الليل ، ونحن نُطلقُ عليه تسمية "بيت الأجر " ، فهو مكان يحصل فيه المُعَزِّي وصاحب العزاء على الأجر ، الأول لأنه سعى إلى تعزية العائلة الثاكل ، أما أهل الفقيد فلأنهم صبروا على مُصابهم .
-عظّم الله أجركم ..!! أو يسلم رأسك !! (وكأن رأسا ستسلم من القضاء إذا حّم ...)!! يكون دُعاء المُعزي ..
- أجرُكم عند الله عظيم .. أو خُطواتكم إلى الجنة . يكون رد ابناء العائلة الثاكل .
وبيت الأجر هو بمثابة "مركز إجتماعي " يستمر لمدة ثلاثة أيام ، يزوره الالاف ، وتُلقى فيه محاضرات تدور كلها حول الموت ، والدعاء للفقيد . يتصدى لإلقاء هذه الدروس الدينية ، شيوخ من "مدارس " متعددة .
الموت هو الموتيف المركزي ، الموت في جانبه المخيف والمرعب ..!! لحظة أن يتخلى عن الميت - الحي، أهله ومرافقوه ويعودوا أدراجهم .فيبقى الإنسان وعمله ( وهي العبادات في الغالب )، ليواجه مصيره وحده.
لكن أحد المشايخ الأفاضل ، قرر أن يسرد على مسامع الجميع ، قصة الموت نفسه !! فبعد البعث ، كما قال، ينتهي الموت ،ولن تعود لأحد به حاجة ، فيؤتى به على صورة كبش ويتم ذبحه !!
فيموت الموت ذاته !!
ومع ذلك فنحن نعلم بأن الموت هو توأم الحياة وقرينها ، فطالما كانت حياة سيكون موت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسئلة كثيرة
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 1 / 30 - 07:28 )
تحية و تقدير
هل هو نتيجة أم سبب؟ هل هو فاعل أم مفعول به أم حال؟ ..هل هو جار أو مجرور؟هل هو قوه تشل وتدمر قوه أخرى؟ هل هو ضروري للحياة أم من مكملاتها ؟هل له قواعد وأصول وقوانين محدده؟ وهل يأتي فجأة أم يرسل أشارات؟ هل يختلف باختلاف العمر والجنس واللون والحالة الأجتماعيه ؟ هل الموت عقوبة؟ ليستخدمه القتلة..هل هو وسيله للوصول إلى غاية؟ هل هو درس أو عبره لشيء؟ هل للموت فوائد؟!!وما هي؟

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=240421


2 - هو مختلف من حالة لأخرى
عناد الشمري ( 2015 / 1 / 30 - 09:27 )
هو قد يكون خيرا بحالة
وقد يكون شرا بحالة أخرى
هو فرح لأناس
وحزن لآخرين
لكنه واعظ لمن لديه عقل ليرتدع عن غيه
لكن قليل هم المتعظون.


3 - الزميل عبد الرضا
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 1 / 30 - 11:05 )
تحياتي الحارة قرأتُ مقالك -الموت - ، وشكرا لك على هذا العمق .
لكن لماذا بدأنا بالكتابة عن الموت ؟
قد تطول اعمارنا أكثر
يومك سعيد


4 - العزيز عناد الشمري
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 1 / 30 - 11:07 )
تحياتي واهلا بك
بالمختصر : هو الشيء ونقيضه .
وهو واعظ لمن يملك ضميرا فقط .
ففاقد الضمير لا يتعظ بشيء ولا بنفسه حتى
لك خالص شكري


5 - ما هو الضمير ؟!
عناد الشمري ( 2015 / 1 / 30 - 11:53 )
ما هو تعريفك للضمير ؟!
وهل من علاقة بينه وبين العقل ؟!!
تحياتي لك


6 - تعليق
عبد الله خلف ( 2015 / 1 / 30 - 12:17 )
السؤال : هل للحياة وجود آخر مستقل عن الوجود المادي -تستمد معناها من عالم آخر-؟ أم أن الحياة شيء مادي؟ .
العلم يثبت أن الموت لا يغير شيء على الإطلاق في الإطار المادي، فلا يحدث أن تتوقف (ذرة) عن (الحركة) بفقد الحياة، و لا يحدث أن تُوقف (الإلكترونات) دورانها بسلب الحياة، و كما علمتنا (الفيزياء الذرية) فإن (الذرة) لا تتوقف إلا عند (الصفر المطلق) أما الموت و الحياة فهي أشياء لا تغير في الإطار (الذري) شيء على الإطلاق .


7 - أخ عبدالله خلف
عناد الشمري ( 2015 / 1 / 30 - 12:30 )
بعد إذن الكاتب
أخ عبدالله خلف في القرآن آية : هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا
وأنت تجاوب بجواب عقلاني عن فلاسفة الكفار ؟؟
استغفر الله.
المشكلة أنك سلفي متعمق وتستدل بنظريات علمية وعقلانية غربية .


8 - عناد الشمري
عبد الله خلف ( 2015 / 1 / 30 - 12:51 )
سبب تساؤلي هو : محاولة اخبار (المادي) أن (الموت) و (الحياة) اشياء لا مادية .
نعم , القرآن يجيب على تساؤلاتي , لكن تأكد أنني اخاطب (ماديين) لا يؤمنون إلا بـ(المادة) , و ليس مسلمين يؤمنون بالقرآن .

اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات