الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم عرب ولانخجل!!

حسين ديبان

2005 / 9 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هالني وهال الكثيرين تفاسير العجز العنصرية البغيضة تلك التي أطلقها رجال دين أغبياء مشعوذون ومثقفون رعاع جهلة وجماهير مغيبة أغلبها قسرا وبعضها الآخر طوعا بخصوص إعصار كاترينا الذي ضرب جنوب الولايات المتحدة الأمريكية,ومعلوم بأنه لم تكن هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها هؤلاء الى مثل هذه التفسيرات العاجزة والحاقدة وبالتأكيد لن تكون الأخيرة ,مادام يتحكم في هؤلاء منطق التفسير الكيفي لكل الظواهر بما يتناغم مع شرعتهم ,وبما عشش في عقولهم التافهة وقلوبهم المريضة من أنهم خير أمة أخرجت للناس,وهي المقولة التي لن تتحقق واقعا إلا اذا كانوا هم وحدهم من يعيش على هذه الأرض,وعليه فإنهم لن يتوقفوا عن إطلاق مثل هذه التفسيرات السخيفة والمتناقضة بدون أن يدركوا مدى سخافتهم وعمق تناقضهم وتعدد مكاييلهم في تفسيرهم لهذه الظواهر الطبيعية وكذلك حكمهم على الأحداث السياسية التي تعيشها البشرية حتى يرث الله الأرض وماعليها.

أقول هذا الكلام مستذكرا ذلك اليوم الذي استوقفني فيه رجل دين ملتحي عارضا عليَ صورة لمسجد في إقليم باندا ايتشه الإندونيسي يقول أنه بقي صامدا بقدرة الله رغم الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة كلها نتيجة التسونامي الذي ضرب جنوب شرق آسيا ومناطق مجاورة أخرى وما أحدثه من خراب ودمار كبيرين وضحايا بمئات الألوف,وحقيقة لم أتمالك نفسي أمام هذا الملتحي الذي حاول أن يلوي عنق الحقيقة بصورته المبتذلة التي يحملها على أنها البرهان القاطع على قدرة الله على حماية بيوته,دون أن يوضح لي لمن سيبقى هذا البيت(المسجد) ومن سيصلي به بعد أن أتى تسونامي على أرواح أغلبية رواده ؟, وكذلك بدون أن يوضح لي كيف أن المنازل التي تداعت هناك بفعل الزلزال وماأعقبه من موجات المد البحري قد تداعت كون أغلبها مبني من ألواح الصفيح وعيدان القش وليس لأن الله أراد أن يدمرها ويقوضها على أصحابها الذين غضب عليهم كونهم من مشتغلي الرذيلة ,وأن المسجد الذي بقي صامدا بقي كذلك لأنه الوحيد في تلك المنطقة الذي بنيَ بالإسمنت المسلح بالأموال التي إمتصها رجال الدين-على شاكلة هذا الذي استوقفني- هناك من عرق الفقراء تحت مبررات الدين, كذلك لم يذكر لي كيف أن القدرة الإلهية التي حمت مسجدا من السقوط في أقاصي الدنيا وعند أناس لا يعرفوا من الإسلام إلا قشوره ,لم تستطع أن تحمي أولى القبلتين وثالث الحرمين وهي التي تعرضت لعدة زلازل وكوارث طبيعية ومآسي بشرية مازالت مستمرة حتى هذه اللحظة على الرغم مالها من القداسة.


إنهم يفسرون بمقاييس الحقد والغيرة فيما لو اتت كارثة طبيعية على بلد كالولايات المتحدة الأمريكية بما له من شأن رفيع على صعيد العلم والمعرفة والتكنولوجيا,التي لولاها لكان هؤلاء اليوم على ماهم قبل ألف وأربعمائة عام ,ولمن ينكر هذه الحقيقة فليرمي مافي بيته من نتاجات حضارة الغرب الصليبي والشرق البوذي من أدوات كهربائية وأثاث منزلي وثياب شخصية ولا ينسى أن حتى جدران منزله قد بنيت بواسطة معدات غربية صليبية أو اسمنت شرقي بوذي,وعندها سيكون على حقيقته عاريا يفترش الصحراء ويأكل تمرا ولبنا إن توفر له ذلك ,ولن يحلم حتى أن يكون له خيمة أو مسبحة يسبح بها أو منبها ينبهه الى مواعيد الصلاة, لأن كل تلك الأشياء هي من إنتاج هؤلاء, وحتى مع كل هذا تسمع صوتا لأحد رجال الدين قائلا وبالحرف(الحمدلله الذي سخر لنا الغرب ليصنع لنا السيارات والطائرات ويلهو بأمور الدنيا لنتغرغ نحن لأمور الآخرة)وهذا الكلام ليس جديدا فهو جاء في أواخر ثمانينات القرن الماضي لرجل دين لبناني. وفي المقابل فإن تفسيراتهم تستند على التعالي والعنجهية اذا ماأصابت كارثة شعوب الشرق الذين ينظر اليهم العرب نظرة دونية حقيرة دون أن ينتبهوا أن ((الرفيق))الهندي-هكذا ينادون الهندي أو السيريلانكي أو البنغالي في بعض الدول العربية,قد أصبح ماردا في تصنيع برمجيات الكمبيوتر.وأن دولة معدمة مثل تايلند قد أصبح دخلها القومي يعادل حجم الدخل القومي لمجموعة من الدول العربية,ولا تشكل السياحة إلا 8%من مجموعه,ذلك لأن العرب لاينظروا الى تايلند الا من خرم الفرج,فهم مافتئوا يتهموا التايلنديين انهم يعتاشون على فروج نسائهم.

إن شعوب العالم أجمع قد تقدمت خطوات كبيرة في طريق العلم والمعرفة بحيث أن العرب لم يعد بإستطاعة عيونهم رؤية تلكم الشعوب لبعد المسافة التي باتت تفصلهم عن أمة استكانت لمجموعة من النصوص العبثية متوهمة أنها خير أمة أخرجت للناس وهم لا يعدو كونهم أثقل أمة شكلت عالة على البشرية ذلك أن خير الأمم من يقدم خيرا للأخرين ولا يكون وبالا وقتلا وتفخيخا وتفجيرا, وعليه فنحن لسنا أمة ولسنا خير كما وأننا لسنا من الناس.

العنوان من قصيدة للشاعر محمود درويش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah