الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات مع صديقي المسلم (2)

وسام يوسف

2015 / 2 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استكمل حواراتي مع صديقي علاء حيث سألني هذا السؤال
الم يكن المسلمون غالبية في العراق بدون ان تحدث مشاكل او مظالم حتى وقت قريب، الكنائس كانت تبنى في العراق وحتى المعابد اليهودية في القرن الماضي ، لم يهاجم المسلمون تلك المعابد ، بل ان الكثير منهم كانوا ومازالوا حتى الان يذهبون الى الكنائس ويشعلون الشموع ويقدمون النذور ، فهل كل هؤلاء لم يقرأوا الاسلام ؟؟ بماذا تفسر ذلك؟
قلت له : انا تربيت في السبعينيات في حارة في الكرادة يسكنها مسيحيون ومسلمون من الطائفتين وبل وكان في جيرتنا ايضا بيت صغير تسكنه سيدة يهودية اذكر ان اسمها كان ام كميل رفضت ان تغادر العراق الا في التسعينات بعد ان اصبحت الحياة لا تطاق للجميع وكانت محل احترام الجيران ويستشيرونها في الكثير من الامور لحكمتها والمامها بالتمريض وكانت تجتمع مع امهاتنا كل يوم تقريبا على استكان الشاي او فنجان القهوة في احدى البيوت بلا اي حرج ويتكلمن في المسواق والطبيخ والام الظهر وازمات البيض والدجاج ، واذكر ايضا ان احدى جاراتنا المسلمات كانت تنذر الشموع لكنيسة مريم العذراء في الكرادة عندما تصادفها ازمة مستعصية ، وان امي ومعها كل النساء الصديقات يذهبن لسماع القراية ايام عاشوراء في بيت جارتنا ام علي وكانت امي تاخذني معها وعمري 6 او 7 سنوات واراها تبكي بكاء حارا عند سماع صوت عبدالزهرة الكعبي وهو ينشد قصة استشهاد الحسين ، العراق الاصلي كان هكذا قبل ان يخربه الدين ومتعلقاته الطائفية ،كان معظم العراقيين يأخذون من الاديان ما يقرب فقط او ربما لا تاخذ شيئا بل تتصرف بطبيعتها الطيبة المحبة للاخرين ، التعصب موجود في جميع الملل بشكل او باخر ، لكن المهم ان لايؤثر التصاق الانسان بدينه على نظرته و تعامله مع الاخرين
قال علاء : اذا كان هذا هو الحال كما تقول وكان الاسلام موجودا والمسلمون غالبية ، افلا تعتقد ان المشكلة اذن ليست في الاسلام بل فيمن يفسره بطريقة عدوانية ؟
اجبت : اتمنى ان يكون ما تقوله صحيحا ، لكن متى بدأ تأجيج العداء ضد الاديان الاخرى بشكل ملموس .لقد بدأ مع ما يسمى الصحوة الاسلامية في نهاية السبعينات ، جاء الخميني عام 1979 وجعل ايران دولة اسلامية فأجج لدى الكثيرين حمى الاسلام الجهادي ضد من اسماهم دول الاستكبار اي الدول الكبرى التي لم يكن يهمها الدين يوما ما بل الاقتصاد والمصالح فقط ، فخلق في الضمائر والعقول حرب حضارات لم تكن موجودة قبل تلك الفترة ، بدأنا نرى الحجاب يغزو رؤوس النساء في بغداد وهو شيء لم نكن نراه من قبل، وفي دول اخرى كان الحال مشابها بدأ الاخوان المسلمون مثلا يتصدرون المشهد السياسي في مصر مع تساهل كبير من السلطات تجاههم وكأنها كانت تتمنى ان تعطي للفكر الديني المتشدد متنفسا توهما منها ان هذا سيهديء الامور، واصبح احتلال افغانستان من قبل الاتحاد السوفييتي حرب كفار على المسلمين وليس مجرد احتلال دولة لدولة ، ورغم ان العراق كان بعيدا عن نشاط الحركات الدينية بسبب التسلط البعثي الذي كان يقمع كل فكر ديني ليس هو مصدره فقد بدأنا لاول مرة نسمع احاديث رجال دين متشددين في العراق ليس ضد السلطة بل ضد معتقدات الادبان الاخرى ويتم تداولها بالكاسيتات ثم تحولت خاصة بعد الهزيمة الشنيعة لصدام حسين في الكويت الى منابر الجوامع و كانها انتقام من دول الغرب على تصديهم للفكر الصدامي ، انا نفسي و في احد ايام الجمع كنت امشي قرب جامع في منطقة زيونة في بغداد حيث كانت تسكن عائلتي وكان صوت خطبة الجمعة يبث بمكبرات الصوت ، وسمعت باذني الخطيب وهو يسخر من معتقدات المسيحية ويسميها كفرا ، هذه اشياء لم نكن قد الفناها في السابق ، وهكذا بدأت مظاهر التمييز واقصاء الاخرين بشكل تدريجي عند من اصابته موجة التدين ، هل تتذكر ذلك ام لا؟
علاء : انا اذكر الحملة الايمانية التي قادها صدام حسين وكنا نظن ان ذلك شيء جيد لاعادة الاخلاق الى المجتمع العراقي الذي اصبح ماديا تماما ولم اكن اعرف في حينها انها مجرد مناورة لتلميع صورة النظام ، لكني اعرف ان والدي ووالدتي وهم حجاج بيت الله لم يطلبوا مني يوما ان لا اصادق نصراني او لا ادخل بيته ، هذه هو الاسلام الذي عرفته طوال حياتي
اجبته : والغالبية مثلك ، لكن المتشددين بدأوا ينبشون في النصوص واستخرجوا للملأ احاديثا تلعن النصارى واخرى تصف اليهود بأنهم اولاد قردة وخنازير واصبحوا يرددونها بكل وقاحة، وسمعنا لاول مرة احاديثا تبشر المؤمنين بفتح روما على يد جيش المسلمين لان الرسول قد قال ذلك ، واخذ رجال الدين يرددون هذا الكلام بل الوعيد للكفار في المنابر الدينية وتحت صرخات الله اكبر ،
قال علاء: ربما حدث هذا لكنه لم يكن ابدا شائعا ولا هو القاعدة بل الاستثناء
قلت : كانت ظاهرة بدأت بالتزايد ، وبدأنا نسمع مناقشات بين مسلمين ومسيحيين عن من دينه اصح ، وطبعا في البلاد الاسلامية فان ايادي المسيحيين مغلولة في المناقشة خوفا من استفزاز المسلمين الذين يعتبرون نقد دينهم جريمة لا تغتفر وتستدعي استخدام السيف وفي نفس الوقت يعطون لانفسهم الحق في السخرية من الاخرين دون ان يكون من حق المسيحي ان يهيج ويتوعد عند انتقاد دينه كما يفعل المسلم، و بدأت نصوص اسلامية تحرض على العداء للاخرين ولم نكن نسمع بها تستخرج من بطون كتب الفقه والاحاديث وتؤثر في بعض الناس ، وبدأت بالانتشار والتغلغل والوصول الى الاسماع ، اثرت على الاقلية فاصبحوا مشاريع للارهاب ، ولم تؤثر على الغالبية لان العدوانية ليست في طبعهم
قال علاء: اذن انت تعترف ان السبب هو غريزة العدوان في نفسية البعض وليست النصوص بحد ذاتها
قلت : في رأي ان هذه النصوص تبرر للقلة ان يحملوا السيوف والسكاكين ويقطعوا الرؤوس ، وعندما يكون حتى لو 5 بالمائة فقط ممن حولك متطرفين في افكارهم ومستعدين لقتلك او تهجيرك اذا لم تخضع لهم سيصبح ال 95% المسالمين خارج المعادلة ، لانهم لن يواجهوا المتطرفين بل سينزوون بافكارهم في بيوتهم ويأثرون السلامة ويصبح الارهابي هو الصوت العالي و خنجره هوالمؤثر
قال علاء : يا اخي لايمكن ان افهم انك تتجاهل الغالبية التي تعترف انها مسالمة وتبقى تندد بالاقلية التي ليست 5% كما تقول بل انها ربما أقل من 1% ، فما اهميتها؟
اجبته : وماذا ستقدم لنا الغالبية المسالمة الطيبة غير كلمات تعزية مهلهلة مفادها ان الارهابيين فهموا الاسلام غلط ؟ انا ساركز على منبع الخطر وافضحه واندد به وسأهاجم باقسى العبارات من يشرد ويسبي الابرياء بسبب دينهم واندد بالفكر الذي ادى بهم الى هذا السلوك البربري ،ولن اضيع وقتي في امتداح اغلبية لم تؤذني ولم اؤذهم لان من المفترض ان هذا هو قانون الحياة وقانون الانسانية وليس فضلا من احد على احد ،القانون مثلا لايكافيء ولا يمتدح من يلتزم به ، لكنه يعاقب من يخالفه ، اليس كذلك ؟

وللحوار بقية














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب