الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسباب الشرعية لحرق الطيار الأردني !!

صلاح يوسف

2015 / 2 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-قال العلماء : لا يجوز تحريق الأعداء بعد القدرة عليهم ، وأما قبل ذلك وفي أثناء المعركة فقد اختلفوا في التحريق على أقوال :

1- فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقًا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصاً ([1]) ، ويروى عن مالك ([2]) . قال ابن قدامة : (أما العدو إذا قدر عليه فلا يجوز تحريقه بالنار بغير خلاف نعلمه ، وقد كان أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- يأمر بتحريق أهل الردة ، وفعل ذلك خالد بن الوليد بأمره ، فأما اليوم فلا أعلم فيه بين الناس خلافاً ([3]) ... فأما حرقهم قبل أخذهم بالنار فإن أمكن أخذهم بدونها لم يجز رميهم بها ، لأنهم في معنى المقدور عليه ، وأما عند العجز عنهم بغيرها فجائز في قول أكثر أهل العلم) ثم ذكر قول عبد الله بن قيس : لم يزل أمر الناس على هذا ([4]) .

2- وأجاز ذلك سفيان الثوري ([5]) ، وأجازه علي ، وخالد بن الوليد ، وغيرهما ([6]) .

3- وقال بعضهم : إن ابتدأ العدو بذلك جاز وإلا فلا ([7]) .

أدلة المحرمين :

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال " بعثنا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- في بعث فقال: إن وجدتم فلانًا وفلانًا لرجلين فأحرقوهما بالنار ، ثم قال حين أردنا الخروج : إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا ، وإن النار لا يعذب بها إلا اللّه ، فإن وجدتموهما فاقتلوهما" ([8]) ، وهو خبر بمعنى النهي ([9]) .

المناقشة : قال ابن حجر ([10]) : " قال المهلب : ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع ، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة ، وقد سمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أعين العرنيين بالحديد المحمي ، وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة ، وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أهل الردة " .

أدلة المجوزين :

1- قوله تعالى {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ولم يستثن قتلا من قتل ([11]) .

ويجاب بأن هذا العموم مخصوص بحديث أبي هريرة في النهي عن التعذيب بالنار

2- حديث العرنيين ، وسيأتي في القصاص ، فالكفار المحاربين من باب أولى .

وأجيب بأن قصة العرنيين كانت قصاصا أو منسوخة ([12]) .

3- قياسا على فعل الصحابة مع المرتدين ، وستأتي مناقشته في تحريق المرتد .

أدلة من قال بالتفصيل : قول الله تعالى : (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به) [13].

والراجح جواز فعل ذلك بهم إن فعلوه بالمسلمين معاملة بالمثل للآية ، وقياسا على القصاص كما سيأتي .

تحريق أموالهم :

وأما تحريق أموالهم وذلك في المباني والحيوان والنبات فإنهم اختلفوا في ذلك :

1- فذهب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب في بلاد العدو ([14]) . وأجاز مالك قطع الشجر والثمار وتخريب العامر ، ولم يجز قتل المواشي ولا تحريق النحل ([15]) .

2- وكره الأوزاعي قطع الشجر المثمر ، وتخريب العامر كنيسة كان أو غير ذلك ، وكرهه الليث وأبو ثور ([16]) . قال الترمذي ([17]) : قال الأوْزَاعِيّ : ونَهَى أبو بَكْرٍ الصّدّيقُ يزيد أنْ يقْطَعَ شجراً مُثْمِراً ، أو يُخَرّبَ عامراً ، وعمِلَ بذلكَ المُسْلِمُونَ بعدَه .

3- وقال الشافعي : تحرق البيوت والشجر إذا كانت لهم معاقل ، وكره تخريب البيوت وقطع الشجر إذا لم يكن لهم معاقل . قال الترمذي : وقال أحمدُ : وقد تكُونُ في مَوَاضِعَ لا يَجِدُونَ مِنْهُ بُدّا ، فأما بالعَبثِ فلا تُحَرّقُ . وقال إسحاقُ : التّحْرِيقُ سُنّةٌ إذا كانَ أنْكَى فيهِم . وذكر ابن قدامة أنه ينقسم إلى ما تدعوا الحاجة إلى إتلافه فجائز ، وما يتضرر المسلمون بقطعه فلا يجوز ، وما عدا هذين القسمين ففيه روايتان ([18])

دليل القائلين بالجواز :

1- أنه ثبت "أنه عليه الصلاة والسلام حرق نخل بني النضير" ([19]) . وليس قول أحد ولا فعله حجة عليه .

المناقشة : أن ذلك كان خاصا ببني النضير لغزوهم .

وأجاب الطبري بأن النهي محمول على القصد لذلك ، بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في حال القتال كما وقع في نصب المنجنيق على الطائف ([20]) ، وهو نحو مما أجاب به في النهي عن قتل النساء الصبيان ، وبهذا قال أكثر أهل العلم ([21]) . وقيل إن قصة الحصون والمراكب مقيدة بالضرورة إلى ذلك إذا تعين طريقا للظفر بالعدو ، ومنهم من قيده بأن لا يكون معهم نساء ولا صبيان ([22]) .

2- أنه عليه الصلاة والسلام أمر أسامة بن زيد - رضي الله عنه - بأن يحرِّق ([23]) .

دليل المحرمين : ثبت عن أبي بكر أنه قال في وصيته ليزيد بن أبي سفيان : لا تقطعوا شجرا مثمراً ، ولا تخربوا عامرا ، ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة إلا لمأكل ، ولا تغرقوا نحلاً ولا تحرقوه ([24]) .

وفعل أبي بكر هذا إنما كان لمكان علمه بنسخ ذلك الفعل منه -صلى الله عليه وسلم- إذ لا يجوز على أبي بكر أن يخالفه مع علمه بفعله .

الجواب : لا يخفى أن ما وقع من أبي بكر لا يصلح لمعارضة ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما تقرر من عدم حجية قول الصحابي ([25]) . وقيل : إنما نهى أبو بكر عن ذلك لأنه قد علم أن تلك البلاد تفتح فأراد بقاءها على المسلمين ([26]) .

وأما مالك فإنما فرق بين الحيوان والشجر لأن قتل الحيوان مثلة وقد نهى عن المثلة ، ولم يأت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قتل حيوانا .

والراجح عدم جواز تحريق وقطع الأشجار إلا للضرورة ، كأن تكون لهم معاقل ، جمعا بين الأدلة ، والأمر في تحريق الحيوانات أشد .

تحريق المرتدين :

أدلة الجواز

1- فعل علي (رضي الله عنه) فعن عكرمة قال : أُتي أمير المؤمنين علي –رضي الله عنه- بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله e قال : لا تعذبوا بعذاب الله ، ولقتلتهم لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من بّدل دينه فاقتلوه ، رواه البخاري ([27]) .

ونوقش بأن تجويز الصحابي معارض بمنع صحابي آخر ([28]) ، فإن ابن عباس لم يوافقه ([29]) .

2- أن أبا بكر أمر بتحريق المرتدين بالنار ، وحرق الفجاءة من بني سليم بالنار جمعت يداه إلى قفاه وألقي في النار ([30]) ، وفعل ذلك خالد بن الوليد بأمره ([31]) .

المناقشة : يمكن أن يجاب بأنه ربما لم يبلغه النهي ، لكن هذا الجواب لا يستقيم إذ لم يرد أن غيره خالفه ، ويمكن أن يجاب بأنه فعل ذلك قصاصا وهو جائز فيه لكن هذا يحتاج إلى العلم بأن الأعراب فعلوا ذلك بالمسلمين ، وقد ذكر ابن كثير أنهم قتلوا المسلمين الذين كانوا بين أظهرهم ، وأن أبا بكر فعل بهم ذلك ثأرا منهم ، ولإخافة الأعراب الآخرين . أو نقول أن ذاك ظرف استثنائي فلا يقاس عليه ، لأن أبا بكر لما حدثت الردة خشي على بيضة الإسلام فرأى التنكيل بهم ([32]) ، ويدل عليه كلام ابن قدامة السابق حيث ذكر أنه لا خلاف الآن في عدم الجواز .

أدلة التحريم :

أنا من الفريق القائل بأن داعش لا تفعل شيء مخالف للشرع، فماذا مع حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً ؟؟؟؟ تعالوا نشوف !

الأدلة في النهي عن التعذيب بالنار ، وقد سبق بعضها .

الترجيح : الراجح عدم الجواز لكن يبقى الإشكال في فعل أبي بكر ، فيحمل على أنه فعله استثناء للضرورة .

تحريق البغاة وأموالهم

قال العلماء : لا يجوز تحريقهم وأموالهم ، جاء في مغني المحتاج ([33]) : ولا يقاتلون بعظيم كنار ومنجنيق " وإرسال سيل وأسود وحيات ونحوها من المهلكات ، لأن المقصود من حالهم ردهم إلى الطاعة كما مر ، وقد يرجعون فلا يجدون للنجاة سبيلا ، وفي الحديث الصحيح لا يعذب بالنار إلا ربها ... ولا يجوز عقر خيولهم إلا إذا قاتلوا عليها ، ولا قطع أشجارهم وزروعهم .

التحريق في حد اللواط :

اختلف العلماء في الحد في اللواط على أقوال :

1- فقيل : الرجم بكرا كان أو ثيباً . وقال ابن عباس : يُلقى من أعلى بناء في البلد ([34]) .

2- وروي عن أبي بكر أنه أمر بتحريق اللوطي ، وهو قول ابن الزبير ([35]) ، قال المنذري : حرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء : أبو بكر ، وعلي ، وعبد اللّه بن الزبير ، وهشام بن عبد الملك ([36]) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يرجى اضافه الهوامش للمقال
فراس ( 2015 / 2 / 4 - 00:03 )
يرجى اضافه الهوامش للمقال ليتاكد من يريد من المراجع..وشكرا


2 - رد إلى السيد فراس
صلاح يوسف ( 2015 / 2 / 4 - 10:17 )
تحية طيبة ،، اعذرني فقد كنت حزينا مكتئبا لحرق الإنسان ولم أنتبه إلى أنني أغفلت الحواشي:




([1]) فتح الباري (6/174)

([2]) بداية المجتهد (2/339)

([3]) وهذا مثل الخروج بالسيف على الحاكم الجائر فهو مذهب لبعض السلف قديم تركوه لما رأوا ما في الخروج من المفاسد .

([4]) المغني (13/138 ، 139) ، وانظر : نيل الأوطار (7/248)

([5]) بداية المجتهد (2/339)

([6]) فتح الباري (6/174)

([7]) بداية المجتهد (2/339)

([8]) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، باب لا يعذَّب بعذاب الله (3016) ، ورواه أحمد (3/124) ، وأبو داود (2673) ، والترمذي (1619) ‏.‏

([9]) فتح الباري (6/174)

([10]) فتح الباري (6/174)

([11]) بداية المجتهد (2/339 ، 340) .

([12]) فتح الباري (6/175)

[13] ) النحل (126)

([14]) فتح الباري (6/179)

([15]) بداية المجتهد (2/340) ، وانظر : فتح القدير لابن الهمام (5/447) ، والمغني لابن قدامة (13/146)

([16]) فتح الباري (6/179)

([17]) انظر الحديث (1555)

([18]) المغني (13/146)

([19]) رواه البخاري (4031 ، 4032) ، ومسلم (1746)

([20]) رواه الترمذي في ضمن باب ما جاء في الأخذ من اللحية


3 - القتل هو القتل :ذبحاً كان أم حرقاً
ليندا كبرييل ( 2015 / 2 / 5 - 04:18 )
الأستاذ صلاح يوسف المحترم

إنها الجينات العنيفة الشرسة التي انتقلت إلينا وتمددت في مجتمع تسوده العشائرية والمفاهيم القبلية التي قام عليها المجتمع الأول القديم

لا بد أن نعترف أننا أبعد ما يكون عن السلوك المتحضّر والتهذيب الخلقي
مع كل هذه الأديان والأنبياء والوصايا الإلهية ولم يترك هذا كله أثراً في الشخصية العربية، أو فلنقلْ فيمنْ ينتمي إلى الثقافة العربية

ثقافة تعتمد على التمييز واللاعدل وسحق كرامة الإنسان

شخصيا أعتقد أن عرض فيديو الحرق أثار مكامن الألم في نفوسنا ، فالمشهد درامي مؤثر بشدة ونحن نرى البريء محبوسا في قفصه ينتظر موته الرهيب

نحن لم نر مشهدا فظيعاً كذبح إنسان ، أو تعذيبه ثم قتله، الموت واحد لكن الأساليب مختلفة، ولا يختلف عندي أن يموت الإميركي أو الياباني ذبحاً أو الأردني حرقا
كله بشع ومؤلم ولكنه المشهد الحي أفزعنا

الهمجية ما زالت متحكمة في سلوكنا

والهمحية ليست أن نقتل ونذبح فقط
الهمجية في اللفظ والمواقف والمعاملات والقول الفاحش والتجبّر الغبي أيضاً

تلزمنا تربية طويلة وتهذيب

تفضل التحية والاحترام


4 - الأستاذة الفاضلة ليندا
صلاح يوسف ( 2015 / 2 / 5 - 10:20 )
سأبدأ من حيث انتهيت أنت .. الهمجية في اللفظ والمواقف والمعاملات .. أعتقد أن المقدس يطل برأسه أينما ذهبنا، فهذا القرآن يصف الكفار ومخالفي محمدا بعبارات سوقية هابطة لا تبرهن على شيء أكثر مما تبرهن على بشرية القرآن بل ورداءة نظمه، وغني عن القول أن القرآن هو أكثر كتاب يتعلم منه المسلمون، وأكاد أجزم أن هذا الكتاب هو أساس الانهيار القيمي والأخلاقي لدى المسلمين.
شكرا للمرور والاهتمام ودمت بخير


5 - حرق وقطع رؤوس ورمي من فوق أسطح وماذا بعد؟
محمد أبو هزاع هواش ( 2015 / 2 / 5 - 15:57 )
الأخ الاستاذ صلاح:

مقالك مهم في هذه اللحظة أخي صلاح وذلك كي ينقطع الطريق على من كان سيقول أن الدواعش قد حرقو الأسير الطيار الأردني بإجتهاد من عندهم. هنا سامحني على إستخدام كلمة إجتهاد لأن هذه الكلمة فيها من الإيحابية الكثير وكما تعرف لايخرج من الدواعش سوى السلبي.

سيحاول المجملون تجميل صورة قبيحة ويقولون لك بأن حرق الأسير ليس عادة..إقرأ تاريخ المسلمون على مدى التاريخ وقل لي هل ترى سوى القتل والحرق والسلب والنهب والقمع وعدم إعطاء الحرية وقمع الكلمة وتعطيل العقل وتعميل الغيب والثعبان الأقرع وعذاب القبر....

يازلمة بورك جهدك

مع التقدير

اخر الافلام

.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah


.. 210-Al-Baqarah




.. 212-Al-Baqarah