الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لآن تورين ونقد الحداثة: بداية نقدية

رواء محمود حسين

2015 / 2 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ا

يرى تورين أن " فكرة الحداثة، في شكلها الأكثر طموحاً، هي التأكيد على أن الإنسان هو ما يفعله". فالصلة قائمة بين الإنتاج الأكثر فاعلية بسبب العلم والتكنولوجيا والإدارة من جهة وبين تنظيم المجتمع الذي ينظمه القانون والحياة الشخصية وتنعشه المصلحة وأيضاً الرغبة في التحرر كل الضغوط من جانب آخر. كل ذلك يقام على إنتصار العقل، فالعقل وحده هو الذي يعقد الصلة بين الفعل الإنساني ونظام العالم، وهذا ما كان يبحث عنه الفكر الديني من قبل ولكنه كان مشلولاً بسبب الغائية الخاصة بالأديان التوحيدية القائمة على الوحي. والعقل هو الذي يمنح الحياة للعلم وفي تكييف الحياة الإجتماعية مع الحاجات الفردية والإجتماعية، وهذا ما يوصل إلى الوفرة والسعادة والحرية ( الآن تورين: " نقد الحداثة"، ترجمة أنور مغيث، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 1997 م، ص 19).
لكن يبدو أن تورين متفائل إلى حد كبير في التأكيد على حتمية إنتصار العقل الوضعي، وتدهور العقل الغائي التوحيدي. والسؤال: إذا كان العقل الوضعي بهذه القابلية كما يصورها تورين فما الذي أوصل الإنسان الحديث إلى الإستلاب الذي يعيشه، كما يصوره أريك فروم.
يؤكد أريك فروم أنه قد ظهرت لإنسان القرن العشرين بوادر خسارة كل شيء. وما بدأ في القرن 19 سيستمر في القرن 20 بكثافة وبسرعة كبيرتين. إن نماء النظام الإقتصادي العصري يقود إلى المزيد من الإنتاج ومن سلوك الإستهلاك. لقد أصبح الإنسان مستهلكاً، والمعاش الرئيس في حياته أصبح أكثر فأكثر: أملك وأستعمل، وأنا موجود أقل فأقل. ويؤكد فروم أن الإنسان العصري وحيد وخائف. إنه حر، لكنه يخاف من هذه الحرية. إنه يعيش، كما يوضح السوسيولوجي الفرنسي الكبير، على حد تعبير فروم، إميل دوركايم في إنعدام المعايير، تتميز بالتمزق أو بالإستسلام، الذي لا يجعل منه فرداً، بل ذرة، لتفرده. فالذرة والفرد يعنيان نفس الشيء، أتت الكلمة الأولى من اليونانية وأتت الثانية من اللاتينية. كان الإنسان العصري يتمنى أن يصبح فرداً، لكنه أصبح في الحقيقة ذرة خائفة، يقذف بها هنا وهناك ( أريك فروم: " الإنسان المستلب وآفاق تحرره"، ترجمة وتعليق د. حميد لشهب، تقديم د. راينر فونك، فيدبرنت، الرباط، 2003 م، ص 46).
لكن ماذا عن العقل الغائي التوحيدي الذي أكد تورين تدهوره؟
يؤكد الفيلسوف النمساوي جوسيف سايفرت فاعلية العلاقة بين الدين والفلسفة أو العقل من أجل تأسيس حوار إنساني بناء مما يساعد في تفعيل الممارسة الإنسانية الوجودية، فيقول: " إن الفلسفة مطالبة بلعب الدور المهم الذي يجب عليها أن تلعبه في الحوار بين المنتمين إلى ديانات مختلفة. ذلك أن الفلسفة تتأسس على العقل وعلى المسائل العقلية كما هي معطاة للناس في مختلف الديانات، وكما هي مفترضة في الديانات المختلفة. بالإضافة إلى أن هناك علاقة حميمية بين الدين والفلسفة في الديانات التوحيدية، بحيث أن هذه الأخيرة تقترح، إلى جانب الكثير من المعطيات الفلسفية الأخرى، الكثير من المعارف المتعلقة بالله والإنسان، وبالتالي فإننا نجد فيها الكثير من نقط الإلتقاء .. وهكذا فإنه يجب على الفلسفة، وعلى الفلسفة الفينومينولوجية بالخصوص، أن تقوم بنقل هذا الأساس المشترك من أجل حوار أفيد ومتوازن إلى مستوى الوعي. وتعتبر الفينومينولوجية الواقعية، بحكم أنه تؤمن، عكس ما ذهب إليه هوسرل، بأن إهتمامها بالدين لا يتناقض ومبدأ المبادئ الفينومينولوجية، أي "الرجوع إلى الأشياء ذاتها" ( جوسيف سايفرت: " الله كبرهان على وجود الله: إعادة تأسيس فينومينولوجي للبرهان الأنطولوجي، ترجمة وتقديم د. حميد لشهب، أفريقيا، الدار البيضاء، 2001، ص 24).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ