الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 22

عباس الزيدي

2015 / 2 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قيادة الحركة الإسلامية في العراق
1980 – 2003
الحلقة 22
عباس الزيدي – عبد الهادي الزيدي

بعد سيطرة النظام على كل محافظات الجنوب أصدر النظام العراقي بياناً جاء فيه :

بيان مجلس قيادة الثورة العراقي "بالقضاء على الفتنة"
في المدن العراقية (5 نيسان/أبريل 1991)
((بسم الله الرحمن الرحيم
بيان صادر عن مجلس قيادة الثورة.
نحمد الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الفضيل إذ نعلن لأبناء شعب العراق العظيم نبأ القضاء التام على أعمال الفتنة والتخريب والشغب في كل مدن العراق. وكان آخر ما أنجز هو القضاء على حالة التمرد والتخريب في مدينة السليمانية العزيزة. لقد عادت سلطة القانون والنظام، وعاد الأمن والاستقرار الى كل مدن العراق وأنقذت أرواح العراقيين وأعراضهم وممتلكاتهم مما أصابها خلال الأيام السوداء الحالكة للفتنة من انتهاك ونهب وحرق وتدمير ليس له مثيل في تاريخنا.
وكان السيد الرئيس القائد صدام حسين قد أعلن في السادس عشر من آذار القضاء على الفتنة المجرمة في مدن الجنوب.. والآن أتمت الدولة بعون الله وتوفيقه القضاء على الصفحة الأخرى من الفتنة في شمال العراق العزيز.
لقد صوَّر الأعداء الحاقدون أعمال القتل وانتهاك الأعراض والتخريب والسلب والحرق والتدمير التي جرت في مدن الجنوب والشمال على أنها "انتفاضة" وأعطوها أوصافاً زائفة، غير أن شعب العراق الواعي الذي خبر الحياة والرجال، وعاش تجارب الثورات الحقيقية الأصيلة وفي مقدمتها ثورة 17 ـ 30 تموز [يوليو] العظيمة كشف الزيف وكشف المؤامرة المجرمة، كما كشف وعرف حقيقة مرتكبيها والقوى الاجنبية المعادية والغادرة التي تقف وراءها، ولم يكن من قبيل الصدفة أن تنطلق هذه الاعمال الشائنة التي هي ليست من أخلاق العراقيين ومن تقاليد نضالهم الوطني خلال العدوان الامريكي الأطلسي الصهيوني على العراق، وقد أكدت كل التقارير والمعلومات أن التخطيط لها تمَّ مع الإعداد لهذا العدوان الغادر وبالتنسيق مع أركانه الأجانب ومع عدد من الأنظمة في المنطقة، وكما قال السيد الرئيس القائد في خطابه التاريخي في 16 آذار [مارس] 1991 ((في الوقت الذي كانت البلاد من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن اقصى الشرق الى أقصى المغرب تتعرض لعدوان الثلاثين دولة، وبينما كانت كل مدننا وقرانا تنزف دماً من آثار العدوان الوحشي الذي استهدف كل العراق وأبنائه واستهدف حياة كل العراقيين وممتلكاتهم وما بنوه خلال عشرات من السنين بالجهد والعرق والابداع، في هذا الوقت بالذات تسللت الى داخل البلاد من خارجها قطعان من الخونة الحاقدين حملة الهوية العراقية المزورة لتنشر الدمار والارهاب والتخريب والنهب في عدد من مدن وقرى العراق الجنوبية يعاونهم غوغاء ضلوا السبيل الصحيح، وذلك في البصرة والعمارة والناصرية وكربلاء والنجف والحلة. وصار هؤلاء الخونة المارقون يهاجمون بعض قطعات وثكنات الجيش المعزولة والمنسحبة تحت تأثير نيران العدوان ويستولون على الاسلحة والمعدات ويحرقون ممتلكات الشعب وينهبون مقرات الدولة والمدارس والمستشفيات ودور المواطنين وينتهكون الأعراض بل إنهم عمدوا حتى الى حرق سجلات الأحوال المدنية وسجلات عقود الملكية والزواج والأرث في دوائر الدولة وراحوا يقتلون بأساليب الغدر الجبانة بعض المسؤولين في الدولة والحزب والضباط والمواطنين في تلك المدن، إن بلادنا التي تعرضت الى العدوان الامبريالي الأطلسي الصهيوني تعرضت الى غزو آخر مشابه لغزو هولاكو لبغداد عام 1258)).
كما قال سيادته في الخطاب نفسه ((وفي نفس الوقت الذي دخلت فيه قطعان الفتنة من خارج الحدود الى عدد من مدننا في الجنوب دخلت من نفس المكان عناصر مسلحة الى عدد من قرى ومدن الشمال، وكما رفعت العناصر الحاقدة شعارات الانقسام الطائفي من مدن الجنوب رفعت العناصر التي دخلت مدن الشمال تحقيقاً لنفس الغرض الخاسئ شعارات الانقسام القومي وفعلت أفعالاً مماثلة في الارهاب والتخريب والانتقام والقتل والنهب والحرق. وقد تبين تماماً أن خطة التسلل الى بعض منطق الجنوب وبعض مناطق الشمال مصدرها واحد، وغاياتها واحدة هي تدمير العراق وتقسيمه وإشاعة الفوضى والدمار والخراب فيه وإخضاعه لإرادة الأجنبي، ألا خسئ ما يفعلون)).
أيها العراقين الأماجد . . .
بسم الله الرحمن الرحيم
((ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين . . صدق الله العظيم)).
إن الانجاز الذي تحقق بالقضاء على الفتنة وعلى الخونة القادمين من وراء الحدود يؤكد أصالة العراق والعراقيين ويؤكد قدرة العراق والعراقيين على مواجهة المحن والتصدي للمؤامرات. فالعراق باق وسالم بعون الله. كما يؤكد هذا الانجاز القضاء على العمود الفقري للصفحة الأكثر خطورة من المؤامرة التي استهدفت العراق. فبعد العدوان الأمريكي الأطلسي الغادر على بلادنا العزيزة وما أصابها على يد المعتدين أراد أعداء الله، أعداء العراق، أن يحولوا هذا البلد الواحد الآمن الشامخ الى لبنان آخر تتوزعه وتسحقه الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية. ولكن العراق أثبت برعم المحنة التي أصابته على يد الحلف المعادي أنه أقوى من المؤامرة والمتآمرين رغم ما أعدوا لها من امكانات، وما رسموا لها من مخططات وما أحاطوها من حملات دعائية ليس لها مثيل في العالم.
لذلك يحق لنا، أيها العراقيون الأعزاء، أن نشعر بالفرح والاعتزاز لسلامة بلادنا وخروجها من هذه الفتنة موحدة آمنة تتفتح أمامها، إن شاء الله أبواب المستقبل.
ايها العراقيون الأماجد . .
لقد قال السيد الرئيس القائد في خطابه في السادس عشر من آذار [مارس] :
((اليوم وبعد القضاء على الفتنة والتمرد وإعادة الأمن والاستقرار وسلطة الدولة فإن الوقت قد حان للمباشرة ببناء أركان المرحلة الجديدة التي لا تخلو من صعوبات والتي تتطلب تضحيات غالية، لكن شعبنا الذي يمتد عمق حاضره الى تاريخ وتراث ستة آلاف سنة قادر، بعد اجتياز المحنة، على فتح آفاق المستقبل المزدهر بامكاناته العظيمة وبطاقة العراقيين التي لا حدود لها عندما يشمرون عن سواعدهم ويقدحون عقولهم لإيقاد جذوة البناء والتعمير، فالعراقيون الأصلاء المخلصون لبلادهم والحريصون على استقلال العراق وعزه وبنائه وازدهاره سيجدون في مؤسسات وصيغ هذه المرحلة الجديدة مجالاً حراً وبنَّاءً للمساهمة في كل ما يحقق عزَّ العراق والعراقيين ومصالحهم وأمنهم واستقرارهم وبناء المجتمع الديمقراطي الذي يقوم على أساس الدستور والقانون والمؤسسات والتعددية الحزبية.
أيها العراقيون الأعزاء . .
هذا هو برنامجنا المستقبلي، وإننا لواثقون وبالرغم مما أعد ويعد لنا من مخططات تآمرية غادرة ومنها ما جرى ويجري في مجلس الظلم والظالمين الذي سمي زوراً وبهتاناً بمجلس الأمن، واثقون من المستقبل الذي سيكون، كما كانت أغلب صفحات تاريخ بلادنا العريقة، مشرقاً ومزدهراً وقوياً بإذن الله.
تحية الى كل الرجال وفي كل مؤسسات الدولة، في القوات المسلحة وأجهزة الأمن والشرطة والإدارة والى كل الخيرين أكراداً وعرباً من أبناء العراق العظيم الذي ساهموا بشجاعة وتفان في القضاء على الفتنة وإعادة الأمن والاستقرار وسلطة القانون الى ربوع البلاد.
أيها العراقيون الأعزاء .
ايها المواطنون الأكراد العراقيون.
لما كانت القضية الكردية بكل تعقيداتها المعروفة. قد تداخلت في حياتنا العراقية وبغية المحافظة على استمرارية فرز الألوان والمواقف والشخوص بما يخدم العراق العظيم ويعزز المنهج الإنساني الوطني لمسيرتنا الظافرة فقد قررنا العفو عن الأكراد العراقيين في منطقة الحكم الذاتي عن أي تصرف يحاسب عليه القانون عدا جرائم القتل العمد وهتك الأعراض والسرقة، مما وقع في ظروف حوادث الشغب والخيانة. ويشمل العفو بشكل عام الأكراد في منطقة الحكم الذاتي كما يشمل منتسبي ومستشاري أفواج الدفاع الوطني ومنتسبي المفارز الخاصة ومنتسبي الأمن الداخلي والقوات المسلحة. وعند عودة من يعود منهم الى الصف الوطني سيكون آمناً على كل حقوقه وسيقوم بما عليه من واجبات طبقاً للقانون، وإن كل أجهزة الدولة بما في ذلك القوات المسلحة مدعوة للإلتزام بهذا القرار وتقديم التسهيلات المقتضية لذلك، على أن يسري مفعول قرارنا هذا لمدة أسبوع لمن كان من المشمولين به داخل العراق ولمدة اسبوعين لمن كان من المشمولين به خارج العراق)).
مجلس قيادة الثورة
20 رمضان 1411 هـ، الموافق 5 نيسان/ [أبريل] 1991م.)) (1).

لوحظ على نص هذا البيان عدة أمور، بصرف النظر عن الأسلوب الهزيل الذي دأب عليه النظام في خطاباته المعروفة، أن النظام يعترف بوجود الانتفاضة وهو الذي تعود على تغييب وتعتيم كل ما من شأنه الإشارة الى وجود أية صوت معارض أو زعزعة لكيانه، وهو في نفس الوقت يشير الى أن إيران هي المسؤولة عن نشوب الانتفاضة ولكن من دون ذكرها صراحة، فهو من ناحية يشير الى الخطر الايراني الذي يغازل به ـ حسب ظنه ـ الغرب والدول العربية، ومن ناحية أخرى لا يريد أن يغلق البوابة الوحيدة التي كان يتقوت من خلالها، فقد أصبحت إيران المنفذ الوحيد تقريباً لسد رمق الاقتصاد العراقي المنهار تماماً، ولوحظ أيضاَ نبرة الضعف التي لم تعرف عن النظام العراقي، فلطالما تبجح بقوة وعظمة الجيش العراقي وأمجاد سومر وأكد وبابل والفروسية العربية، وهو يسترجي من ذلك أيضاً أن يهب لنجدته أي صديق من أصدقاء الأمس فهذه إيران القوة المتنامية قد تفترس الجميع فيما لو سيطرت على العراق من خلال المعارضة الموالية لها.
وبالفعل بقي الحال واشتد سوءً على الشيعة جنوبي العراق طيلة السنوات اللاحقة، كأن الحصار الإقتصادي والقمع لم يشرَّع إلا لسحقهم حتى تأتي الساعة التي ترى فيها الولايات المتحدة أنهم تمَّ ترويضهم تماماً، ولم تنل تلك العقوبات من الآخرين كما حصل مع الشيعة.

-------------------------------
(1) الحرب على العراق، يوميات ـ وثائق ـ تقارير، 1990 ـ 2005، مركز دراسات الوحدة العربية، ص 496 ـ 498.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا