الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطموح .... بين الأمنيات وصدمات الواقع

دريد خضير الموسوي

2015 / 2 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يصل الإنسان إلى حديقة النجاح دون أن يمر بمحطات التعب والفشل واليأس
وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف عند تلك المحطات
سأبدا الحديث بقصة واقعية حدثت في أحدى الجامعات في كولومبيا حيث حضر أحد الطلاب محاضرة لمادة الرياضيات وجلس في آخر القاعة ونام بهدوء وفي نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات الطلاب ونظر إلى السبورة فوجد أن الدكتور كتب عليها مسألتين فنقلهما
بسرعة وخرج من القاعة وعندما رجع إلى البيت بدء يفكر في حل هاتين
المسألتين.. كانت المسألتان صعبتين جدا فذهب إلى مكتبة الجامعة وأخذ المراجع
اللازمة وبعد أربعة أيام استطاع أن يحل المسألة الأولى وهو ناقم على الدكتور
الذي أعطاهم هذا الواجب الصعب!!
وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة استغرب أن الدكتور لم يطلب منهم الواجب
فذهب إليه وقال له يا دكتور لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام
وحللتها في أربعة أوراق ..
تعجب الدكتور وقال للطالب ولكني لم أعطكم أي واجب !!
والمسألتان التي كتبتهما على السبورة هي أمثلة كتبتها للطلاب للمسائل التي عجزالعلم عن حلها..!!
إن هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى في محاولة
حل هذه المسألة ولو كان هذا الطالب مستيقظاً وسمع شرح الدكتور لما فكر
في حل المسألة ولكن رب نومة نافعة. وما زالت هذه المسألة بورقاتها الأربعة معروضة في تلك الجامعة .
قبل مدة قصيرة كان هناك إعتقاد أن الإنسان لا يستطيع أن يقطع ميل في أقل من أربعة دقائق وإن أي شخص يحاول كسر هذا الرقم سوف ينفجر قلبه ، ولكن أحد الرياضيين سأل هل هناك شخص حاول وإنفجر قلبه ، فجاءته الإجابة بالنفي ، فبدأ بالتمرن حتى إستطاع أن يكسر الرقم ، ويقطع مسافة ميل في أقل من أربعة دقائق ، في البداية ظن العالم إنه مجنون أو إن ساعته غير صحيحة ، لكن بعد أن رأوه صدقوا الأمر ، وإستطاع في نفس العام أكثر من 100 رياضي أن يكسروا ذلك الرقم.
فالقناعة السلبية هي التي منعتهم أن يحاولوا من قبل ، فلما زالت القناعة السلبية إستطاعوا أن يبدعوا .
في حياتنا توجد الكثير من القناعات السلبية التي نجعل منها شماعة نعلق عليها فشلنا ، فكثيرا ما نسمع كلمة "مستحيل" ، "صعب" ، "لا أستطيع" وبالحقيقة ماهذه إلا قناعات سلبية ليس لها من الحقيقة شيء ، والإنسان الجاد يستطيع التخلص منها بسهولة ، فلا يوجد شيء مستحيل ..... فلماذا لا نكسر تلك القناعات السلبية بإرادة من حديد فنحرر مواهبنا من القيود ونشق خلالها طريقنا إلى القمة.
والقناعه والطموح لايتضادان بل هما مكملان لبعضهما .. والطموح يبدأ من الأيمان بالذات و القناعة بامكانياتها ...
فما هو الطموح يا ترى.......؟
نقصد بالطموح هو المعرفة الشعورية لما يرغب الشخص في تحقيقه من أهداف تنسجم مع قدراته وإمكاناته وميوله واتجاهاته وقيمه وواقع مجتمعه ، وتنشأ عن تصوره لمستقبله الذي يرغب فيه ويتمناه .
بما اننا تربويون ليكن كلامنا موجه الى طلبتنا الاعزاء خصوصا طلبة الصف السادس الاعدادي العلمي منه والادبي
ولعل الخطوة الأولى في تحقيق الطموح لدى الطالب هو اختيار التخصص المناسب ؛ فإذا اختار الطالب تخصصاً دراسياً يتلاءم مع استعدادته وقدراته وميوله و ظروفه ، وكان على معرفه بالوظيفة أو المهنة التي ستنبثق عنه من حيث مستقبلها ، وعوامل النجاح والتقدم فيها ،فهذا بلا شك سيعزز طموحه ويطوره . أما إذا كان الأمر غير ذلك فهذا قد يؤدي إلى إعاقة وتعطيل طموحه إلى جانب ما يترتب عن ذلك من انخفاض التوافق النفسي والاجتماعي والتربوي والأكاديمي ، سيما أن العمل هو أحد أبرز جوانب الحياة الذي يمكن من خلاله أن يحقق الطالب طموحه ، ويثبت جدارته فالتميز في العمل شرط أساسي لمواصلة النجاح في الحياة . ومما هو ملاحظ أن الطالب يصل الى مرحلة السادس الاعدادي ولديه طموحات غير واضحة ، ولكن بفعل الخبرات التي يكتسبها من الجامعة يصبح أكثر وعيا بذاته ، وامكاناته، مما يؤدي بدوره إلى إعادة بناء وصياغة وتطوير طموحه . ومن الضروري هنا أن يوازن الطالب بين العقل والعاطفة وبين الممكن وغير الممكن ، كي يتمكن من وضع أهداف محددة لطموحه ، وهي الخطوة الأولى لتجسير الفجوة وردم الهوة بين الطموح والقدرة .
كما من الضروري أيضا ألا يتوقف طموح الطالب عند النجاح في المساقات الدراسية فحسب ، فهذا لا يمثل إلا جزءا يسيرا من الرحلة ، فسيمفونية النجاح والطموح يجب أن تستمر لدى الطالب الراغب في تحقيق إنجازات علمية وعملية ، ويتأكد ذلك إذا علمنا أن العولمة والطوفان الهائل في المعلومات والاتصالات تفرض باستمرار مهارات قد لا تتوفر لدى الطالب ، مما يحتم عليه تطوير أساليب تفكيره وأهدافه ، وصولًا لتحقيق طموحه ليساير تشابك وتعقيد شكل الحياة العصرية ، ويحافظ بالتالي على تناغم إيقاعه مع العالم الذي يحيط به
إذ عليه أن يتابع المستجدات والتطورات في مجال تخصصه ، وأن يسعى بشكل دؤوب للحصول على المعرفة الجديدة واكتساب المهارات والخبرات التي تتماشى وواقع التقدم العلمي والتكنولوجي مما يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه ووطنه .
وبالتالي النجاح على أرض الواقع ، وتحقيق الطموح لابد أن يسبقه النجاح الفكري الذي يتطلب امتلاك مفاتيح وأدوات هي عبارة عن إرشادات تكون سهلة وبسيطة ، وربما تبدو مألوفة إلا أنها في غاية الأهمية وفيما يلي بعضاً منها :
1- تحديد الأهداف وتجديدها باستمرار ،، فعليك ان ترسم أهدافا جديدة كلما تحققت أهداف قديمة ، فمن لا يجدد أهدافه يهدم مستقبله بيديه
2- التخطيط والتنظيم،، أينما وجد التخطيط وجد النجاح ، وأينما وجدت الفوضى وجد الفشل
3- الثقة بالنفس ،، عندما تكون لديك ثقة بأنك قادر على تحقيق هدفك فستكون مهمتك للنجاح اسهل
4- الدافعية الذاتية والحماس ،، الحماس هو زادك في رحلة تحقيق طموحك
وليكن لديك الإصرار على الإنجاز ما دامت هناك دلالات تشير إلى التقدم لا تخشى المشي البطيء أحيانا ولكن اخش الوقوف في مكانك (بعض الناس لا يقطعون الشوط الأول كي يعرفوا أن هنالك شوطا ثانيا (
5 التحرك إلى المستقبل دون انتظار قدومه ،،لا تكن ممن يمضون نصف حياتهم في انتظار وصول النصف الثاني ، ويمضون النصف الثاني يتحسرون على النصف الأول
6- احترام الوقت وزيادة فاعليته ،،وقتك هو كنز حياتك
7- - اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب ،،لا تتردد عندما تكتمل المعلومات (فإذا عزمت فتوكل على الله )
8- التحرر من الماضي ،، نجاح الماضي لا يضمن نجاح المستقبل ، فنجاح المستقبل يصنعه الحاض تطلع دائما إلى الأمام ولا تنظر إلى الخلف إلا لأخذ العبرة
9- الابتعاد عن خلق الأعذار لتبرير الفشل،، إنها كلمات تحاول أن تخدع بها الآخرين، لكن الحقيقة انك لا تخدع بها إلا نفسك
10- التفكير الايجابي والابتعاد عن الأفكار غير العقلانية
العقول العظيمة تنشغل بالأفكار الايجابية، والعقول العادية تنشغل بالأحداث ، والعقول الصغيرة تنشغل بالناس فليكن تفكيرك ايجابيا
11- النقد الذاتي ،، تعرف على نقاط ضعفك واعمل شيئا محددا نحوها
في النهاية علينا القول ان الطموح الحقيقي او الحلم الحقيقي لا يتعارض مع القناعة
ولكن الطموح غير الحقيقي الذي هدفه الاستعراض امام الاخرين والتخلص من عقدة النقص يتعارض مع القناعة
ففي لحظة حدوث القناعة يتلاشى الطموح غير الحقيقي ويبقى الطموح الحقيقي
لا تقضي حياتك تحاول تحقيق اهداف الاخرين او الاثبات انك شخص جيد وكفوء للاخرين ارضى بما لديك وانطلق لتحقيق طموحك الحقيقي
طموحك الحقيقي هو استهلاك حياتك في عمل ما تحب وتتقنه لخدمة الاخرين
من دلائل الطموح غير الحقيقي انك ترغب بتحقيق الهدف مرة واحدة ومن دلائل الطموح الحقيقي انك ترغب بتحقيقه باستمرار ولاخر يوم في حياتك ولا مانع لو استهلكت حياتك كلها لتحقيقه فلا تجعل طموحك كلمات على ورق بل اجعله عمليا يمكن تحقيقه على ارض الواقع
واختم الحديث بقول للامام علي عليه السلام (ما رام امرؤ شيئا إلا وصل إليه أو ما دونه )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف