الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في النجف هناك من يبغض الحب

فرات المحسن

2015 / 2 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



استنفر مجلس محافظة النجف شرطة الآداب ومطاوعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة للبعض من قادته، لغرض منع شباب المدينة من خرق قدسيتها التي سنت وفق أعراف الحزن والبكاء وشق الجيوب ولطم الصدور والخدود. واستنفر كل هؤلاء بسلاحهم الفتاك وعصيهم لأجل حجب الفرح عن سكانها ومنعهم الدعوة للوفاق وإشاعة ثقافة المحبة والسلام، فتلك الثقافة باطلة فاسدة يمارسها الكفار والزنادقة وتريد لمعالم المدينة وأعرافها أن تتلوث بفساد وكفر وقبح وفجور باسم يوم يدعى عيد الحب.


لعيد الحب من يبغضه
لسعة برد جعلته يرفع ياقة سترته ليغطي بها رقبته، ثمة مرور كثيف للبشر، وحمرة الغروب ترتمي فوق سطوح البنايات. فضل الوقوف في الزاوية اليسرى من شارع السعدون عند بقايا مكتبة المثنى التي ما عادت تعني لصاحبها قاسم الرجب غير وجع في القلب. وقف مسمرًا جوار الحائط الذي لوثته بقايا ملصقات الانتخابات الماضية، حمل بيده اليسرى باقة ورود حمراء، وراح يطالع المارة بشغف وطيبة، وثمة ابتسامة ترتسم عند غمازتين تطرزان خديه.
مساء البارحة في سريره الذي يصر عند أدنى حركة ، فكر بالغد الذي هو يوم الحب، نعم يوم الحب،كلمة تطرق قلبه بوجع لذيذ. وحيد كان في تيهه ويقينه، شعر بثقل ذلك التفكير وهو يحاور نفسه عن يوم غد، لا حبيبة تنتظر تودده وقبلاته وهداياه. تبسم وهو يلوك كلمة هداياه،تذكر مقدار ما يملكه لشراء هدية، ولمن سوف يهديها في هذا اليباس الذي يلف عالمه. سوى أم عجوز تدثرت هنا في فراشها قرب باب الغرفة، تحملت سنواته الأربعين بأوجاعها وفرحها ومتاهاتها، وحبته كل شيء استطاعته، وسفحت عليه سني عمرها حبا دون كلل، ومن زاوية في غطاء السرير ترقبه الآن بابتسامتها الرقراقة التي أعتاد أن تمنحه إياها لتطمئنه وتطمئن نفسها بوجوده.
فكر، الحب لجميع الناس ربما يعوض القلب عن فقدان فرح، كيف يستطيع أن يُفْرح البشر في عيد المحبة، أن يبث في أجسادهم وأرواحهم فرحًا غامرًا ومحبة دون أن ينتظر منهم ثمنا. ليس بحاجة لثمن، فهو يود فقط أن يجعلهم يعافون الأحقاد ولو لساعات. أن يذكرهم بيوم الحب، يسعدهم ويجعلهم يشاطرونه احتفال هذا اليوم.
* * *
مد يده ولوح بوردة، تلقفها عجوز رثّ الثياب وأبتسم وهو يشمّها بنفس ذابل.
قفز صبي عابث وبلمح البصر خطف الوردة من يده الممدودة، ضحك ملء شدقيه وهو يراقب الصبي يختفي وسط الزحام وهو يلوح له بالوردة.
مد يده ولوح بوردة لفتاة اقتربت، أشاحت الفتاة بوجهها عنه وأسرعت في خطاها.
أقترب منه شيخ معمم، زم شفتيه الغليظتين موجهًا له سيل كلمات بصوت مرتفع، إلا تستحي يا ولدي من وقفتك هذه، تحتفل بيوم الفسق والفجور، هذه العادة القبيحة التي ابتدعها اليهود والنصارى ليفسدوا النفوس ويدعون بها إلى ممارسة الزنا والمحرمات،أتعرف ان عملك هذا يتعارض وقدسية مدننا المباركة. عتبي عليك أيّها الشاب العراقي كيف تقلد أهل الكفر بأعيادهم، هل نسيت أعيادنا وأفراحنا لتذهب وتقتبس دينك من خارج ديارنا ، قبحك الله على فعلتك هذه. كان الشاب يحدق بوجه الشيخ ساهما مرتبكا. لم يكمل الشيخ جملته الأخيرة حين تقدمت مجموعة من الرجال ليثبوا على الشاب وبلمح البصر خطفوا الورود ورموها وسط الشارع ثم طرحوه أرضا وليشبعوه ضربا. كانت السيارات مسرعة تدهس وروده لتحيلها إلى فتات غائم الملامح، ومن بين أيادي الشباب الهابطة والمرتفعة شاهد ابتسامة صفراء ماكرة كانت تغطي وجه الشيخ الذي اعتدل بوقفته ودفع عمامته قليلا نحو الأمام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحزن والكراهية تجارتهم وعملتها سفك الدماء
طلال الربيعي ( 2015 / 2 / 12 - 11:03 )
علما ان هذا المعمم المعتوه وزبانيته وكل حكومته والكل يستوردون حتى الابرة والخيط من -بلاد الكفار؟- ويعجزون حتى عن تنظيف مدنهم التي امتلأت بتلال الزبالة والنفايات. والمعمم موله بالاحزان وعاشق لمنظر سفك الدماء .
فاالحزن والكراهية تجارتهم الرابحة وعملتها سفك الدماء. فكيف سيوافقون على عيد يزرع الحب بدل الكراهية ويقضي لربما على تجارتهم الرائجة؟


2 - بصيص امل
علي ( 2015 / 2 / 12 - 18:08 )
المثل الصيني يقول لو اجتمع ظلام العالم كله فلن يستطيع اطفاء شمعة .
سيخرج الف شاب حالم بالحب في هذا الزمن المظلم وسيعم الحب رغما- عن انوف المعممين والحاقدين والمرضى الذين يعتاشون على الحقد والكراهية .

اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran