الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجود واللا عدم ؟

احمد مصارع

2005 / 9 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


البحث عن الآخرة وبداية الحياة ؟
يسود الاعتقاد لدى معظم الأديان السماوية بوجود الآخرة , والآخرة حياة أخيرة ونهائية , باعتبار أن من عاش منا وجربها في لحظات زائفة وآنية , عليه أن لا يغتر بشكل أدونيسي من المرايا المائية الخلبية من الحياة الأولى وعليه واجب أن يعمل ويستعد لرؤية صورته الحقيقية هذه المرة , وبعد أن يصحو من النوم الذي يلتهمه في صورة موت للتلاشي , وللعودة من جديد .
لجدلية الحياة الأخيرة منطق خاص , متسام , ومستعص , أو مستغلق , لايمكن تشكيل معادلاته ,ولأنه ليس قابلا للتجربة , فلا يخضع للعلمية المختبرية , وخبرته معدومة التراكم , وفي المعتقد الشعبي غير المهذب يهتفون بغضب : درب الصد مارد , ويعنون به الموت , وهذا يحمل شكوكية مابين وعيهم وحسهم .
لقراءة الحياة الأخيرة , لابد من استكناه التأملات الشعورية القياسية , حيث لاتكون المقايسة مؤكدة في منطق الحياة الابتدائية , فمن السهل تشذيب صورة الحياة الابتدائية وتلميعها , وتقديمها في حلة زاهية في أطباق من البير ليوم حيث أن غرامه أغلى من غرام الذهب بعشرات المرات , وفي مثل هذه الحالة يقوم منطق الحياة الابتدائية بإكمال المشاعر الناقصة مؤقتا وملء فراغاتها , بما يستجيب لمثال ما يتمناه المرء , فيكون بذلك قد اخترع هو بنفسه شكل حياته الأخيرة .
إذا كان الموت والحياة شيئين متمايزين , أي ليسا شيئا واحدا تعريفيا , وليس غريبا على البعض تصور وحدتهما غير المتضادة , ففي النظرية النسبية لافرق بين الاتجاهات , يسار يمين , فوق تحت , ومثل هذا الإنكار نلمحه في الفلسفة السفسطائية , حيث تهمل الهوية , حيث لا تعريف ولا معرفة ممكنة أبدا , بل إن (أنا ليس أنا ) ....
وإذا لم نقبل بتلك الحقيقة , فلن يكون لدينا مؤقتا لا حركة ولا بركه .
بهذا المعنى فالشخص الطفل , ليس هو الشاب ولاهو بالكهل , رغم وحدة الحامل , ليستقيم معنى الحركة ولا يكون هناك سكون , وحين نقوم بنفي الحامل وحده , سيعود الأشخاص الثلاثة الى الحد الأوسط الشبابي , ولكن الحامل يتلاشى مصادرا في حده الوسط .
إذا كان الموت والحياة حقيقتين مستقلتين ,من نوع إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين , والعكس صحيح بمعنى أنهما غير متضايفين , ولا يتسع المجال لحضور هما معا, في مكان واحد , وفي آن واحد معا , كالليل والنهار مثلا , فلماذا ينفخ الهواء في محيطات الماء , كما ينفخ براكين النار ؟ ويطفئوهما معا ؟ أم أن الهواء هو المرافق الأثير لكل منهما , بوصفه البرزخ الحاجز فيما بين الحجارة النارية والتربة الغضارية العضوية الحية ؟
من الضروري اعتبار الجدلية المنطقية واحدة في الحياتين ؟ في تعايش المتضادات , وضرورات البيئة المتكاملة , وتكافؤ الخير والشر , لا مساواتهما , كالقول الشعبي المتعادل : مثلي مثلك , وحقوقنا هنا أو هناك لم تأت عبر مصادفة وجودية , فلنعترف ببعضنا البعض بالرغم أو بالأمر الواقع , سيان.
في منطق الحياة الابتدائية , تجدد مستمر في تعاقب الموت والحياة في وحدة متوافقة ومتضادة ومتناقضة , على التسلسل المنفصل أو المتصل , لايمكن مكاملتها في المساحة الماضية ولا المستقبلية , والحاضر مخنقتها , ومصدر معاناتها وآلامها , فالماضي والمستقبل مرتهن حاضرا , فالحياة الابتدائية بين حدين هما الموت والموت ,فهل الحياة الأخيرة ستكون نفيا لها بمعنى أن الموت هو الحد الأوسط بين حياتين , هل يبدو ذلك منطقيا , بل هل يوجد أصلا منطق قادر على مضغ مثل تلك القضية ؟.
هل العقل مصادر أصلا في منطق الحياة الأخيرة , في القضية حياة ولكن بدون موت , الحياة بلا موت , وهذا يعني وجوبا انفصال مفهوم الحياة عن الموت , فاللاموت هو اللا حياة , وفقا لمنطق الحياة الابتدائية , أو لا حياة بدون موت , وحين لا يكون للموت وجودا حقيقيا أو رمزيا , فلن يكون للحياة نفس القضية .
لا الكلية للقضية ( مولد فحياة ثم اتصال فموت , حين تدق المسامير بالنعوش , يكون الموت هو حقيقة الحقائق , الشاعر العبقري ت. س .اليوت) , فالموت هو الحد الأوسط تاريخيا , وسيبقى المجاز والحقيقة ملتحمين بدون سبق , دون امكان تحديد البرزخ الفاصل بينهما , فالسلسلة ستعتبر منتهية في منطق الحياة الأخيرة , ولاستمرار الحياة , من الحياة الى الحياة , والوجود بلا عدم , فقد يحتاج الكسيح الى عصاه , والأعمى كذلك , في سلسلة لانهائية من مفارقات منطق الحياة الابتدائية .
وللمقالة بقية ...
احمد مصارع
الرقه - 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل كان حزب الله يخطط لتكرار -السابع من أكتوبر- على الحدود ال


.. اللبنانيون يهرعون إلى المستشفيات للتبرع بالدم بعد القصف الإس




.. عاجل| حزب الله: ننعى القائد الجهادي الكبير إبراهيم عقيل


.. حرائق في الجولان المحتل بعد إطلاق صواريخ من لبنان




.. تحقيقات جارية فى 4 دول والكل يتبرأ من تورطه في -هجوم البيجر-