الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوهر الأحزاب الكردية في سوريا

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 9 / 15
القضية الكردية


تخبّط في التوجهات واليقين والمؤدى النقدي تعيشه الأحزاب الكردية وهي تحتكم أكثر إلى مواقعها الرئيسة التاريخية المتوقفة عن العمل , حيث يتم بلا حياء تكريس التصورات الكلّوية وتنسيق المجتمع الكردي وترتيبه بناءً على هندسة يوتوبية تقطع جسورها بالمطلق مع القوى المجتمعية والمجال السوسيوثقافي المفترض .
تسعى الأحزاب الكردية التي تمارس الدوران في الفراغات والمدارات التبريرية والسياسويات المضمرة إلى محاولة نسف مفاهيمها الأدلوجوية المبسطة الممسوخة , لكن ليس بمستطاعها ذلك كونها بمنأى عن نقد نظم التفكير والقيام بإخماد جاذبيتها التاريخية ومحاولة نسفها وتقويضها كلياً .
بين الارتجال النظري وأطياف فلسفة النقد التي تحتاجها هذه الأحزاب بالجملة والمفرق تتكرس أكثر فأكثر إيمانوية ضيقة واعتقادات مطلقة تؤمن بالتجريب السياسي وقوانين التطور ولكنها لا تتحرك لتبديده . بذا يكون ميدان التغير الوحيد هو صياغة بعض الجمل الغامضة على صدر الصفحات الأولى من الجرائد الحزبية.
لكل ذلك لن تعرف هذه الأحزاب البائسة سوى القهقرى والتردي والمزيد من التحصن باحباطاتها وهزائمها . فهي غير قادرة في ضوء ظروف وتجليات ما بعد / 12 آذار / على توليد ميكانيزم جوهري سامي يتعالى على حدود وآفاق الممكن السياسي والواقع المتفسخ يوماً إثر يوم .
وتقفز هذه الأحزاب مجتمعة فوق الواقع العنيد وتتعالى على التاريخ والمبادىْ والفكر وتتحاشى المفاهيم السياسية المختلفة , لتمارس الارتزاق السياسي في أنساق ضيقة تقليدوية ومليئة بالخواء الفكري السياسي .
هنالك اشتقاقات إيديولوجية تنفي أي خطاب فكري معرفي , فتتحول الأحزاب الكردية بذا إلى مجرد نفيرٍ قومجي تارة ونفيرٍ إقليمي تارات أخرى .
ومن محصلة الخطاب الماضوي المتعفن المستسلم إلى اليقين الأعظم , نتحصل نحن الأكراد البسطاء على مزيج من التأخر التاريخي والمجاز اللغوي الهائم بين مدارات الامكان والاحتمال .
هنالك هذيان سياسي يتمرغ ويتمسح بمؤخرة الثوابت الإيديولوجية الدوغمائية التي أشاحت بوجهها عن الواقع الكردي والتاريخ الكردي والمستقبل الكردي .
نحن بحاجة إلى إنتاج خطاب سياسي يمارس فعل القراءة النقدية الواعية لكل الحقول الدلالية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية , وذلك من أجل إضفاء طابع قيمي ومعرفي ومفهومي على كل الإشكالات المتعملقة التي تصادر الأشكال البدئية لوجودنا السياسي والاجتصادي والثقافي .
ونحن بذلك لا نطرح بديلاً أو معادلاً موضوعياً لكل تلك الأحزاب , ولا نطرح – قطعاً – معلبات فكرية ليست موجودة سوى على الصعيد الذهني , ولكننا ندعو إلى عملية المساءلة . مساءلة الذات . مساءلة العقل . مساءلة المستويات الذهنية من أجل الوصول إلى الحدود الدنيا من العقلانية والديمقراطية والمجتمع المدني الحق لئلا نطيل بعد كثيراً في دهليز الخطابات العفوية المقهوية الارتجالية وألا نتضاد ونحن لا نعلم لماذا نتضاد . وألا ننهار ونحن لا نعلم مبررات الانهيار الفجائي .
لأن هذه الأحزاب لم تتحول إلى إطار سياسي للوجود الاجتماعي الكردي , ولغياب الفكر السياسي الحق , الموجه والمفضي إلى المزيد من تنمية خطاب العقل وبلورة مناهج عمل تأخذ بيد جميع التشكيلات الثقافية والسياسية للنأي عن المواقف الشعورية التعميمية المميعة .. صارت الحياة الحزبية والتنظيمية في آفاقها الضيقة هي الهاجس وهي مركز الثقل , فتحولت أية ديناميكية فعل مرتقبة إلى مجرد شطحات في إطار النسق المقفل , ما أسهم في تجريد البنى العديدة من كل مواءمة وآليات حراك وتطوير وفاعلية . فصرنا ويا للأسف مجرد شهود على شلل عضال .
ولأن السياسة فن , لا يجب أن تحتكم إلى علاقاتها الداخلية فقط , بل عليها فتح آفاق لانهائية , والا أنتجت مسوخاً ونحن هنا نكرر عبارة لـ / إدغار موران /.
ثمة حالة انقسام بين الأحزاب الكردية والديمقراطية تتأصل وتتسع الهوة يوماً بعد آخر . وتتحول هذه الأحزاب إلىنوّيات بكر خصبة للمزاعم والاستبداد والوثنية الإيديولوجية .
إن الأحزاب الكردية تعيش خارج إطار نظام العقل السياسي , فكيف ستدلف مشترك المجال السياسي للدولة الوطنية الديمقراطية المرتقبة .
تلكم الأحزاب تتحول إلى معابد بسيطة , لأنها تنافي القواعد المعرفية وفلسفة السياسة .
في أحسن الأحوال يمكننا اعتبار هذه الأحزاب شكلاً ما قبل سياسي يمت بصلات وثيقة مع علاقات التابع والمتبوع والولاء الشخصي المرتبط بفرضية المركز والأطراف الإقطاعية . الأمر الذي يطبع سائر الممارسات الحزبية بالتنافر والعمومية والكليانية .
كان من الممكن لهذه الأحزاب عبر تاريخها المديد أن تحقق قفزات هائلة على طريق تكوين الترجمات العملية الجديرة بالاحترام , المتعلقة بتكوين ونشوء الدولة الوطنية , ولكن يبدو أنها تربط نموها وتطورها وتغيير البنية العقائدية لديها بتغييرات الطرف الآخر / السلطة . وهكذا يتم مواجهة اللاديمقراطية بالأساليب اللاديمقراطية . وتتم مواجهة الاستبداد السلطوي باستبداد حزبي أمرّ وأدهى . وهكذا مثل الدولة الشمولية يتم تجاوز مصائر الأفراد بتقديم حلول مضحكة وغير مثمرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان