الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مليشيات الدولة ودولة المليشيات

سمير عادل

2015 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أرسل احد الأكاديميين سؤال عبر الايميل لي مفاده لماذا ظهرت على الساحة السياسية العراقية عشرات المليشيات الشيعية تصول وتجول في شوارع المدن دون اي رادع، وكذلك البروز الإعلامي لشخص مثل هادي العامري رئيس منظمة بدر؟
بعد غزو العراق واحتلاله في عام 2003 تم تدمير الدولة كجهاز فوق المجتمع التي تظهر نفسها دائما في كل مكان وزمان بأنها المدافعة عن مصالح ذلك المجتمع، ولكنها في الحقيقة هي عبارة عن جهاز قمعي " شرطة وجيش وأجهزة تجسسية مثل المخابرات والامن..الخ" وبغض النظر عن هوية الدولة وماهيتها الطبقية، وتم معها تدمير جميع مؤسساتها السياسية والقانونية. ولقد حاولت إدارة الاحتلال الأمريكي من اعادة بناء الدولة من خلال صياغة اول مؤسسة سياسية التي سميت فيما بعد بالعملية السياسية والتي اسست كما هو معروف على اسس المحاصصة الطائفية والقومية، الا انها فشلت في مهمتها. وبعد انتقال السلطة السياسية من حكومة انتقالية الى حكومة دائمة التي تسلم بشكل رسمي الإسلام السياسي الشيعي قيادتها اي حزب الدعوة منذ عام 2006، بذل التحالف الاسلام السياسي الشيعي جهود كبيرة لبناء الدولة في العراق وإضفاء الهوية "الجعفرية" عليها على غرار دولة الجمهورية الاسلامية في ايران. الا ان جميع محاولات الإسلام السياسي الشيعي وخاصة الاعمال العظيمة التي قام بها نوري المالكي من حملات التطهير الطائفي، وقمع الحريات والسيطرة على القضاء واطلاق حملة الاعدامات وتمرير مجلس وزرائه مشروع قانون "الاحوال الشخصية الجعفري"..الخ لتأسيس تلك الدولة الشيعية، باءت بهزيمة ماحقة وتوجت بأعلان دولة الخلافة الاسلامية في ثلث مساحة العراق. اي بعبارة اخرى ان اعلان دولة الخلافة الإسلامية هو فاصل تأريخي في القضاء على حلم وتمنيات وطموح الاسلام السياسي الشيعي في تأسيس دولته وتحمل هويته السياسية. ان هذا الفاصل التأريخي دفع المسؤولين في الجمهورية الاسلامية في اعادة ترتيب استراتيجية جديدة في العراق من خلال سيناريو جديد يشبه سيناريو اللبناني او اليمني، وهو تأسيس دولة داخل دولة وهي دولة حزب الله المليشياتية داخل الدولة اللبنانية او دولة الحوثيين داخل اليمن.
ان ظهور دولة الخلافة الاسلامية أدى الى تشكيل خطر حقيقي على المصالح السياسية ونفوذ الجمهورية الاسلامية ليس على صعيد العراق فحسب بل على صعيد المنطقة برمتها. وللقضاء على دولة الخلافة الاسلامية يجب تقديم تنازلات للقوى السنية والعروبية في العراق المدعومة من الخليج وتركيا، والتي لطالما حاولوا تقويضها واقصائها عن الساحة السياسية العراقية. ويعني هذا، التنازل عن تأسيس الدولة الشيعية كمثيلتها في ايران والقبول بتلك القوى بالمشاركة في النفوذ والامتيازات والسلطة من الاسلام السياسي الشيعي. وفي المقابل يجب ايجاد قوة عسكرية محلية على الارض تأمن مصالح الجمهورية الاسلامية. وعليه عملت على اعادة الحياة الى المليشيات التي كانت موجودة وخامدة مثل جيش المهدي وبدر وعصائب اهل الحق او خلق مليشيات جديدة مثل حزب الله وابي فضل العباس وغيرها.
ولم يكن ظهور هادي العامري زعيم منظمة بدر على المشهد العسكري ومن ثم الاعلامي بهذه القوة الا محاولة ايرانية لايجاد زعيم شيعي على الساحة العراقية يتبوء قيادة المليشيات التي جمعت تحت عنوان "الحشد الشعبي" على غرار حسن نصر الله او ملك الحوثيين، ولطالما فشلت خلال سنوات الاحتلال مع مقتدى الصدر الذي بذل معه جهود كبيرة كي يكون حسن نصر الله العراق.
ان تعالي الاصوات في مطالبتها من حكومة العبادي للجم جماح المليشيات لن تجد لها اذان صاغية الا في الجعجعات الاعلامية، لان حزب الدعوة الذي يقود التحالف الشيعي الحاكم على دراية كاملة بأنه لن يكن بمقدوره مرة اخرى في اعادة سيناريو المالكي الذي تحدثنا عنه، ليس امامه اذا اراد الحفاظ على ما تبقى من امتيازات ونفوذ له الا تقوية تلك المليشيات وجعلها العمود الفقري في بقاء التحالف وديمومته السياسية. ولذلك نجد ان المليشيات الشيعية متداخلة مع الاجهزة الحكومية، فتراها مرة تعمل مكان الدولة وتحل محلها ومرة اخرى تستخدمها كأداة في اعادة الامن للمناطق التي يسيطر عليها اعداء التحالف الشيعي او الذين يعبثون بالامن. ان الفارق الجوهري بين سيناريو لبنان والسيناريو العراق هو ان الاول فيه خطوط واضحة وفاصلة بين الدولة وبين مليشيات حزب الله، اما في الثاني فأن الحدود بين الدولة وبين المليشيات تكاد تكون معدومة. وستنصهر تلك الحدود حتى الخطوط الوهمية منها عندما يصوت البرلمان على مشروع الحرس الوطني.
ان القضاء على المليشيات واحلال الامن والسلام لن يكون الا عبر 25 شباط جديد في العراق الذي لا بد من ان يكون شعاره الجديد لا اصلاح العملية السياسية بل انهاء عمرها، وهذا لن يكن الا في توحيد صفوف العمال الذين خرجوا الان الى الشوارع وبالتضامن مع القوى التحررية والشيوعية، التي يجب ان تضع افق الامن والسلام والتعريف بالهوية الانسانية وتأسيس دولة علمانية وغير قومية خارج افق القوى القومية والطائفية والتي سببت افقار المجتمع وخرابه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين المليشيا الكردية؟
علي حبيب ( 2015 / 2 / 16 - 14:09 )
تخلو مقالات سمير عادل ورفاقه من الاشارة إلى ما صنعته اللامليشيات الكوردية في كركوك المناطق العربية ، ففي الوقت الذي تقوم به داعش بتحويل خطوط النفط عن مسارها نحو جيهان يقوم البيشمركة بالمثل مع خطوط نفط كركوك .. ناهيك عن طرد الجيش ةواستغلال الفرصة اثناء ضعف الجيش وتشتت قواه .. اليست هذه ضمن الازمة ام خارجها .. وهل الاستقواء الكردي تحت راية فيلق ( اكسن موبيل ) مجاز في عرف بعض توجهات اليسار ؟؟؟؟ ياسمير عادل


2 - لا تتعجب
عاشق علي ( 2015 / 2 / 16 - 16:27 )
لا تتعجب من منطقي الشيوعي السني هههههههه
تحليل طائفي بغيض يعارض حقوق جل الشعب العراقي الا وهم الشيعة في حربهم ضد اوساخ البشرية داعش وكل من تحالف معها

اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا