الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنطولوجية انسانية الانسان المعاصر

عبد العزيز أكرام

2015 / 2 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


خلف أسوار حضارة منهدة، تتوارى عن الانظار مدينة منكوبة، حتى صارت المشاهد على الشاشة الصغيرة مشاهد معهودة لاتحرك فيها القصص الدرامية التي تحويها شيئا في قلوبنا، فنغدو مجرد نظرة فاقدة لمعناها ولبصيرتها التي فيها تكمن انسانيتنا.
إنني و حين يكون لي فضول في معرفة سبب كل هذا، أجدني جملة اعتراضية يكون حذفها أو إضافتها مسألة غير مهمة لأنها وبكل بساطة لا تؤدي إلى تغير المعنى، كما أجدني أيضا وأنا في مهمة تأمل جثت عارية، قطعة لحم تائهة و ضالة لم تعد تدرك أين تكمن الانسانية؟؟ هل حقا في جسد انسان، أم في مكان آخر مجهول الهوية؟؟

إذا كان الامر حقا مرتبط بجسد إنسانا كما ندعي، فلماذا لا تهتز دواخلنا حين يصادف النظرة مشهد طفل بريئ يلتحف العراء ويلحس بلسانه اليابس نكهة خبز حاف؟؟ لماذا لا أذرف ولو دمعة "البصل" حين أدعي بنفسي أني في أوج الحزن الذي يشوبني كلما أجد بنظراتي الفضولية مكمن الجثت؟؟
المسألة لا تتوقف فقط عند الدعم المادي الملموس، و إنما يكون الدعم المعنوي والتآزر الروحي أهم بكثير من الأول، لأن الروح عبارة عن ملكة معنوية لا تلقى راحتها الكاملة إلا فيما هو معنوي أو ماهو مرتبط أشد الارتباط بالقيم النبيلة النابعة من صميم الانسانية، فنحاول بعدها - كخطوة ثانية- دعم هذا الـتآزر الروحي بما هو ملموس، أي بمختلف الافعال و التصرفات الانسانية التي من شأنها التخفيف من حدة الشخص المعني.

من منا لا تحزنه تلك المشاهد اليومية التي تنم عن أشد أنواع الألم و أبشع الجرائم، وهي ترتكب أمام أنظار العالم في وقت يصبح فيه الصمت سيد الموقف، فتغدو تلك الدمعة الساخنة القادمة من ينبوع الحروب و المشاحنات الشرسة والفقر المدقع، قدرا محتوما يتجسد مفعوله في عروق أطفال سوريا والصومال والعراق أكثر من غيرهم، وهي مسألة لا تهمنا نحن مدعوا الانسانية في شيء، بل المؤلم أن ترى شخصا يقول لك وهو يعلق على المشهد: "إن تلك الدموع التي تزعجنا بها لا تغدو أن تكون مجرد مياه طبيعية عذبة أو فصلا معهودا لابد منه كي تكتمل السنة".
إن الذي حفزني على ممارسة فعل الكتابة، هو هذه الزندقة و النرجسية و"الانسانية المعلبة" التي تكبر فينا يوما بعد يوم حتى صارت شبيهة بسلعة مهزوزة ترتبط قيمتها بقدرتك الشرائية أو بميزان العرض و الطلب...حينها فقط تصبح رحلة البحث عن الانسانية عملا شاقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا