الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللا محسوس أخطر الأنواع

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2015 / 2 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ارتفعت الأصوات في بلادنا، التي تنادى بثورة في الفكر والتعليم والثقافة، وتجديد الخطاب الدينى وتصحيح المفاهيم الخاطئة الشائعة، من أجل محاربة الفكر المتطرف القائم على العنف والإرهاب، مع ذلك لم نشهد شيئا يدل على تقدم نحو تحقيق هذا الهدف، خاصة فيما يتعلق بحياة النساء والقيم الموروثة التى تسلب من المرأة إنسانيتها وكرامتها، يكفى أن تغطى المرأة وجهها بالنقاب لإثبات أنها لا تنتمي إلى الفصيلة البشرية، فالإنسان لا يعرف إلا من وجهه وجه الإنسان هو شرفه وكرامته وشخصيته وملامحه التى تميزه عن الآخرين، إنسان بلا وجه يعنى لا إنسان، وهناك حيوانات مستأنسة مثل القطط والكلاب يعرفها أصحابها من وجوهها. لهذا يكون النقاب نوعا من الإرهاب أو القتل لشخصية المرأة وإنسانيتها وكرامتها وشرفها، النقاب إرهاب مادى ومعنوي، جسمى عقلى روحي، يمارس ضد الكثيرات من النساء المصريات دون أن نعتبره إرهابا، دون أن ندرك أنه عنف ضد عقل المرأة التى ترتديه مجبرة أو مختارة، بل إن إختيار المرأة لإخفاء وجهها أو رأسها اشد خطورة لعقلها، إذ تتحول المقهورة بغيرها الى قاهرة لذاتها، وهذا أشد أنواع العنف، فالقهر الذاتى أو الإرهاب الذى يوجهه الإنسان أو الإنسانة لنفسها، هو أخطر الأمراض النفسية العقلية على الإطلاق، فهل يمكن لامرأة تعتبر رأسها أو وجهها عورة أن تعلم أطفالها التفكير السليم؟ فما بالنا أن تعلمهم مباديء الحرية والعدالة والكرامة؟ هذه المباديء التى نادت بها ثورة يناير ويونيو ويوليو وكل الثورات منذ فترة مضت أعلن وزير التعليم أنه يريد تغيير مفهوم التعليم فى مصر ليتعلم التلاميذ والتلميذات كيف يفكرون. فهل تحقق ذلك وكيف؟ ومن الذى يعلم الأطفال كيف يفكرون؟ لقد زاد عدد المحجبات من البنات الصغيرات بالمدارس الابتدائية، وزاد عدد المنتقبات من الأمهات والمدرسات، فمن يعلم الأطفال كيف يفكرون، إذا كانت المعلمة نفسها لا تعرف كيف تفكر؟
ويكتب الكثيرون عن أن المرأة هى المستقبل، وعن ضرورة النهوض بالثقافة والفكر من أجل التصدى للإرهاب الفكري والتطرف والعنف، لكن هذا النهوض محدود، يرتبط بالخطاب الديني أو التعليم بالأزهر أو تطوير بعض أمور الفقه والتفسير أو البخارى وتاريخ الخوارج والمعتزلة والشورى والدستور ومدنية الدولة وغيرها من الأمور الدينية السياسية العامة، التى لا تتعمق لتشمل الحياة الخاصة أو حياة المرأة والأسرة، قد يعترض بعض الكتاب على نقاب أو حجاب المرأة من الناحية الدينية، أو يحاولون تقديم تفسير متقدم لبعض النصوص القرآنية، لكن نادرا ما يتم التعمق في ظاهرة النقاب أو الحجاب، من الناحية الثقافية والفكرية أو الاجتماعية والصحية، نادرا ما يتم الكشف عن خطورة هذه الظاهرة على عقول النساء والرحال والأطفال، باعتبارها عنفا يقع على المرأة، نصف المجتمع، وبالتالي يقع على المجتمع كله.
هناك من يقلل من خطورة ظاهرة النقاب والحجاب، ويعتبرها حرية شخصية، أو مسألة شكلية سطحية، وقد يربط بعضهم بين السفور والفجور أو عدم الأصالة والتشبه بالغرب، والبعض يعتبر الحجاب أو النقاب دليل العفة والوطنية،
لا شك أن السفور أو الحجاب لا علاقة لهما بالأخلاق أو بالشرق أو الغرب
لكنهم يفرضون على المرأة السقوط فى خندقين: الشرق أو الغرب، الحجاب أو السفور، النقاب أو الماكياج، الحشمة أو التبرج، الفضيلة أو الرذيلة، لا يحدث هذا للرجل، لا يفرضون على الولد تغطية رأسه أو وجهه كما يحدث لأخته البنت، وهذه تفرقة صارخة علي أساس الجنس، أو عنصرية واضحة تنتمى لعصور العبودية القديمة، فكيف نوافق على استمرارها ولا نتصدي لها بعمق حتى اليوم؟ رغم كلامنا الكثير عن كرامة المرأة وحقوقها، ورغم أن جميع الدساتير فى العالم، ومنها الدستور المصري، ينص علي العدالة الكاملة بين الرجل والمرأة؟
ترتبط الأخلاق الحقيقية بسلوك الإنسان وعمله وأفكاره، الرجل والمرأة سيان، لا ترتبط الأخلاق بشكل الملابس، أو بغطاء الرأس، أو باستئصال أجزاء من الجسم، فى عمليات "الختان" الخطيرة.
من سمات الردة الثقافية والأخلاقية (منذ سبعينات القرن الماضي انتشار عمليات الختان والحجاب، ومن سمات العنف والإرهاب تهديد كل من ينقد الحجاب والختان بالقتل أو السجن أو على الأقل الإتهام بالكفر والعمالة للغرب.
واليوم رغم سقوط الأنظمة المستبدة، مدنيا ودينيا، وارتفاع الأصوات ضد العنف والإرهاب، فإن مفهومهما ظل محدودا، يرتبط بالمجال العسكري والبوليسي، أو التحرش الجنسي، لم يتسع مفهوم العنف ليشمل التحرش الفكرى الثقافى بالمرأة، وهو العنف الموجه ضدها لإخفاء وجهها ورأسها بالحجاب أو النقاب، الإخفاء هو إلغاء الوجود، امرأة بلا وجه أو بلا رأس، هي إنسان مبتور الوجه أو مقطوع الرأس، وهل هناك عنف أشد من هذا؟ نشهده كل يوم دون أن نراه، أو نشعر أنه عنف، بل إن المرأة نفسها لا تشعر به، أخطر أنواع العنف هو اللامحسوس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتفاضه
على سالم ( 2015 / 2 / 18 - 02:28 )
الاسلام يعتبر اساس كل هذه الكوارث المجتمعيه والرده والتخلف والفكر العقيم ,لن ينصلح حال مصر ابدا الا بأقتلاع الاسلام من جذوره والقضاء عليه نهائيا, رأيت منذ فتره فيديو للنائب المخبول محمد العمده ايام نظام مبارك الزنيم البهيم وهو يهدد بأنه سوف يقوم بالاعتصام المفتوح فى مجلس الشعب مطالبا بختان جميع نساء مصر ووضع قانون الختان الاجبارى


2 - المنقّبة و حاسّة الشم
عاد بن ثمود ( 2015 / 2 / 18 - 13:35 )

النصوص الدينية غير قابلة للتجديد، لأن أي مساس بها يسمى بدعة.
أتعجّب عندما أرى جَحفلاً من المنقبّات في تظاهرة من التظاهرات، كيف تتمكن إحداهن من العثور على صديقة لها تاهت منها وسط الزحام و هذا الكم من الأجساد المعبّأة المتشابهة؟ هل تصبح حاسة الشم مثلاً أكثر حِدّة لدى المنقبات ؟

مع أسمى عبارات التقدير لأستاذتنا نوال، منارة الفكر المُزهِر.


3 - اللامحسوس
ناس حدهوم أحمد ( 2015 / 2 / 18 - 17:35 )
سيدتي الكريمة نوال
نحن في العالم العربي نعاني أزمة إنسانية وروحية وسياسية واجتماعية واقتصادية
أزمة خانقة ومدمرة وتحولنا إلى خطر وكارثة على غيرنا من الأمم بعد أن كنا مجرد سخرية لهم يضحكون منا كلما تحدثوا عنا

قلمك العظيم ياسيدتي الرائعة لا يكتب إلا ا لمنطق وا لحكمة يكفى أن تغطى
المرأة وجهها بالنقاب لإثبات أنها لا تنتمي إلى الفصيلة البشرية، فالإنسان لا يعرف إلا من وجهه وجه الإنسان هو شرفه وكرامته وشخصيته وملامحه التى تميزه عن الآخرين، إنسان بلا وجه يعنى لا إنسان
هذا كلام منطقي وحكيم لا يمكن أن يتنكر له إلا لئيم وجاحد وأحمق
كيف يمكن لهذه السيدة المنقبة أن تتوهم بأن وجهها عورة ؟
أقول لها أنا
بأن وجه المرأة مقدس نفحها به الخالق لكي ترفعه نحو نور الشمس
وليس لكي تغطيه خوفا من رجل مكبوت متوحش
إطمئني ياسيدتي فذلك الرجل القريشي القديم لم يعد بيننا الآن فأنت اليوم تعيشين بين رجال ونساء متحضرين يحترمون أنوثتك وشرفك وكرامتك
إنك لست في السعودية


4 - تكرار الممارسات والإعتياد
فؤاده العراقيه ( 2015 / 2 / 19 - 15:58 )
ترتفع دوما الأصوات تنادي وتنادي ولا من مجيب ولا من آذان ,الرجال تنادي بحرية المرأة وتتسابق بالشعارات وهم أول القامعين لها في بيوتهم وعقولهم , وهذا ما يبرر إزدياد نسبة النساء المحجبات ,بل وحتى المنقبات
التجهيل هو الأخطر واعتياد المفاهيم والتكرار دون التفكير والسؤال , دون إحساس ,واعتياد الممارسات دون التفكير بها باعتبارها مطلقة هي من تعترض طريق حرية المرأة , وكل من نادى بالحرية ربطوها بالانحلال , وصارت المرأة يأما عارية يأما منقبة , كذلك قُسمت الفئات إلى ملحدين ومؤمنين ,بالرغم من ان الإلحاد والإيمان وجهان لعملة واحدة كما هو الحجاب والعري , نحتاج للطرق على هذه العقول لغاية ما تلين وتتفتح للشمس لتنيرها
جزيل الشكر لما تكتبين , ولمناصرتكِ كل المظلومين


5 - تكرار الممارسات والإعتياد
فؤاده العراقيه ( 2015 / 2 / 19 - 16:20 )
ترتفع دوما الأصوات تنادي وتنادي ولا من مجيب ولا من آذان ,الرجال تنادي بحرية المرأة وتتسابق بالشعارات وهم أول القامعين لها في بيوتهم وعقولهم , وهذا ما يبرر إزدياد نسبة النساء المحجبات ,بل وحتى المنقبات
التجهيل هو الأخطر واعتياد المفاهيم والتكرار دون التفكير والسؤال , دون إحساس ,واعتياد الممارسات دون التفكير بها باعتبارها مطلقة هي من تعترض طريق حرية المرأة , وكل من نادى بالحرية ربطوها بالانحلال , وصارت المرأة يأما عارية يأما منقبة , كذلك قُسمت الفئات إلى ملحدين ومؤمنين ,بالرغم من ان الإلحاد والإيمان وجهان لعملة واحدة كما هو الحجاب والعري , نحتاج للطرق على هذه العقول لغاية ما تلين وتتفتح للشمس لتنيرها
جزيل الشكر لما تكتبين , ولمناصرتكِ كل المظلومين

اخر الافلام

.. أغنية خاف عليي


.. مخرجة عراقية توثق معاناة النساء في عملهن بمعامل الطابوق




.. بعملهن في المجالات المختلفة تحققن اكتفائهن الذاتي


.. سناء طافش فتاة فلسطينية شهدت العديد من الحروب




.. سندس صالح، إحدى المتدربات في مركز الإيواء