الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لست وحيداً أيها المتنور

كايد عواملة

2015 / 2 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ كنت طالباً في الجامعة الأردنية عام 2003 وأفكاري كلها معلنة، وكثيراً ما شُتمتُ في ظهري عليها.
حينها، لم أعثر على شخص واحد يشاطرني فكري، أحياناً كنت أشعر بأني وحيد، رغم أني كنت أعرف الكثيرين، كنتُ أناقش وأناقش لساعات، وكم كان النقاش لذيذاً.
أنا لا أنكر وجود بعض المضايقات كتهديد بـ "قتلة" وبعض الشكاوى من الطلاب على الشعر أو تمزيق بوسترات أمسياتي الشعرية أو نزعها والدعس عليها، وأحيانا كنت أجد بعض العبارات مكتوبة على البوسترات فذات مرة وجدت علامة Xمكتوبة على اسمي وكتب تحته:
"إن السرابَ كما تدريهِ لمّاعُ".. ولا زلت أحتفظ بهذا البوستر إلى اليوم.

ربما كان وجودي مضايقاً للبعض.. فأحد طلاب الهندسة كان يخاف مني ويغير طريقه عندما يراني، وانضم إليه ذاك الطالب السعودي الذي لا أنسى تعابير وجهه وهو يكتشف للمرة الأولى في حياته أن هناك أشخاص لا يؤمنون بوجود الله يعيشون على سطح الكرة الأرضية، صديق لي أخبرني أنه غير الجامعة بسببي، لا أدري سبب هروبهم.. ربما كان لاعتقادهم أني "ملبوس".

كان لي صديق مثقف كنت كثير النقاش معه، وكم احتد صوت نقاشنا في كفتيريا الجامعة..
إلى أن رأيته في أحد الأيام قادماً باتجاهي من بوابة الجامعة وقرب برج الساعة نزل على ركبتيه أمامي وضم يديه وقال لي: آمنت بك أيها الرب. وضعت يدي على رأسه وقلت له : لقد قبلت توبتك فانهض أنا لا أحب العبيد..
كان المشهد كله مزاحاً.. ولكني شعرتُ بالفرح لهذا المتنور الجميل.
هذا المتنور الذي صار أكثر نقاشاً مني وكان يحتد لدرجة أنه تعرض للضرب من صديق آخر لنا بسبب نقاش ديني، هذا الأخير الذي كان عائداً من العمرة في حينها ومشحوناً دينياً وهو نفسه الذي يسير اليوم على درب التنوير أيضاً وبجرأة واندفاع لا يقلان عمن ضربه قبل سنوات.

هناك آخر كنت أعرفه أيام الجامعة انقطعت أخباره لألتقيه قبل قرابة سنتين وقد أصبح محاضراً في جامعة أمريكية سكت قليلاً وقال بابتسامة عريضة بأنه أصبح متنوراً مثلي..

تخرجت من الجامعة وبدأت أعمل لأكتشف أنني لم أكن وحيداً كما كنتُ أعتقد ولكني اكتشفت أن الكثيرين يخفون أفكارهم خوفاً على مصدر رزقهم أو قبولهم الاجتماعي، وهم أكثر مما كنت أتخيل بكثير وهم في كل مكان وفي كل قطاع، منهم من تمت محاربته وخسر عمله بسبب أفكاره، أو من تعرض لمضايقات اجتماعية، ومنهم ما زال متخفياً كصديقي الذي كان سلفياً حين عرفته أيام الجامعة.

أعترف بأني خسرت الكثير من الفرص بسبب ما أحمله من أفكار، ولكن لم أندم لذلك قط ففي كل الأحوال ماذا ينفع الإنسان إذا كسب العالم وخسر نفسه.

إن كنت متنوراً فلا تيأس ولا تعتقد أبداً أنك وحيد هنا، ولا تفقد الثقة بكلمة تقولها أو تكتبها، إن للكلمة أثر ولو بعد حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإلحاد ميتافيزيقيا
باحث ( 2015 / 2 / 18 - 21:34 )
يستحيل تجاوز جدار بلانك، فكيف تُلحِد؟ .
تخيل أنك داخل قصر منيف يا أيها الملحد ، وتعيش عمرك كله داخل هذا القصر، ويستحيل طبقاً لقوانين ذلك القصر أن تتجوز جدران القصر لتطلع على ما في خارجه، هل الموقف العقلي والمنطقي السليم أن تُنكر وجود صانع لذلك القصر؟... نحن في كون مُعد بمنتهى العناية والمعايرة الدقيقة fine-tuned universe ويستحيل تجاوز جدار بلانك والتي تعني جدران الكون، فيستحيل علمياً معرفة ما قبل (الهيجزات الأولى) ولا ما قبل (ثابت بلانك الزمني)، الذي يعادل 10 أُس -37 ثانية، هل من المنطقي أو العقلاني أن نقول أن الكون بلا صانع؟... اليس هذا قول غيبي معارض لضبط الكون ومعايرته الدقيقة ووجوده في حد ذاته؟ .

الآن, مالفرق بين المؤمن و الملحد في الكلام الغيبي؟ .

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال