الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها المَغارِبة..ألاَهل بَلَّغْت فاشهدوا!

أسامة مساوي

2015 / 2 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لمن يسأل عن مصدر هذا الصبيب الهائل من العنف الذي تبثه وتمارسه داعش دون هوادة...

أقول وأتحمل مسؤوليتي الكاملة في هذا القول,إن مصدره القرآن والسنة المحمدية..

مصدره كتب المُتَقدِّمين من علماء المسلمين ك’’ابن تيمية’’ وتلميذه ’’ابن القيم الجوزية’’ و’’ابن حزم’’ ,ابن حنبل والإمام مالك والشافعي...وكل المفسرين ك’’ابن كثير’’ والطبري والقرطبي والذهبي..إلى كِتاَب ’’فقه السنة’’ للسيد سابق(وهو بالمناسبة كتاب معتمد حتى لذى طلبة الشريعة والدراسات الإسلامية ببلادنا)!

فمثلا عن مسألة جواز قتل المدنيين من النصارى(كما حدث مع أقباط ليبيا) أو اليهود ,فلها باب ’’فقهي’’ مُفْرَدٌ لها عند جميع الفقهاء المسلمين المتقدمين دون استثناء!

فهاهو مثلا ابن القيم الجوزية في كتابه ’’زاد المعاد’’ يقول : "كان هَدْيُه صلى الله عليه وسلم أنه إذا صالح قوماً فَنَقَضَ بعضُهم عهده، وصُلْحه، وأقرَّهم البَاقُونَ، ورضُوا به، غزا الجميعَ، وجعلهم كُلَّهُم ناقضين، كما فعل بِقُريظة، والنَّضير، وبنى قَيْنُقَاع، وكما فعل فى أهل مكة، فهذه سُـنَّته فى أهل العهد" أي أهل الكتاب من النصارى واليهود.

والأدهى من ذلك أني وجدت في كتاب صحيح البخاري حديثا نبويا يبيح الإغارة على الأعداء وهم بيات(نيام)ويبيح قتل ذراريهم أي عيالهم وحتى نسائهم!

وهذا هو الدليل: ’’سُئل الرسول(ص) عن أهل الدار من المشركين يُبَيِّتون,فيصاب من نسائهم وذراريهم,فقال: هُمْ مِنْهُم.’’ (حديث صحيح رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير المجلد الرابع ص 73 ومسلم في كتاب الجهاد والسير ورواه أيضا أبو داود في كتاب الجهاد ورواه أيضا البييهقي في كتاب السير....وآخرون).

وقد شرحه الإمام الشافعي(وغيره) فقال: إن النهي عن قتل نسائهم وصبيانهم,إنما هو في حال التمييز والتفرد,أما البيات (أي الليل) فيجوز وإن كان فيه إصابة ذراريهم ونسائهم..! (عن كتاب فقه السنة للسيد سابق المجلد الثالث ص 259)!

وأما عن من سَبَّ الرسول فقد أجمع الفقهاء الأولون بما فيهم الإمام مالك الذي نحن على مذهبه في المغرب,أجمعوا على أن من فعل ذلك يقتل ولا يستثاب!

أي يجب قتله كما وقع مع صحفيي ’’شارلي إيبدو’’...بالرجوع-مع كامل الأسف- لابن حزم وابن تيمية وابن القيم الجوزية,ومحمد ابن عبد الوهاب وأيضا الإمام مالك,وهؤلاء ’’علماء كبار’’ ينطلقون بدورهم من القرآن والسنة أثناء بنائهم للأحكام الفقهية!

وهم علماء مشهود لهم عند أهل السنة يأخذون عنهم في كل شيئ,فكيف لا يأخذ عنهم الداعشيون في ما يسمى ب’’فقه الجهاد’’؟!

وقد تبث في صحصح البخاري ومسلم أن الرسول قد سَمَلَ(فقأها بحديد محمى على النار) أعين ’’العرنيين’’ بالحديد المُحَمَّى وقطع أيديهم وأرجلهم بعدما ارتدوا عن الإسلام وسملوا هم أعين راعيه بالحديد المحمى. ويقول المفسرون أنه فعل هذا من باب القصاص.

وكذلك نعرف مسألة حرق أبابكر لفجاءة بالنار حيا بعد أن كان زعيم لصوص,وكذلك فعل خالد ابن الوليد...وقد برر جميع فقهاء السنة مسألة الحرق أو سمل الأعين بالنار أو تقطيع الأوصال من باب العمل بالآية القائلة : ’’فَمَنِ اعْتَدَىٰ-;- عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ-;- عَلَيْكُمْ ۚ-;- وَاتَّقُوا اللَّهَ..’’.

وقد وجدنا أن حرق داعش للطيار معاذ الكساسبة حيا كان له مايبرره من فهمهم للشرع,بل من فهم علماء السنة المتقدميين والمتأخرين للقرآن والسنة,بعد أن حملوه مسؤولية قصف تجمعاتهم بالنار من طائرته!

ألا يبدو لكم من خلال هذه اللمحة السريعة أن ذلك العنف الهائل الذي تمارسه داعش إنما مصدره نصوص دينية وتفاسير لكبار علماء ’’أهل السنة’’ خاصة المشهود لهم عندهم بالصلاح والعِرفان؟

وحتى لو تركنا السنة ورجعنا للقرآن نفسه,فسنجده كذلك مزدحم عن آخره بالآيات التي تحرض على ’’الجهاد’’ وضرب الرقاب والأعناق و ’’القصاص’’ ومقاتلة ’’المشركين’’ دون التفريق بين مدني أو عسكري بشرح المفسرين أنفسهم!

جاء في القرآن : ’’فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم..’’(سورة التوبة).

وقال ابن كثير في تفسيره : ’’وقد جاء في الصحيحين (البخاري ومسلم)عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة...’’.

وأضاف : وكذلك جاء في حديث آخر قوله صلى الله عله وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله,فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه,وحسابه على الله..(صحيح البخاري ومسلم).

وعن أنس , أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، واستقبلوا قبلتنا ، وأكلوا ذبيحتنا ، وصلوا صلاتنا ، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها ، لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم . (رواه البخاري في صحيحه).

ألا يُفهم من كل هذه الأحاديث أن الرسول كان يقاتل كل من لا يُسلم؟ وحتى إن وُجِدت آيات في القرآن تعارض هذا الفعل فإن هناك آيات أخرى تبيحه(وفهمها له فقهه المعتمد عند أهل السنة) كما أن التاريخ الأسلامي يؤكد-بما لايدع مجالا للشك- أن الرسول ومن بعده أبا بكر قاتل قوما منعوا الزكاة وهم مدنيين وليسوا عساكر!

ألا ترون معي أنه للداعشي ألف مبرر ومبرر لكي يزيد في صبيب عنفه وتقتيله وحرقه وذبحه للمدنيين والعسكريين دون هوادة ولا أدنى شفقة او رحمة؟ ألا ترون معي أن الإسلام-نصوصا وتفاسرا وفقها- يشكل المرتع والمرجع الأول والأخير لهذه الممارسات؟

ألا ترون معي أن من سيحاول نزع تاريخ الإسلام عن الإسلام-بدأ من بداية الرسالة مع نبي الإسلام إلى الخلفاء- تماما كمن يحاول الهروب من ظله؟

من لم يصدقني فليراجع صحيح البخاري ومافعله الرسول بقوم بنو النظير وبني قريضة وبني قينقاع وهم من أهل الكتاب,لقد حاصرهم مدنيين وغير مدنيين وضرب أعناقهم,لمجرد أن فريقا منهم أخلفوا العهد. ومن أراد منكم أن يكون مجتهدا غير مقتصد فليراجع كتاب ’’الصارم المسلول’’ لابن تيمية، وكتاب ’’أحكام أهل الذمة’’ لتلميذه ابن القيم الجوزية وكتاب فقه السنة للسيد سابق وتفاسير المتقدمين دون استثناء.

وهي كُتب توجد على رفوف مكتباتنا في كل المدن.
فهل حقيقة نكون قادرين على مواجهة هذا الفكر المتطرف والتصدي له في ظل وجود هذا الكم الهائل من المصادر والمراجع والفتاوى القديمة والحديثة,بل والنصوص القرآنية والسنية؟

أنا شخصيا في حيرة من أمري في هذا الباب,بل حتى ذاك الشعار الكلاسكي الذي كان بعض المفكرين العرب قد رفعوه في مشاريعهم الفكرية الإبستيمولوجية أثناء اشتغالهم على الثرات الإسلامي(عابد الجابر,محمد أركون,هشام جعيط,عبد الله العروي,حنفي...) والذي كان مفاده أن ’’الثرات يحتاج لتنقية شاملة’’ أو ’’قطيعة’’ معه.. لا أظنه شعارا واقعيا على الإطلاق,لأن الحديث عن هذه التنقية أو الغربلة سيجعلنا أمام مغامرة كبيرة تقودنا إلى التطويح بكل النصوص القرآنية التي تحمل حس القتال ناهيكم عن الأحاديث التي تتنبأ بمعارك النهاية التي تسبق قيام الساعة (أحاديث النهاية للمحقق الألباني) بل نكران السنة جملة وتفصيلا والإبقاء على آيات دون آيات من القرآن,وهذه مسألة ستقودها الأهواء والمطالب المرحلية البرجماتية أكثر مما تقودها أحكام المتقدمين ومذاهبهم.

أما مسألة ’’القطيعة’’ مع الموروث كما قدمها ’’المفكر المغرب عبد الله العروب’’ فالحديث عنها ضرب من الوهم والخيال بل الجنون,وفيها الكثير من النزقية والتنطع,بل هي أشبه ما تكون بشطحة فكرية كما كان يحلو لعابد الجابري أن يصفها حينما ينتقد العروي, مدام الدين متجدر في الأخبار والوراثية لهذه الأمة بل في أختياراتها وهويتها.

فما الحل في نظركم أو ما العمل في ظل تنامي هذا التطرف الزاحف زحفا إلينا؟ هذا التطرف الذي أنا جازم أن له من القوة والإغراء الكافيان على جذب عقول أبنائنا إن بقينا على ذات الخمول وذات السياسة؟ هل سنقف هكذا نتفرج وهاقد لاحت آمارات تشعشع رأسه في الأوطان المغاربية (ليبيا)؟ ألم تؤكد المقاربة العسكرية معه,فشلها الذريع في سوريا والعراق وليبيا ومصر؟ ألا نملك خطة ورؤى علمية نابعة من هويتنا لمواجهته واحتوائه بدل إسلام مفاتيح بيوتنا للعم سام (أمريكا)؟

أؤكد وأقول أن المسألة تستدعي حالة استنفار على جميع الأصعدة عدا الأمنية العسكرية التي توفر المرتع والحاضنة لهذا الفكر لكي يتحول من مستواه النظري إلى البراكسيس!

ألا هل حَذَّرت فاشهدوا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد بلغت
جابر بن حيان ( 2015 / 2 / 19 - 21:28 )
لقد بلغت جزاك العقل خيرا لكن هناك من يقومون بعكس ما قلته وينشرون الفتنة والتحريض على مراى ومسمع من الجميع مثل النهاري فهو وامثاله ينفثون سمومهم في كل مكان ولن يهذا لهم بال حتى يرونها كما يريدون والدولة مشغولة عنهم بالبحث في كتابات على السطوح لمراهقين كما وقع في تازة

اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت