الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل السُّنة وحي كالقرآن ؟ [ج2]

الطيب آيت حمودة

2015 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


°°°هيمنة السنة

°°المتصفح لكتب التراث ، يجد صعوبة كبرى في الوصول إلى دقة المعلومة وصوابها لغياب الوثيقة التي تعد الدليل الأكبر للخبر ، فمعظم الأحداث الإسلامية الكبرى لا نجد لها نصا أصليا ، فأين [ وثيقة صلح الحديبية ] ، وأين وثيقة [دستور المدينة ] وأين الوثيقة الأصلية [ للعهدة العمرية ] ........ الخ .

°°فكتبنا التراثية تستند بالأساس على الإسناد الخبري والعنعنة ، بما فيها من عيوب ، وما يدور حولها من شكوك ، وكل ما ينبني على ظن مآله التصدع والإنهيار لأنه مبني على أسس واهية مظنونة ، فتقليب الصفحات بين الكتب يبين أن اختلافات كبرى شابت الفكر الإسلامي وقلما يجمعون على شيء واحد ، فعلم ( الجرح والتعديل) ، له هفوات ، فهو يركز على عدالة الرجال وإهمال متن ما قاله الرجال ، والصواب هو وزن المتون قبل وزن الرجال ، لأن القاعدة الفقهية تقول [ أعرف الحق تعرف أهله

°° بدأ تدوين السنة متأخرا جدا على تدوين القرآن ، فإن كان القرن الثالث الهجري هو زمن التهافت الحديثي ، فإن القرن الأول والثاني الهجريين كانا فيه التهافت القرآني الذي ملأ الأفاق الإسلامية ، فلم يكن للحديث النبوي سوى البينة والسند المعرفي لتوضيح أبعاد الآيات القرآنية ومضامينها البعيدة ، غير أن انقلابا برز في الأفق بعد بروز اجتهادات أولت عناية فائقة للحديث[ القولي ] و[الفعلي] و[التقريري] فتضخمت المنظومة وأنتجت متونا عرفت بالصحاح والمسانيد .

°°°التمكين للسنة .

التمكين للسنة تشريعا أنتهج سلوكا متناميا في الإستقلال والهيمنة ، فقد كانت في الأول [ مهادنة ] مسايرة للنص القرآني تشرحه وتوضحه وتبرز مبهمه ، ثم تطورت لتكون [مساوية ] للقرآن في المنزلة ، وسرعان ما حدثت طفرة نوعية ونزق ظاهر في محاولة الفوز بمرتبة أعلى من القرآن في التشريع ، وهي ما يمكن تسميته بطفرة [السنة قاضية على الكتاب ؟] .

وقد أورد ابن القيم أن علاقة السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:

أحدها : أن تكون موافقة له من كل وجه ، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتظافرها .

الثاني : أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرا له .

الثالث : أن تكون موجبةً لحكم سكت القرآن عن إيجابه، أو محرمةً لما سكت عن تحريمه.


1) توافق السنة مع القرآن .
فهو تطابق وتوافق في المعنى والمبنى بين القرآن الرباني والسنة النبوية ، فالآية
( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ترجمتها السنة الحديثية عن رسول الله قال : (اتـقوا الله فى النـساء فإنـهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم ‏فروجهن بكلمة الله ) .

2) أن تفسر القرآن وتبينه :

فالسنة هنا تلعب دور التفسير والإفهام للنص القرآني ، فهي تبين تفاصيل الأحكام التعبدية (صلاة ، زكاة ، صوم ، حج) ، وتزيل الإبهام عن بعض التعابير القرآنية مثل الظلم الذي استشكله الصحابة في الآية ( الَّذِينَ آمَنُواْ ‏وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ) وبينه الرسول بأنه [الشرك]، أو انها تقيد المطلق كما في حكم قطع يد السارق اليمنى من الكوع لا المرفق، ...... الخ .


3) أما النوع الثالث فهو زيغ واضح وتعد مفرط على صلاحيات المشرع [الله] ، فقد سار هذا الرأي عكس التوجه القرآني ، فإن كان الوفاق ظاهرا في نوعي التطابق والتوافق والإفهام والتفسير ، فإن غلوا برز في تكشير السنة لأنيابها ليس تساويا مع القرآن ، وإنما استقلالا بالتشريع ، وجعل السنة قاضية على القرآن مثل ماورد عن أبي إسحق الفزاري عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال :السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة (أنظرمسند الصحابة في الكتب التسعة ـ جزء52 الصفحة 206)
، والسنة ناسخة لإحكام القرآن مثل [ومذهبنا أن السنة قد تنسخ القرآن ؛ لأن كل واحد منهما من عند الله ينسخ ما شاء منهما بما شاء منهما ولأنا قد وجدنا كتاب الله قد دلنا على ذلك ، وهو قوله فيه : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم (النساء 15) ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك( خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) أنظر مشكل الآثار للطحاوي ــ جزء1 الصفحة 256

، وبلغ الإستقلال مبلغه حتى صارت أحاديث الأحاد الظنية ناسخة لكلام الله ، والسنة مستقلة بالتشريع ، وبلغ الشطط أن قيل بأن من لم يتبع السنة فقد كفر .

النتيجة : السنة التي حاربها الجيل الأول من الصحابة حتى لا تختلط بالقرأن وتنافسه ، استرجعت أنفاسها في العهدين( الأموي والعباسي ) لأنها سبيلهم لتمرير أمانيهم التي عجزوا عن تمريرها أما م صلابة القرآن الذي تكفل الله بحمايته من عبث العابثين ، فضربوه بالسنة لتمرير فكرهم البشري السياسي ، فتطورت السنة من مواكبة للقرآن وشارحة لمضامينه إلى مساوية له ، ثم قاضية وناسخة له .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah