الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المواقف الحرجة هل تنفعل أو تتفاعل؟

ماريا خليفة

2015 / 2 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما تجد نفسك في وضع حرج هل يسيطر عليك الانفعال؟ عليك أن تسأل نفسك: هل أنفعل في المواقف الحرجة أم أتفاعل؟ الجواب عن هذا السؤال سيجعلك تحدّد الخلل في سلوكك أثناء الأزمات.
هل سبق أن راقبت موقفاً ما وتوصّلت إلى قرار بشأنه، غير أنك اكتشفت لاحقاً أنّك كنت مخطئاً بالكامل في تقييمك؟ هل يوقعك انفعالك السريع في المشاكل؟
لقد تلقت مساعدتي رسالة سامة من جارتها تتّهمها فيها بالتنصّت إلى حديث خاصّ كانت تجريه على الهاتف ثمّ بنشر شائعات مسيئة عنها في الحيّ كلّه. أكّدت لها مساعدتي أنها بريئة من هذه التهمة لكنها لم تصغي. وتبيّن لاحقاً أنّ صديق تلك الجارة هو من قام بنشر الشائعات ولم يكن يتحلَّى بالشجاعة الكافية ليخبرها الحقيقة عندما كانت تكتب الرسالة إلى مساعدتي .
لم يكن ليخطر لتلك الجارة المسكينة أن صديقها هو من نشر الشائعات عنها، فلا بدّ أن أحد الجيران قام بهذا العمل السيئ، أليس كذلك؟
طبعاً لا! فتلك الرسالة الاتهاميّة المليئة بكلمات التجريح كُتبت بانفعال ثائر وقناعات خاطئة. ولم تكن تلك الحالة بحد ذاتها هي التي أدّت إلى القناعات والاتّهامات المذكورة في تلك الرسالة. بل القناعات الخاطئة هي التي أنتجت الأفكار لدى كاتبة الرسالة، والأفكار أثارت الانفعالات التي تحوّلت إلى كلمات وأصبحت بعدئذٍ سلوكاً انفعالياً.
استكمالاً لأحداث القصّة، قامت جارة مساعدتي، التي تعلم علم اليقين أنّها بريئة من تلك التهمة تماماً، بلقاء السيدة التي أرسلت لها الرسالة وجهاً لوجه. أخبرتها إنّها لا تستطيع أن تسمع المكالمات الهاتفية التي تجريها من منزلها كما أنها حتى لو كانت تسمع لما أضاعت وقتها بالتنصّت على محادثات لا تعنيها. وبعد تلك المواجهة الصريحة سامحت جارتها على ما اتّهمتها به في الرسالة.
يبدو أن النضج الفكري والعاطفي يتأخر عند بعض الأشخاص. حياتنا نفسها هي مدرسة تعلّمنا كيفيّة التعامل مع المواقف التي تُفرض علينا. هل علينا أن ننفعل أو نتفاعل؟ في هذه الحالة، أدّى الانفعال إلى كتابة رسالة الاتّهام في حين أن التفاعل أنتج التواصل الشجاع وجهاً لوجه.
جميعنا رأينا شباباً يتميّز سلوكهم بالانفعاليّة، يقولون: إذا دفعتني أضربك، وإذا صرخت سأصرخ أنا أيضاً وإذا اتّهمتني فسأتّهمك بدوري، وإذا كذبت فسأكذب كذبة أكبر. هذا السلوك الانفعالي والتهوّر ينمّ عن عدم نضوج. حين نتنبّه إلى أنّنا نتصرّف بانفعال يمكننا أن نقرّر عدم اعتماد هذا الأسلوب بعد الآن، واكتشاف طريقة أكثر نضوجاً، وهذه الطريقة هي التفاعل الإيجابي.
لا أحد في منأى عن المواقف التي تسبّب التوتّر والقلق والاكتئاب، لذا فلنبحث عن طريقة للتفاعل معها بنضج عندما تقع. فلنسمّها أسلوب "توقّف، تفكّر، تفاعل". إذا أصابك قلق بشأن فاتورة كهرباء وصلتك اليوم وكانت أعلى مما كنت تتوقّع فتوقف، وتفكّر وتفاعل بدل أن تنفعل. توقّف للحظة وفكّر بما حدث للتوّ: أنا جالس على الكنبة أحمل فاتورة كهرباء باهظة أكثر من العادة. والآن، تفكّر: "فاجأني هذا المبلغ الكبير. أتساءل لم جاءت الفاتورة مرتفعة بهذا القدر؟ هل من المحتمل أنّ يكون العدّاد معطّلاً؟" وأخيراً، تفاعل: "سأتّصل بشركة الكهرباء غداً لأعرف ما هي حقيقة المشكلة".
هذا السلوك يتغلّب على النحيب والصرير الأسنان توتراً، ألا تعتقد ذلك؟
يجب أن تبدأ حالاً بطرح هذا السؤال على نفسك: هل أنفعل أو أتفاعل؟
لقد تعلّمت أن أفكاري هي مصدر انفعالاتي، فأي موقف حرج مهما كان
إذا فكرت به بحزن فسأشعر بالكراهية
إذا فكرت به بغضب فسأشعر برغبة في الانتقام
إذا فكرت به بتعاطف فسأشعر بالرحمة
إذا فكرت به بحب فسأشعر بفرح
إذا فكرت به بأمل فسأشعر بالإيجابية
إذا فكرت به بروح المرح فسأشعر بالمرح
إذا فكرت به بخوف الله فسأشعر بالحقيقة
إذا فكرت به دون تحيّز فسأشعر بالسلام
إذا لم أفكر به أبداً فلن أشعر بشيء!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها